فى طابور طويل أمام مكتب التنسيق، وقف الآلاف من طلاب الثانوية العامة، والدبلومات الفنية، أمس، لتسجيل رغباتهم، أملا فى الحصول على فرصة للالتحاق بأحد المعاهد العليا الخاصة، بعد أن فاتهم حجز مكان بقطار القبول بالجامعات الحكومية والخاصة، وعلى مقربة منهم وقف العشرات من سماسرة المعاهد الخاصة لجذب شريحة الطلاب، الذين قدرتهم وزارة التعليم العالى هذا العام بما يقرب من 100 ألف طالب وطالبة، يبحثون عن نصف فرصة لإكمال تعليمهم العالى، حتى ولو كان ذلك من خلال معاهد تفتقر إلى جميع مقومات أداء الرسالة التعليمية. طابور الالتحاق بالمعاهد العليا، الذى يطول عاما بعد آخر، فى ظل سياسات تعليمية متخبطة تلعب المصالح الخاصة الدور الأكبر فيها، يعد أكبر عقبة فى مواجهة وزير التعليم العالى معتز خورشيد، الذى ظهر حتى الآن مسلوب الصلاحيات فى مواجهة مافيا المعاهد، التى تتفنن فى ارتكاب المخالفات، والنصب على الطلاب تحت نظر وزارة التعليم العالى، بدءا من فرض رسوم إضافية على الطلاب، ومرورا ببيع الشهادات للطلاب، وتعيين أشخاص غير مؤهلين برواتب ضئيلة للتدريس للطلاب، والتلاعب فى النتائج، ووقائع الغش الجماعى، التى تجرى تحت نظر مسؤولى الوزارة، الذين يعتبرون تلك المعاهد فرخة تبيض مكافآت وبدلات، بعد أن تحولت نسبة ال3، التى تُحصّلها وزارة التعليم العالى، إلى مكافآت لمسؤولى قطاع التعليم الخاص بدلا من استغلالها فى تطوير المعاهد. الخطير أن اتهامات التواطؤ مع المعاهد الخاصة طالت رئيس قطاع التعليم الخاص عبد الحميد سلامة، الذى قدمت مستندات ضده مؤخرا للنائب العام، تشير إلى تلاعبه فى تقرير بمخالفات معهد الفراعنة الخاص، وتسليمه إلى إدارة المعهد قبل فتح التحقيق، لتمكينهم من البحث على ثغرات للرد على أسئلة لجنة تم تشكيلها لفحص مخالفات المعهد. تقرير مخالفات المعهد مجرد نموذج يكشف جانبا صغيرا مما يحدث فى المعاهد العليا الخاصة، التى أكد الدكتور فاروق إسماعيل، رئيس لجنة التعليم بمجلس الشورى المنحل، أنه لا جدوى من إصلاحها، وأن هدمها، وإعادة بنائها على أسس جديدة، هو الحل الوحيد لإصلاح منظومة المعاهد العليا فى مصر، ومن بين ما يكشفه تقرير اللجنة «أن إدارة المعهد تقوم بتدريس كتب دراسية، بعضها من دون مؤلف، والآخر مدون عليه اسم نجل صاحب المعهد، دون تقييم تلك الكتب، والوقوف على محتواها العلمى، ومدى صلاحياتها كمادة علمية، وإقامة المدرجات فى أماكن يستحيل التدريس بها، لقربها من مصانع تصدر ضوضاء شديدا، بخلاف إرسال كشوف بأسماء أعضاء تدريس ومعيدين، لا علاقة لهم بالمعهد، بهدف زيادة النسبة المخصصة من الأماكن، كذلك إثبات تزوير أكثر من57 ألف إيصال للتهرب من سداد الرسوم المستحقة عليها للدولة، عن طريق تلقى أموال من الطلاب مقابل إيصالات غير مختومة بشعار الجمهورية، وبأرقام متكررة. المخالفات السابق ذكرها فى تقرير رسمى موجود بمكتب وزير التعليم العالى معتز خورشيد، يكشف جانبا صغيرا من كوارث المعاهد العليا فى مصر، والتى يسهل لها مسؤولو وزارة التعليم العالى قبول جانب كبير من شريحة الطلاب الملتحقين بالتعليم العالى مقابل نسبة زهيدة، تصل كلها أو معظمها فى النهاية لجيوب مسؤولى الوزارة، بينما يتحمل أولياء الأمور والطلاب مبالغ مالية، تتراوح ما بين 3 إلى 20 ألف جنيه سنويا، مقابل شهادة لا يعترف أحد بها.