في ذكرى حرب أكتوبر، نماذج من المناهج المصرية التي تناولت الحرب والجيش المصري    إنستاباي يوجه رسالة للعملاء بعد تعطل الخدمة    وزيرا قطاع الأعمال والاتصالات يتابعان الموقف التنفيذي لمشروع تخطيط موارد المؤسسات    زيادة 5 جنيهات في أسعار الدواجن اليوم السبت 5-10-2024 بمحافظة الفيوم    تمرد قوات الاحتلال على حدود لبنان: القيادات غير مهتمة بحمايتنا    نجم فرنسا السابق يهاجم ديشامب بسبب مبابي: نحن من صنعنا تلك الأسطورة    محامي ضحية مشاجرة إمام عاشور: «فرد الأمن راح النادي الأهلي عشان التصالح ومحدش عبره»    تفاصيل صلح نجل أحمد شيبة مع بلوجر شهير أساء لوالده    وزير التموين: تخفيضات 10% على جميع السلع الغذائية بمنافذ المجمعات الإستهلاكية    شاهندة المغربي: استمتعت بأول قمة للسيدات.. وأتمنى قيادة مباراة الأهلي والزمالك للرجال    مشاركة «رونالدو»| تشكيل النصر المتوقع أمام العروبة في الدوري السعودي    كوكا يقود ريو آفي للتعادل مع فاماليكاو في الدوري البرتغالي    أسعار الحديد والأسمنت في مصر اليوم 5 أكتوبر 2024    فيديو.. الأرصاد تحذر من كثافة الشبورة المائية غدا على المناطق الشرقية    بمناسبة الاحتفال بيومهم العالمي... وزير التعليم يوجه رسالة للمعلمين    نائب وزير الصحة يتابع مستجدات العمل بمنظومة سلاسل الإمدادات الدوائية    محاكم الأسبوع، أبرزها إمام عاشور وأزمة شيرين عبدالوهاب مع روتانا    استعجال تقرير الطب الشرعي للمتهم بالتحرش بسيدة أجنبية بالشروق    29 أكتوبر.. محاكمة 18 متهما بتمويل أنشطة جماعة إرهابية    الحالة المرورية بشوارع وميادين القاهرة والجيزة السبت 5 أكتوبر    تجديد حبس شخصين في قتلا ممرضا بالزاوية الحمراء    170 ألف شكوى .. الحكومة تعلن حصاد منظومة الشكاوى خلال سبتمبر الماضي (تفاصيل)    أنشيلوتي يحسم قراره بشأن مشاركة جولر أمام فياريال    طريقة عمل الكرواسون بالشيكولاتة، الوصفة الأصلية    الولايات المتحدة تضرب 15 هدفا للحوثيين في اليمن    تعديل تركيب قطارات الوجه البحري: تحسينات جديدة لخدمة الركاب    الطماطم ب20 جنيهًا.. أسعار الخضراوات والفواكه بكفر الشيخ    "ثقافة مطروح " تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر    "يديعوت أحرونوت": إسرائيل تخطط لهجوم قوي على إيران قريبا    قوات الاحتلال تعتقل 4 فلسطينيين من الخليل بالضفة الغربية    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. السبت 5 أكتوبر    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    للراغبين في الزواج.. تعرف على سعر جرام الذهب اليوم    ميدو: فيستون ماييلى فضل بيراميدز على الزمالك.. ورشحت القندوسى للأبيض    ميدو: أكبر غلطة عملها الأهلي هي دي.. والجمهور حقه يقلق (فيديو)    "إسلام وسيف وميشيل" أفضل 3 مواهب فى الأسبوع الخامس من كاستنج.. فيديو    برج القوس.. حظك اليوم السبت 5 أكتوبر: اكتشف نفسك    أوركسترا القاهرة السيمفونى يقدم أولى حفلات "الموسيقى الغنائية" اليوم بالأوبرا    بلومبيرغ: البنتاجون سينفق 1.2 مليار دولار على الأسلحة بعد هجمات إيران والحوثيين    سلوفينيا تقدم مساعدات عينية لأكثر من 40 ألف شخص في لبنان    أرسنال يخشى المفاجآت أمام ساوثهامبتون فى الدوري الإنجليزي    عاجل - عمليات "حزب الله" ضد الجيش