جهاز العاشر من رمضان يطرح قطعة أرض وما عليها من مبانٍ فى مزاد علنى    المشاط تستعرض الفرص المتاحة من مؤسسات التمويل البريطانية لشركات القطاع الخاص    لافروف: روسيا ستبقى خصما لأمريكا بغض النظر عن نتيجة الانتخابات الرئاسية    الشرطة اليابانية: اعتقال شخص ألقى قنابل حارقة على مقر الحزب الحاكم    السوبر المصري - مؤتمر كولر: لا نعرف مدى جاهزية الدوليين.. واللعب الجماعي سيصل بنا إلى هدفنا    وزير الرياضة يفتتح كأس الأمم الإفريقية للكرة الشاطئية    الدوري المصري - تعرف على مباريات وملاعب الجولة الأولى    محافظ السويس يشارك أبطال أفريقيا و100 متسابق فى ماراثون الدراجات.. صور    امتحانات أكتوبر.. التعليم تعلن الضوابط والمعايير وفقا للنظام الجديد.. فيديو    مصرع سيدة ونجلها وإصابة الزوج إثر انقلاب سيارة بترعة فى طنطا    فيديو.. جهود صندوق مكافحة الإدمان في العلاج والتمكين الاقتصادي للمتعافين × أسبوع    محافظة القاهرة تنظم رحلة ل120 من أسر الشهداء لبانوراما حرب أكتوبر    معبد أبو سمبل يستقبل أفواجا سياحية وسط انبهار بالحضارة المصرية.. صور    متحف كفر الشيخ يحتفل بيوم الأغذية العالمى ويستقبل عددا من طلاب المدارس    رئيس الوزراء يتفقد مستشفى سمالوط المركزي.. ويدير حوارا مع مرضى يؤكدون أن أطقم المستشفى تُولي رعاية تامة بالمريض ويقدمون الخدمات بأكمل وجه.. مدبولي: نحرص على متابعة تنفيذ مشروعات تطوير وتحسين جودة الخدمات الطبية    وزير الكهرباء يكشف عن أسباب سرقات التيار وإهدار ملايين الجنيهات    وزير الأوقاف يشارك في حفل تنصيب الرئيس الإندونيسي الجديد نيابة عن الرئيس السيسي    مدبولي: الحكومة طورت 60 محطة صرف صحي لتحويها لصرف ثنائي وثلاثي    مرموش ضمن قائمة أكثر اللاعبين تسجيلًا للأهداف بالدوريات الخمسة الكبرى    رغم امتلاء بحيرة سد النهضة، إثيوبيا تواصل تعنتها وتخفض تدفق المياه من المفيض    سفير تركيا بالقاهرة يعلن عن 25 ألف فرصة عمل مرتقبة بالعاصمة الإدارية    جامعة دمنهور تعقد أولى الجلسات التعريفية حول سوق الصناعات الغذائية (صور)    مصرع مزارع دهسًا أسفل عجلات جرار زراعي في قنا    رفع الإشغالات بمنطقة السيد البدوى بطنطا بعد انتهاء الاحتفالات    وزيرة التنمية المحلية: النهوض بموظفي المحليات ورفع مهاراتهم لجذب الاستثمارات    أمين عام حماة الوطن: انتصار أكتوبر المجيد يجسد عزيمة الشعب المصري    «كلب» على قمة الهرم.. رحلة الصعود والهبوط تبهر العالم    فرص عمل جديدة بمحافظة القليوبية.. اعرف التفاصيل    فرق المتابعة تواصل المرور على الوحدات الصحية لمتابعة الانضباط الإداري بالزرقا بدمياط    عميد طب الأزهر بأسيوط: الإخلاص والعمل بروح الفريق سر نجاحنا وتألقنا في المنظومة الصحية    ماريسكا يقود صحوة تشيلسي بالعمل فوق الرمال المتحركة    ضبط 3 طلاب تحرشوا بسيدة أجنبية في القاهرة    رئيس مياه المنيا يتفقد محطتي مياه بني مزار الجديدة والعدوة الجديدة لمتابعة حسن سير العمل    مدبولي: القطاع الصحي ركيزة رئيسية ضمن خطط تطوير الدولة المصرية    الرئيس السيسي لوفد النواب الأمريكي: يجب وضع حد للحرب في غزة ولبنان    بالاسم .. الصحة تدشن موقعاً إلكترونياً لمعرفة المثائل و البدائل للادوية الهامة    داعية بالأوقاف: الانشغال بالرزق قد يبعدنا عن ما طلبه الله منا    يد الأهلي يواجه فلاورز البنيني في نهائي بطولة إفريقيا    ارتدوا الملابس