إطلاق رصاص وقتل عشوائى لم يستثن نساء أو أطفالا أو شيوخا، واعتقالات واسعة طالت حتى طفلا فى الرابعة من العمر لا يعرف لأى قانون استند قرار اعتقاله، وأعمال تعذيب بحق مدنيين عزل، تجرد مرتكبوها من أى إنسانية، كل هذا لم يكن كافيا ل«تركيع» الآلاف من السوريين الذين خرجوا أمس فى عدد من المدن السورية فى تحد لجيش بشار وقواته الأمنية. الناشطون السوريون اختاروا شعار «لن نركع» عنوانا لجمعة احتجاجاتهم أمس ضد حكم آل الأسد «تأكيدا لجوهر تحركهم المتمثل بالكرامة والحرية»، ورفض الاستسلام لحملات الترهيب والقمع التى يمارسها النظام. لكن قوات الأسد أفطرت مبكرا على دم رجل وامرأة، بحسب المرصد السورى لحقوق الإنسان، بعد أن اقتحمت قوات الأمن فجر الجمعة مدينة سقبا بريف دمشق، فى إطار حملة مداهمات واعتقالات. وسالت دماء 24 شهيدا فى مختلف المدن والبلدات السورية أول من أمس (الخميس) جراء تدخل قوات الأمن السورية فى خطوة استباقية لقمع مظاهرات الجمعة، معظمهم فى بلدة القصير القريبة من الحدود مع لبنان. قوات أمن بشار تواصل بشاعاتها دون أى رادع، ففى الحسكة لم تشفع لامرأة سنها المتقدمة لتلقى مصرعها نتيجة تعرضها للضرب من قبل قوات الأمن لمحاولتها منع اعتقال ابنها، وفى دير الزور قال اتحاد تنسيقيات الثورة السورية إن متظاهرا أعدم ميدانيا بعد تقييده فى ساحة عامة فى المدينة. وفى داريا قتلت قوات الأمن مجندا عسكريا بعد أن رفض إطلاق النار على المتظاهرين. ونظام الأسد يبدو أنه ماضٍ نحو الانتحار ببطء، إذ تواصل قواته القتل وتصر على تصوير المحتجين المطالبين بالحرية على أنهم «جماعات إرهابية مسلحة»، وهى رواية لم تقنع المجتمع الدولى، الذى يكثف ضغوطه على دمشق، لوقف حملتها العسكرية ضد المتظاهرين السلميين. البيت الأبيض جدد القول إن الأسد فقد شرعيته وإنه خسر منذ فترة طويلة فرصته لقيادة المرحلة الانتقالية التى يطالب بها الشعب السورى، وتعهد بفرض المزيد من الإجراءات ضد النظام السورى. والرئيس الأمريكى باراك أوباما الذى -حتى الآن- لم يدع الأسد مباشرة إلى التنحى، أعرب فى اتصال هاتفى مع رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوجان عن القلق البالغ إزاء استخدام القوات السورية العنف ضد المدنيين، وشددا على ضرورة الانتقال إلى الديمقراطية فى سوريا والوقف الفورى لكل أشكال سفك دماء الشعب السورى. ودعت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون الصين وأوروبا إلى فرض مزيد من العقوبات على النظام السورى.