الإسرائيلي "تفاصيل جديدة"    مصدر يكشف أزمة جديدة قد تواجه الزمالك لهذه الأسباب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 5-10-2024 في محافظة البحيرة    صحة المنوفية: تنظم 8365 ندوة على مستوى المحافظة لعدد 69043 مستفيد    ندى أمين: هدفنا في قمة المستقبل تسليط الضوء على دور الشباب    تفاصيل مرض أحمد زكي خلال تجسيده للأدوار.. عانى منه طوال حياته    عمرو أديب عن مشاهد نزوح اللبنانيين: الأزمة في لبنان لن تنتهي سريعا    عمرو أديب عن حفل تخرج الكليات الحربية: القوات المسلحة المصرية قوة لا يستهان بها    البابا تواضروس الثاني يجتمع بمجلس معهد الدراسات القبطية    «مش كل من هب ودب يطلع يتكلم عن الأهلي».. إبراهيم سعيد يشن هجومًا ناريًا على القندوسي    رئيس جامعة الأزهر: الحروف المقطعة في القرآن تحمل أسرار إلهية محجوبة    «ممكن تحصلك كارثة».. حسام موافى يحذر من الجري للحاق بالصلاة (فيديو)    عظة الأنبا مكاريوس حول «أخطر وأعظم 5 عبارات في مسيرتنا»    رشا راغب: غير المصريين أيضًا استفادوا من خدمات الأكاديمية الوطنية للتدريب    بمشاركة 1000 طبيب.. اختتام فعاليات المؤتمر الدولي لجراحة الأوعية الدموية    أذكار يوم الجمعة.. كلمات مستحبة احرص على ترديدها في هذا اليوم    «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مكاتب العمل.. واسطة للصلح أم مقرّات من ورق؟
نشر في التحرير يوم 30 - 04 - 2019

تباينت آراء العمال بشأن الدور الذي تلعبه مكاتب العمل في الحفاظ على حقوقهم ومحاولاتهم حينًا للصلح أو الانحياز لأصحاب الأعمال والشركات في مقابل هدايا يحصلون عليها منهم
في عام 1962 صدر قرار رئاسي بإنشاء مكاتب العمل في مختلف المحافظات، بقرار من رئيس الجمهورية العربية المتحدة، لتتولى مراقبة التزام المنشآت المختلفة بأحكام قانون العمل، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة للحفاظ على استقرار علاقات العامل بصاحب العمل داخل المنشآت والمؤسسات الحكومية والخاصة من خلال توعية طرفي الإنتاج بحقوقهم وواجباتهم. في المقابل كانت تتولى مكاتب السلامة والصحة المهنية التأكد من مدى التزام تلك المنشآت بمعايير السلامة والصحة، وهناك مكاتب التشغيل وتتولى توفير فرص عمل لراغبي العمل وحصر احتياجات سوق العمل من المهن المختلفة.
"لا بد أن تكون لك بلكونة صغيرة حتى تستطيع أن تدلل فيها أحزانك أو تشطف فيها غضبك النهاري مع مكاتب العمل، وإذا اخترتَ لها إضاءةً لا بدَّ أن تكونَ خافتة، حتى تشم رائحة الأحزانِ من ملابس العابرين تحتك، ولكي تكون مرةً واحدةً فوقهم، مرة واحدة تستطيع بها أن تُصارع المكاتب من جديد وتخرج من جسدك أحزانا لا تليق
"لا بد أن تكون لك بلكونة صغيرة حتى تستطيع أن تدلل فيها أحزانك أو تشطف فيها غضبك النهاري مع مكاتب العمل، وإذا اخترتَ لها إضاءةً لا بدَّ أن تكونَ خافتة، حتى تشم رائحة الأحزانِ من ملابس العابرين تحتك، ولكي تكون مرةً واحدةً فوقهم، مرة واحدة تستطيع بها أن تُصارع المكاتب من جديد وتخرج من جسدك أحزانا لا تليق على غيرك".. بعبارات موجزة لخص الشاعر محمود خير الله عبر أبيات شعرية من ديوانه "فانتازيا الرجولة"، ذلك الصراع الدائر والحلقة المُفرغة التي لا تنتهي بين العامل وصاحب العمل ومكاتب العمل المختصة.. صراع من أجل انتزاع الحقوق المُهدرة.