الخريفية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس المتوقعة خلال الأيام المقبلة (تفاصيل)    5 لاعبين أمام المحاكم.. ضرب إمام عاشور وسحر مؤمن زكريا الأبرز    مصر تشدد على ضرورة إيقاف العدوان الإسرائيلي وفك الحصار عن قطاع غزة    14 عبادة مهجورة تجلب السعادة .. عالم أزهري يكشف عنها    خيري الكمار يكتب : رسالة إلى وزير الثقافة .. المهرجانات فى خطر    موعد مباراة يوفنتوس ضد لاتسيو في الدوري الإيطالي والقنوات الناقلة    التصرف الشرعي لمسافر أدرك صلاة الجماعة خلف إمام يصلي 4 ركعات    الشيخ أحمد كريمة يوجه رسالة لمطرب المهرجانات عمر كمال    حزب الله يُعلن استهداف جنود ومواقع إسرائيلية    حزب الله يستهدف تجمعًا كبيرًا من جنود الاحتلال    رغم اعتراض ترامب.. قاضية تُفرج عن وثائق فى قضية انتخابات 2020    المخرج عمرو سلامة لمتسابقة «كاستنج»: مبسوط بكِ    موعد صرف حساب المواطن لشهر أكتوبر 2024 / 1446 وكيفية الاستعلام عن الأهلية    «معندهوش رحمة».. عمرو أديب: جزء من القطاع الخاص لا يطبق الحد الأدنى للأجور    التقديم في سند محمد بن سلمان بالسعودية 1446    بسبب الأجرة.. ضبط سائق تاكسي استولى على هاتف سيدة في القاهرة (تفاصيل)    الصور الأولى من حفل خطوبة منة عدلي القيعي    بوتين يؤكد «بريكس» لم تنشأ ضد أي اتحاد.. وتعمل انطلاقا من القيم المشتركة بين أعضائها    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    تامر عاشور ومدحت صالح.. تفاصيل الليلة الثامنة من فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ميدان التحرير .. مسرح كبير
نشر في التحرير يوم 08 - 08 - 2011

انقلبت الأحوال أيها الكرام. كنا نظن واهمين أن التراجيديا كما يدرسها طلبة المسرح والأدب، هي سقوط السادة والملوك من فوق عروشهم، وأن الكوميديا هي أن تطلق عليهم شعوبهم نكاتها اللاذعة، فإذا بالحكام يخرجون لنا ألسنتهم قائلين: ما دمتم تجرأتم وزعمتم في أدبياتكم السياسية أن الشعب هو «السيد» إذن فليحق عليه سقوط السادة التراجيدي إلى الوحل! وإمعانا في ذلك المنطق المعكوس صارت الكوميديا وإطلاق النكات الساخرة حقا للحكام لا للمحكومين، فاستمعنا إلى تنكيت بعضهم على شعوبهم. رأينا العقيد القذافي وهو يطلق نكتته الشهيرة مخاطبا شعب ليبيا بوقاحة لا مثيل لها: من أنتم يا جرذان؟ وسمعناه يخبرهم بأنه دفع ثمن بقائه في السلطة إلى الأبد!.. «أنا دافع ثمن بقائي هنا». كان يقصد بالطبع أنه خاطر بحياته عندما قاد انقلابه العسكري ضد الملك السنوسي في أول سبتمبر عام 1969، فإن كان مجرد قيامه بمخاطرة يمنحه الحق في البقاء في السلطة وتوريثها إلى أبنائه، فلماذا إذن نستكثر على أهالي شهداء ثورة الخامس والعشرين من يناير أن ينالوا أبسط حقوقهم بعد أن دفعوا حياة أبنائهم ثمنا لكرامة الوطن؟ أليس من حقهم علينا وقف الضباط المتهمين بجرائم قتل أبنائهم عن العمل حتى تجري محاكماتهم في إطار قانوني يضمن نزاهتها وحيادها، ويضمن عدم استخدامهم سلطتهم في ترهيب الشهود وإفساد أدلة الإدانة التي قد تتيح لهم وظائفهم التمكن من إتلافها أو الاستبدال بأحرازها؟ ربما يستكثر حكامنا هذا عليهم لأن الشعب هو السيد، ولذا فعليه أن يسقط في الوحل ويستمع صاغرا لكوميديا الحكام ونكاتهم التي يطلقونها عليه! يا للهول! رحم الله يوسف بك وهبي. انقلب المنطق في مسرح التحرير الكبير. أصبحت الكوميديا لعبة الحكام والتراجيديا قدر الشعب!
