كان السؤال الذي يتهرب النجوم من الإجابة عنه عادة في الماضي هو «إنت أهلاوي ولا زملكاوي؟». الكل كان يخشى إذا أفصح عن مشاعره الكروية أن يفقد جمهور النادي الذي لم يهتف باسمه، ولهذا مثلا غنت صباح أغنية حيادية جدا تقول كلماتها: «بين الأهلي والزمالك محتارة والله.. حب الأهلي والزمالك حيرني والله»، ولم تحدد موقفها أهلي أم زمالك رغم أن البعض بدأ وقتها في البحث عن ميول كاتب الأغنية حسين السيد وملحنها محمد عبد الوهاب عندما اكتشفوا أن صباح تغني في أحد المقاطع «تأليف أهلي لحن زمالك»، واعتبروا أن تلك قرينة غير مباشرة على أن المؤلف أهلاوي والملحن زملكاوي، ولم يكن ذلك صحيحا على الإطلاق كما قال لي الشاعر الراحل حسين السيد، فهو لم يكن له اهتمامات كروية كما أن عبد الوهاب لا يستطيع بسبب ضعف بصره أن يتابع مباراة كرة! أتصور أن نجومنا الآن يتعاملون مع مرشحي الرئاسة على طريقة «حسام حسن أم جوزيه»، فهم لا يحددون لمن يمنحون صوتهم: عمرو، البرادعي، العوا، بسطويسي، صباحي، شفيق... بل منهم من يعتقد أن عليه أن يقف على مسافة واحدة بين كل المرشحين حتى يضمن أن لا يفقد الجمهور الذي يتحمس للمرشح الآخر! الحجة المعلنة أنه ينتظر برنامج المرشح ليحدد موقفه النهائي رغم أن برامج المرشحين معلنة من خلال لقاءاتهم التليفزيونية، إلا أن النجم عادة ينتظر الكفة الرابحة ليعلن بعدها انحيازه إلى الفائز وحتى يحدث ذلك فسوف يقول لك لو سألته: ربنا يولي من يصلح! كانوا في الماضي -أتحدث بالطبع عن الأغلبية- يعلنونها صريحة مجلجلة أنهم مع مبارك إذا أراد مدة سادسة ومع جمال لو أرادوها توريثا، ولم يجرؤ أي منهم على الحديث عن برنامج للمرشح. كانت الإجابة بالنسبة إليهم أسهل كثيرا ولا تحمل أي مخاطرة.. الناس تسامحت مع مثل هذه الآراء، أو بتعبير أدق تعايشت وقتها مع هذا النوع من النفاق.. النجوم الآن لم يعد لهم عذر مقبول، عليهم أن يختاروا لأن الهروب في مثل هذه الأحوال لم يعد مثل «الجري نصف الجدعنة»! أتذكر عندما ذهب قبل نحو عام ونصف عدد من الفنانين إلى بيت البرادعي، كان هذا يعد في ذلك الحين حدثا استثنائيا في تاريخ النجوم لم يتعود عليه الوسط الفني، وبعض من تجرأ وأقدم على ذلك كان نصيبه العين الحمرا.. بل إن النجوم كانوا يتراجعون في لحظة عن آرائهم السياسية لو أغضبت النظام.. أتذكر مثلا أن أنغام قالت مرة في إحدى الجرائد الخاصة إنها لن تغني للحزب الوطني، واضطرت بعدها بأربع وعشرين ساعة فقط وعلى صفحات جريدة قومية أن تؤكد أنها لن تغني إلا للحزب الوطني! الفنانون الذين ارتبطوا بالحزب والغناء لمبارك يقولون إنهم اضطهدوا في عهده، والذين لم يغنوا يقولون إنهم سعداء لأن العناية الإلهية أنقذتهم في اللحظات الأخيرة مثلما أكد مؤخرا علي الحجار أنه كان يصاب باحتباس في الصوت كلما هم بالغناء باسم مبارك! الزمن تغير بعد ثورة يناير، ولكن نجومنا لم تمر عليهم الثورة بعد، حتى الآن لا تزال الأغلبية تتعامل مع القضايا السياسية على طريقة الأهلي والزمالك، فهم بين عمرو والبرادعي وإخوتهما محتارين والله