جولة عابرة في عدد من مكاتب العمل والتشغيل والسلامة والصحة المهنية، بمحافظتي القاهرة والجيزة تكشف عن حالة من البيروقراطية، واللوائح الإدارية البالية مع غياب استخدام الميكنة الإلكترونية، واستمرار الروتين الحكومي، والتعسف من قبل بعض الموظفين في إنهاء الإجراءات والأوراق الخاصة بالمواطنين، ووضع العراقيل والصعوبات أمام العاملين بالقطاعين العام والخاص.
تباينت آراء العمال حول دور مكاتب التشغيل في خدمة العمال، البعض منهم يتقدم بشكاوى ضد ما وصفوه بالفصل التعسفي لإنهاء علاقتهم بأماكن عملهم التي التحقوا بها لسنوات طويلة وكان جزاؤهم الطرد والإقالة دون أي حقوق مالية، والبعض الآخر يشكو من الموظفين والإداريين بالمكتب الذين ينحازون لأصحاب الشركات والمصانع على حسابهم فتضيع حقوقهم في الهواء.
طبيعة الشكاوى
أما عن طبيعة الشكاوى التي يمكن أن يتقدم بها الموظف أو العامل إلى مكتب العمل فإنها كثيرة جدا، تتراوح ما بين التأخر في صرف الرواتب للعاملين لدى المؤسسة والتأخر في الترقية المستحقة، كما يتم إجبار الموظف والعامل على العمل في أوقات يمنع فيها العمل أو يتجاوز عدد ساعات العمل القانونية في الأسبوع، وصولًا إلى الفصل التعسفي وعدم إيفاء الشركة مستحقات الموظف.
وتختلف العقوبات على الشركة أو المؤسسة من مخالفة لأخرى، ولكن في حالة تقديم العامل للشكوى يجب أن يكون مُلما أولًا بنظام العمل، وعلى علم كامل بحقوقه التي يطالب بها وواجباته المكلف بها، حتى لا ينقلب السحر على الساحر كما يقول المثل المتداول ويدخل في طريق مسدود يخسر فيه كل شيء.
قد يتقدم الموظف بشكوى هي من حقوقه، ولكن قد يخسر شكواه نتيجة جهله بفقرة أو فقرتين في اللوائح الإدارية، ربما يكون غافلا عنها، كذلك يجب أن يضع فى عين الاعتبار أنه عندما يتقدم بشكوى رسمية ضد شركة أو مؤسسة أن هذه الشركة لديها محامون ومستشارون قانونيون عملهم حماية الشركة حتى لو كانت على خطأ دون أدنى اعتبار لعامل أو موظف بسيط قد يكون صاحب حق مشروع.
في مكتب تشغيل 6 أكتوبر التابع لوزارة القوى العاملة والهجرة والواقع على أطراف الحي الحادي عشر لا صوت يعلو فوق صوت الهدوء، فالمكان بعيد للغاية عن وسط المدينة ووسيلة المواصلات الوحيدة المتوفرة هي عربة نصف نقل شبه متهالكة، تجمع عدد قليل من العمال أمام المكتب لتخليص أوراقهم الخاصة بالعمل.
غير مُلزِمة
أحد الشباب المنتظرين هناك، تحفظ على ذكر اسمه يرى أن تلك المكاتب غير ملزمة لصاحب العمل في شيء، ودورها استشاري، ولذلك فإن صاحب العمل لا يعيرها اهتماما، فضلا عن أن عددا كبيرا من الشركات والمصانع تنسق مع مكاتب العمل تنسيقًا كاملًا، لسببين يرجعهما إلى تدمير أكبر عدد من الشباب وسد عجز الحكومة.
هنا يضطر العامل للتصعيد والدخول في مرحلة التقاضي إذا لم يتم التفاهم مع صاحب الشركة أو المؤسسة التابع لها و"حبال المحاكم طويلة".. كما يقول (راضي. أ) أحد العمال المفصولين من شركة سياحة والذي كان ينتظر دوره في طابور طويل أمام مكتب العمل في الأزبكية لتقديم شكوى في جهة عمله التي خدمها لأكثر من 7 سنوات، وكانت مكافأتهم له في النهاية منحه "استمارة 6".
