رسالة ماجستير تكشف كواليس تحرك يوسف صديق ليلة 23 يوليو 1952 واقتحام مبنى قيادة الجيش وإنجاح حركة الضباط الأحرار وكيف انضم لمجلس قيادة الثورة واستقال بعد 6 أشهر فقط. يوسف منصور صديق، أحد الضباط الأحرار، والذي كان له دور مهم في إنقاذ ونجاح حركة ضباط الجيش في 23 يوليو 1952، التي غيرت وجه مصر في التاريخ المعاصر، ورغم هذا الدور الكبير، لم تكن هناك معلومات كثيرة عنه ولا عن دوره، إلا أن اسمه وقع بالصدفة أمام الباحثة الشابة منى مالك، خلال إعداد رسالة الماجستير بجامعة الإسكندرية، مماكشف النقاب عن صديق ودوره أثناء الحركة، واستقالته من مجلس قيادة الثورة في يناير 1953، وما تلاها من أحداث في حياته، وتكمن أهمية الرسالة في أنها الأولى التي تستخدم مناهج البحث التاريخي، لتوثق دوره، وترصد مذكراته الشخصية التي كتبها بخط يده. رسالة الصدفة الصدفة وحدها كانت سببا لاتخاذ باحثة شابة، تسعى لإكمال دراسة الماجستير في التاريخ عن «يوسف صديق ودوره في ثورة 23 يوليو 1952»، وتروي منى مالك في حوار ل«التحرير»، كيف ومتى اختارت موضوع الرسالة التي لاقت بعد نشرها أصداءً جيدة، وتمت طباعتها من قبل الهيئة العامة للكتاب رسالة الصدفة الصدفة وحدها كانت سببا لاتخاذ باحثة شابة، تسعى لإكمال دراسة الماجستير في التاريخ عن «يوسف صديق ودوره في ثورة 23 يوليو 1952»، وتروي منى مالك في حوار ل«التحرير»، كيف ومتى اختارت موضوع الرسالة التي لاقت بعد نشرها أصداءً جيدة، وتمت طباعتها من قبل الهيئة العامة للكتاب وتعرض في معرض القاهرة الدولي للكتاب الحالي، وهناك ندوة لمناقشة الكتاب يوم السبت المقبل. «مين يوسف صديق؟»، كان هذا سؤال منى لزميل لها رشحه كشخصية لها دور بارز في حركة الضباط الأحرار في يوليو 1952، ليكون موضوع رسالتها التي بدأتها وفقا للنظام في كلية الآداب جامعة الإسكندرية، حيث تمنح 5 سنوات منذ أن تبدأ دراسة 9 مواد وإتمام دورة في اللغة العربية، وأخرى في الإنجليزية، وصولا للمناقشة». «أتممت دراسة المواد التسع، ودورة اللغة العربية في 9 أشهر فقط»، تقول مالك، وفي نهاية يناير 2012، خلال نهاية الامتحانات، كانت تسعى لتسجيل موضوع الرسالة حيث يفتح الباب فقط مرتان، في فبراير وسبتمبر من كل عام، إلى أن أخبرها زميلها نبذة عن يوسف صديق وقصته، موضحا أنه لا يوجد الكثير من المعلومات عنه. ذهبت منى إلى أستاذ التاريخ، دكتور فاروق عثمان أباظة، لتحصل على مشورته، حكى لها ما يعرفه عنه، محذرها من أنه لن تجد معلومات كثيرة عنه. وتشير إلى أن دوره في الثورة كان ينسبه لنفسه أكثر من شخص، ولم يكن معروفا عنه الكثير، سوى مقال الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل عنه بعنوان «العملاق الأسمر»، وأشار الرئيس جمال عبد الناصر إلى دور صديق في الذكرى العاشرة للثورة عام 1962. («صحوة الموت».. رحلة للتنقيب في بقايا ثورة يوليو) تحدٍّ ورغبة في التراجع «الموضوع استفزني، وبدأت البحث، وكان لدي 10 أيام حتى موعد التسجيل وتقديم خطة البحث»، وتشير منى إلى أن المشرف على الرسالة رفض، ونبهها إلى صعوبة إيجاد المعلومات عنه، وتضيف: «قال لي بعد إصراري: اثبتي بقى». «بعد تسجيل الخطة كان لدي 4 سنوات لإعداد الرسالة، بدأت الماجستير بعد 6 أشهر فقط من الزواج، وهذا لم يعطلني»، توضح منى، كما أنها كانت من الطلبة المجتهدين وتقدم ما يطلب منها في الدراسة سريعا، توقع أصدقاؤها إنهاءها للرسالة في سنة، وبسبب قلة المصادر قالت: «أنا دبست نفسي مش لاقية حاجة خالص» رصيد إنساني لتتجاوز مالك ندرة المعلومات، بحثت عن أسرته، وكان هذا بمثابة كنز إنساني اكتسبته خلال رحلة إعداد الرسالة، وتوضح أنه وصلت إلى ابنته الكبيرة سهير، وكانت هذه البداية، حيث حصلت على ميعاد منها، وتضيف: «كنت في هذه الفترة حاملا في بيلار بنتي، ولم أستطع مقابلتها في القاهرة، وانتظرت مجيئها للإسكندرية وتقابلنا في أبريل 2012». «تحدثت معها عن يوسف صديق، وقصة التمثال والقضية أمام القضاء الإداري، لمدة 6 سنوات، لإضافة التمثال الخاص به في المتحف الحربي بالقعلة في قاعة 1952، وأطلعتني على أوراق القضية، وعلى كتابها "تمثال يوسف صديق" وهو عبارة