رغم أن حكم المحكمة الإدارية العليا بوقف تنفيذ حكم إبعاد مرشحى «الوطنى» عن الانتخابات البرلمانية القادمة أسدل الستار، وحسم جدل مشاركة أعضاء «الوطنى» فى الانتخابات من عدمه، فإن أحد المصادر القضائية بمحكمة القضاء الإدارى قال ل«التحرير» إن دوائر القضاء الإدارى الخمسين غير ملزمة بالالتزام بحكم دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بعدم إبعاد مرشحى «الوطنى» عن الترشح للانتخابات البرلمانية القادمة. المصدر أضاف أن الحكم الصادر أول من أمس ليس حكما نهائيا وإنما مجرد فصل فى الشق المستعجل من الدعوى، مؤكدا أنه حتى الآن لم تقر المحكمة الإدارية العليا من خلال دائرة الموضوع بها مبدأ قضائيا فى شأن حرمان أعضاء «الوطنى» من الترشح للانتخابات من عدمه، لافتا إلى أن دائرة القضاء الإدارى بالمنصورة مثلا ستصدر أحكاما فى دعاوى تطالب بشطب 19 مرشحا من أعضاء الحزب الوطنى من كشوف المرشحين لانتخابات مجلسى الشعب والشورى، الأحد القادم وليس بالضرورة أن تلتزم المحكمة بحكم دائرة فحص الطعون. لكن حالة الفرح التى عاشها المصريون بحكم المحكمة الإدارية بعدم ترشح أعضاء الحزب الوطنى للانتخابات البرلمانية، سرعان ما تبخرت بقرار المحكمة الإدارية العليا بوقف الحكم، وهو الأمر الذى أزعج مجموعة من السياسيين، الذين قرروا أن يكون الشعب هو الحاكم بديلا عن القضاء. وكيل مؤسسى حزب التحالف الشعبى الاشتراكى عبد الغفار شكر، رأى أن المحكمة هى سيدة الموقف، وأن على الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها وتصدر قانون العزل السياسى، مشيرا، فى تصريحات ل«التحرير»، إلى أن هناك أسبابا استندت إليها المحكمة فى قرارها للحكم الصادر، «الجميع يخوضون الانتخابات، والفيصل هو الشعب». الحقوقى البارز نجاد البرعى قال إن الوضع فى الحكم قانونى، ولا يستطيع أحد مهاجمته، لعدم وجود قانون لعزل أعضاء الحزب الوطنى «المنحل»، معتبرا أن الحكم الأول، بوقف ترشح أعضاء الحزب الوطنى، جاء بعيدا عن العدالة الاجتماعية، بسبب وجود ثلاثة ملايين مواطن كانوا أعضاء بالحزب الوطنى، من دون قانون يميز من قام بإفساد الحياة السياسية، قائلا «مافيش بلد تحل كل مشاكلها فى المحاكم». البرعى أضاف أن ما جعل القاضى فى الحكم الثانى، يحكم بقبول الطعن وإلغاء الحكم الصادر، أنه حكم بناء على قانون القضاء، الذى يفى بعدم وجود قانون يلزم بذلك القرار، بخلاف الحكم الأول، الذى تم بناء على استنتاج سياسى. رئيس نادى القضاة السابق المستشار زكريا عبد العزيز، علق بأنه «لو حكم الثوار لكان أول إجراء يتم اتخاذه هو وضع رجال النظام السابق جميعا قيد الإقامة الجبرية، وكانت الثورة ستبدأ فى وضع قانون لمحاسبة من أفسدوا الحياة السياسية، وكان الثوار سيدافعون عن الثورة بعزل النظام السابق، ولكن لأن الثورة لم تحكم، لذلك تسير الأمور عكس ما تهدف الثورة، وهذه مشكلة أخرى». المجلس العسكرى أضاع، بحسب زكريا، فرصة تاريخية فى قيادته للثورة بعدم إصدار قانون بقرار إدارى يتضمن حرمان رجال النظام السابق من مباشرة الحقوق السياسية، لأنهم أعداء هذه الثورة، وبالتالى سيحاولون إجهاضها لأنها من أسقطت نظاما برجاله، فمن سقط نظامه هو عدو للثورة وهذا العدو سواء كان فاسدا سياسيا أو مشاركا فى النظام السابق يتحمل مسؤولية تضامنية يجب إبعادهم تماما عن النظام الجديد للدولة. لكن نائب رئيس محكمة النقض السابق المستشار محمود الخضيرى، رأى أن العزل الشعبى أقوى أنواع العزل، مطالبا بتوعية الموطنين بما قام به فلول الحزب الوطنى المنحل، مشيرا إلى أنه إذا كان القضاء أعادهم إلى مربع الانتخابات، فالشعب هو من سيعزلهم، مذكرا بأن الشعب أسقط نظاما ينتمى إليه هؤلاء. المحامى والخبير بالنظم الانتخابية إيهاب راضى حمّل المجلس العسكرى مسؤولية عودة فلول الحزب الوطنى إلى الحياة السياسية، بتأخره فى إصدار قانون العزل، لأنه لا يصح العزل إلا من خلال أحكام قضائية جنائية تعوق مباشرة الحقوق السياسية، أو مواد قانونية مثل قانون العزل السياسى، مؤكدا أن حالة الفوضى والارتباك التى نحن عليها الآن سببها الحكومة والمجلس العسكرى.