أزمة استمارة 6
راضي كان واحدًا ضمن آلاف الشباب، الذين أصبحوا ضحايا الفصل التعسفي، بعدما استغلتهم شركات القطاع الخاص بكل الطرق، بدءا من تسخيرهم للعمل لساعات طويلة بالمخالفة لقانون العمل الذي ينص على أنه لا يجوز تشغيل العامل أكثر من 8 ساعات فقط يوميا، مرورًا بالمرتبات المُجحفة التي تخالف الحد الأدنى للأجور، وصولًا إلى إجبارهم بالتوقيع على ورقة استقالة سيئة السمعة تسمى "استمارة 6" مع عقد التعيين، حتى يتسنى لهم فصلهم تعسفيا.
في المقابل حرص قانون العمل الجديد على وضع ضوابط صارمة للاستمارة وحظر على صاحب العمل إعطاء العامل استمارة "6" إلا من خلال مكتب العمل التابع له، وتنص المادة رقم 140 من القانون على أن "للعامل أن يقدم استقالته كتابة لصاحب العمل بشرط أن تكون موقعة منه أو من وكيله الخاص، ومعتمدة من الجهة الإدارية المختصة".
المادة أيضا ألغت الفصل التعسفي وحددت أن يكون الفصل بحكم محكمة وليس بقرار من صاحب العمل وأن يتحمل صاحب العمل مرتب العامل أثناء فترة التقاضي.
"مقرات من ورق"
هكذا جاء توصيف الصحفي (ن.م) الذي قررت مؤسسته الصحفية إقالته وعدد من زملائه أعضاء نقابة الصحفيين والمقيدين بجدول المشتغلين، وتعرضوا للفصل التعسفي من قبل إدارة الجريدة وحرمانهم من بدل التدريب والتكنولوجيا الذي يُصرف لكل الصحفيين أعضاء النقابة طوال السنوات الماضية.
هنا توجهوا إلى مكتب العمل بالعجوزة وتقدموا بشكاوى فردية، وشكوى جماعية، لإثبات حقوقهم، وأبلغوا موظفي مكتب العمل، أن محامي الفنانة (م.ح) الموكلة بإدارة الجريدة من زوجها الإعلامي الكبير، حضر إليهم، وحاول الضغط عليهم أكثر من مرة لعدم اتخاذ اَي إجراءات تصعيدية، بل واتهمهم بانتحال صفة صحفيين مع أنهم أعضاء نقابة منذ التسعينيات.
يحكي الصحفي المفصول أنه يمارس المهنة منذ أكثر من 10 سنوات، وهي واقعة غريبة وغير مسبوقة، بأن تقوم إدارة جريدة خاصة، بإيفاد أحد محاميها لمكتب العامل، للطعن في حقوق عامل تم فصله تعسفيا حتى تحولت غالبية مكاتب العمل إلى مجرد اسم ومقرات من ورق، لا قيمة لها، بل إنها في بعض الأحيان تطعنهم في ظهورهم، وبدلا من أن تحفظ حقوق العامل والموظف وتكون حائط صد يستندون إليه ضد تعنت وتعسف أصحاب العمل تتحول إلى خنجر ضدهم.
كما أن عددا كبيرا من القائمين على مكاتب العمل يبلغون أصحاب الشركات والمصانع أولا بأول بتفاصيل الشكاوى المقدمة ضدهم، وعند زيارة مكتب العمل لأحد المنشآت الصناعية مثلا يكون أصحاب العمل على علم مُسبق بها فى أحيان كثيرة.
وسيط للصلح
التقينا أحد موظفي مكتب العمل الواقع في شارع النيل بالعجوزة والتي كان لها رأي آخر حيث ترى أن مكتب العمل مُنصِف جدا للعمال ودوره محايد، وتتلخص مهمته في التوسط مع الشركة أو المصنع أو المؤسسة من أجل حل مشكلة العامل أو الموظف بالسعي للصلح وإيجاد حل وسط بين العامل وصاحب العمل.
وفي حالة فشل محاولات الصلح، يتم اللجوء إلى التقاضي ويذهب الملف برمته إلى المحكمة، ومكتب العمل ليس جهة فصل في قضية، لأنها ليست مهمته وهي خارج حدود اختصاصه ويُترك هذا لتقديرات القاضي وهيئة المحكمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.