سألوا هند صبرى بعد إعلان جوائز مهرجان أبو ظبى لماذا لم تحصل على الجائزة وكانت مرشحة لها بقوة؟ وجاء تعقيب هند أنها «أرزاق». هذا التعبير صار هو الأشهر قبل نحو 14 عاما فى الحياة الفنية فى مصر، خصوصا بعد تلك القفزة الرقمية التى حققها محمد هنيدى عام 1997 بفيلم «إسماعيلية رايح جاى»، حيث وصلت إيراداته إلى 15 مليون جنيه، وهو ضعف ما كان يحققه عادل إمام، كان تعقيب هنيدى «أرزاق».. وعندما ظهر محمد سعد بفيلم «اللمبى» عام 2002، وتجاوز إيرادات هنيدى قال سعد «أرزاق».. وعندما سألوا هنيدى كيف تراجعت عن المقدمة الرقمية؟ أجابهم «أرزاق».. ولو سألت نجمى الكوميديا الآن حلمى ومكى عن الأرقام التى حققها الفيلمان «إكس لارج» و«سيما على بابا» لن تجد سوى «أرزاق». هل تتذكرون أوبريت «قِسَم وأرزاق» الشهير ب«السلطانية»؟ سوف أنعش ذاكرتكم: إنها قصة مرزوق العُتقى -الصرماتى- الفقير الذى تضيق به الحال، وكان معه السلطانية التى اصطحبها بسبب غفلته معه، يرى سفينة يقفز إليها، ولا يعرف أين المسير وتأتى رياح تطيح بها وبآماله ويضع السلطانية على رأسه وينجو.. بداية كان ينبغى أن يتخلص من السلطانية حتى لا يغرق، ولكن لزوم الأسطورة احتفظ بتلك السلطانية، التى كانت وش السعد لأن سكان هذه الجزيرة كان زعيمهم يبحث عن تاج يليق به، فأنعم على صاحب السلطانية بكل الذهب والياقوت المتوفر فى الجزيرة.. جاره الغنى محمد الخياط صاحب محل بيع الأقمشة اكتشف حالة النغنغة التى صار عليها الصرماتى من مجرد سلطانية نحاس، فقرر أن يذهب إلى الجزيرة، ومعه كل الملابس المزركشة التى يسيل لها لعاب أهل الجزيرة، فلم يستطيعوا المقاومة، ومنحوه أعز ما يملكون تاج الجزيرة السلطانية.. وهكذا يغنى فى نهاية الأوبريت الموسيقار محمود الشريف، وهو التسجيل الوحيد الذى تحتفظ به الإذاعة بصوته «الدنيا دى أرزاق.. مسيرها لفراق.. سبحان الرزاق». هذه هى الحكاية «اجرى جرى الوحوش.. غير رزقك لن تحوش».. جميل ومطلوب تلك القناعة، ولكن الأمر ليس عشوائيا، نعم الصدفة تلعب دورا فى حياة كل منا، ولكن كما قال أحد الفلاسفة «الصدفة لا تأتى إلا لمن يستحقها». لو تأملت هند صبرى السؤال لماذا لم تحصل على جائزة عن دورها أسماء، ربما تجد أن فى طبيعة لجان التحكيم قواعد بعضها يخاصم المنطق مثل أن الفيلم حصل على جائزتين، ماجد الكدوانى الذى يشاركها البطولة وعمرو سلامة المخرج فصار من المحتمل أن يتم استبعادها على أساس أن الفيلم يكفيه ذلك لتحصل أفلام أخرى على جوائز، وهذه القسمة غير العادلة مطبقة مع الأسف فى كثير من المهرجانات العربية.. سوف تقول لى إذن صدفة، أقول لك بل هو سوء تقدير من لجنة التحكيم.. قفز هنيدى إلى القمة الرقمية، وحقق فى 97 ضعف ما كان يصل إليه عادل إمام، إنها إرادة الناس ورغبتها فى التغيير السياسى، ولأنهم لم يملكوا القدرة على إحداث التغيير فى صندوق الانتخابات على المستوى السياسى استطاعوا تحقيقه على الصعيد الفنى فى شباك التذاكر، وعندما لم يتطور هنيدى وجدوا فى محمد سعد روح كوميديان أكثر إيجابية من هنيدى فى اللمبى، فهو يشارك فى المعارك على عكس كل نجوم الكوميديا بداية من إسماعيل يسن إلى هنيدى، الذين يؤثرون السلامة، ولكن سعد ظل خمس سنوات، وهو لا يثق إلا فى محمد سعد يحتل الشاشة كلها يقدم أحيانا فى الفيلم الواحد 6 شخصيات درامية ولا يمنح لأحد بجواره أى مساحة، ولهذا تراجع عن المقدمة.. بينما ظهر حلمى وهو يرتكن إلى ذكائه وقدرته على أن يقرأ القادم من الأفكار، ولهذا اعتلى عرش الإيرادات منذ 2006 ثم صعد مكى بعدها بثلاث سنوات، وهو يحيط موهبته بذكاء، فصار منافسا شرسا له، وجاء النجمان فى مواجهة حادة هذه المرة، وتفوق إبداعيا حلمى فى «إكس لارج» لأنه تمرد على الإطار التقليدى بذكاء، بينما مكى فى «سيما على بابا» كان تمرده يعوزه الذكاء الفنى، وهكذا حصل حلمى على التاج، بينما كانت السلطانية من نصيب مكى.. إنها معركة مخ، وليست كما يعتقد نجوم هذا الجيل فقط «أرزاق».