بعد أن تعاملت الداخلية بنفس طريقتها القديمة بوحشية مع أهالي الشهداء، لم يعد ينقصها إلا أن تخبر الشعب بأكمله بأن من يخرج إلى الميدان في يوم الثامن من يوليو عليه أن يدفع ثمن بقائه هناك! ما هذا العبث؟ هل يجب علينا أن ندفع لكم أيها السادة ثمنا جديدا من الشهداء في كل خطوة نتقدمها؟ ألا يحق لنا أن نرى القتلة واللصوص الذين أفسدوا البلاد لعشرات السنوات وهم يقفون وراء القضبان؟ إذا كان الجنرالات الذين يقودون انقلاباتهم وهم يحتمون بداخل الدبابات يرون أن مخاطرتهم بحياتهم تمنحهم حق البقاء الدائم في السلطة وتوريثها لأبنائهم، أفلا يحق إذن للبسطاء الذين يواجهون الرصاص بصدورهم العارية أن يحلموا بعدالة سريعة ناجزة لا تضع في حساباتها إلا وجه الحق؟
عندما خسر منتخبنا الوطني أمام منتخب جنوب إفريقيا في الوقت المحتسب بدلا من الضائع في أولى منافساته الدولية بعد الثورة، حمدت الله كثيرا بصوت عال فتعجب الصديق الذي كان يجلس إلى جواري وقال منزعجا: «إنت اتجننت؟ بتحمد ربنا عشان خسرنا؟ دا احنا كده جايز نخرج من تصفيات كاس العالم». وقتها قلت له بلا أي محاولة للاستظراف: «كنت أخشى أن نفوز فيهدي حسن شحاته ذلك الانتصار إلى المجلس العسكري كما اعتاد أن يهديه إلى الرئيس المخلوع»! ضحك صديقي فقلت له جادا إنها ليست نكتة أطلقتها وإنني لم أكن أقصد الفكاهة. أليس المصريون هم من يقولون «يا سادة يا كرام» على ألسنة رواتهم على مر العصور: «أسمع كلامك اصدقك أشوف أمورك استعجب؟»، وأنا للحق أصدق كلام رجال المجلس العسكري الشرفاء ولا أريد أن أتعجب من أمورهم. أصدقهم عندما يقولون إنهم عسكريون لا يجيدون التعامل مع السياسة والحياة المدنية، وإنهم لذلك يريدون العودة إلى ثكناتهم في أسرع وقت ممكن، ولكنني أتعجب لأنهم يقولون هذا بينما يحرصون في ذات الوقت على الانفراد بالقرار وعدم استشارة القوى الوطنية التي يقرون ضمنا بكلامهم السابق بأن رجالها يفهمون أكثر منهم في تصريف أمور سياسة الدولة وبناء مستقبلها الديمقراطي. أيها الجنرالات الموقرون لا يشكك أحد في وطنيتكم من قريب أو من بعيد، ولكن يجب على من يتولى القيادة أن لا يحتكر الحكمة وإلا انطبق عليه المثل المصري القائل بأنه «يتعلم الحلاقة في رؤوس اليتامى». الشعب يريد أن يرى المحاكمات العاجلة العادلة للقتلة واللصوص. يريد مشاهدتهم وهم يقفون بانكسار وراء القضبان. الشعب يريد أن يرى مؤسسة أمنية جديدة تعمل لخدمته لا لترويعه وإذلاله لحساب من يحكمون، وباستخدام العدة والعتاد والذخيرة التي يدفع ثمنها من قوته لكي تصوب إلى صدور أبنائه! بالله عليكم لقد وصلت الكوميديا إلى ذروتها المأساوية أو وصلت التراجيديا إلى ذروتها الهزلية التي لم تكن لتصل إليها إلا بالإمعان في حلولكم الوسط. الثورات تقوم أيها السادة لنسف الأنظمة القديمة التي بليت من كثرة الترقيع. لم تنجح ثورة على مر التاريخ إلا لقيامها بتغيير جذري. ربما تكمن المشكلة في أن سقوط مبارك لم يكن تراجيديا، بل كان سقوطا ناعما فوق وسادة من ريش النعام. ترى هل يخرج علينا المخلوع مرة أخرى على شاشة سعودية ليقول لنا: من أنتم؟ ربما، لأن الثمن الذي دفعه شعب مصر لا يكفي في نظر البعض لمحاكمته، بل يكفي بالكاد لبقائه بعيدا عن العيون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.