عن خواطر مع والدها»، هكذا تشير مالك للانفراجة في جمع المعلومات وسعت لمقابلة بقية أعضاء أسرته، الذين أغلبهم توفوا، والتقت أيضا بابنتيه ليلى وسحر. (السيسي يمنح قلادة النيل للعقيد يوسف صديق أحد رموز ثورة يوليو) التقت مالك بسهير صديق عدة مرات، وزارت معها قبره في منطقة البساتين وأجرت معه لقاء وصورته بالفيديو هناك، وهي تتحدث عن والدها، وتحكي عن ليلى صديق، التي التقتها وساندتها خلال رحلة البحث بأن أطلعتها على مذكراته التي كتبها بخط يده وكان دكتور عبد العظيم رمضان حققها ونشرها من قبل، وكيف أنها أصبحت صديقة للأسرة، حيث حضرت سهير صديق وحفيدته مناقشة الرسالة، بل ودعمتها لكي تنشر الرسالة ضمن سلسلة إصدارات الهيئة المصرية العامة للكتاب كما التقت اللواء عبد المجيد شديد، أحد الضباط الأحرار، وكان برتبة ملازم تحت قيادة العقيد يوسف صديق يوم 23 يوليو، وتقول: «كان يرفض مقابلة الصحفيين أو الحديث عن الثورة ويرى أنه قال كل ما لديه في مذكراته»، واستطاعت الحديث معه وتوثيق شهادته بالفيديو في 5 مايو 2015 دعم أسري مالك لم تنجز رسالتها بمفردها، بل تلقت دعما كاملا من دكتور أحمد زوجها، الذي كان يساندها كثيرا خلال رحلة البحث في الإسكندرية، ويرى أن «نجاحها هو نجاح لنا جميعا»، وكذلك علاء، نجل عمها الذي ساندها خلال رحلة البحث واللقاءات المختلفة بالقاهرة، حتى أنه فقد تليفونه في إحدى المرات، والطريف أن التليفون المفقود ظهر في إحدى الصور خلال مناقشة الرسالة. سحر شخصية صديق «كلما قرأت عن يوسف صديق، شعرت أنني أرغب في معرفة المزيد عنه»، تحكي مالك عن انجذابها للشخصية حيث كانت تقضي بالسبع ساعات في كل مرة بغرفة البحث في مكتبة الإسكندرية، و«كلما وجدت اسمه في كتاب أسعى لتسجيل المعلومات، جمعت أمورا عنه، ومن بعض أصدقائه، خصوصا مذكرات الضباط الأحرار، وبقى عندي فضول أعرف أكثر». «عرفت كيف ظلم، وكم هو صبور، تعرض لاختبار المرض، كان يعاني من نزيف في الرئة بسبب السرطان، وتسوس في العمود الفقري»، تروي منى، أن شخصا مكانه لن يكون بهذه الروح، يوم الثورة نفسه جاء له نزيف، وحصل على حقنة. دوره في 23 يوليو «يوسف صديق لم يتحرك ساعة مبكرا كما يشاع»، تشير منى إلى ما حققته خلال الرسالة بعد الاطلاع على مذكرات يوسف صديق التي كتبها بخط يده، والاطلاع على كتاب «ثورة 23 يوليو من التنظيم السري حتى سقوط فاروق»، للواء فطين فريد، باعتباره مصدرا هاما عن تلك الفترة، لأنه قابل أغلب الضباط الأحرار، ويحتوي على عديد من الوثائق الهامة، وتوضح أن لقاء اللواء شديد أكد لها المعلومة. «مراحل الخطة الثلاث، كانت الاستيلاء على مبنى قيادة الجيش ثم الجهاز المدني للدولة، ثم المرحلة الأخيرة ولم تكن معلنة وهي تنحية الملك»، تقول منى، وكان دور صديق هو تأمين القوات أمام مبنى قيادة الجيش بعد اقتحامه، وتوضح أنه قبل عدة أيام من التحرك عرف الميعاد من جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر، وكان كلمة السر «ناصر»، والموعد هو 12 منتصف الليل، وأنه في الساعة 8.00 مساء تواجد يوسف صديق في الوحدة بالهايكستب، حيث كان ما لديه من قوات هو مقدمة الكتيبة، التي جاءت لتجهيز الإعاشة قبل استدعاء بقية أعضائها لإعدادها للذهاب إلى السودان. «الساعة 8.00 مساء ليلة 23، حضر الصاغ زغلول عبد الرحمن ليؤكد الميعاد على صديق، وانضم له، ولو كان صديق تحرك مبكرا لكان عارضه، وهذا لم يحدث»، توضح منى أن الملك عرف بالحركة الساعة 9 مساء، وبقية أعضاء الثورة لم يعرفوا بذلك، وجمع الملك قيادات الجيش لإيقاف الحركة. وتشير إلى أن قيادة الجيش استدعت اللواء عبد الرحمن مكي، ليذهب إلى الهايكستب، وكان في إجازة بسبب زفاف ابنته، وعرف صديق بقرب مجيئه فجمع قواته وتحرك وأوقفه، وقبض عليه، وأصابه الذهول من مرور اللواء مكي وعدم إيقافه، فقرر مواصلة طريقه إلى مبنى قيادة الجيش وقرر احتلاله بالقوات التي معه، إذا لم تحضر القوات المكلفة بذلك. وتضيف مالك أنه عندما علم اللواء محمد نجيب باجتماع قادة الجيش كانت لديه نفس الفكرة، وفعل صديق ما فكر فيه نجيب دون أن يتواصلا بسبب منع التواصل تليفونيا، وأوضحت أنه انضم لمجلس قيادة الثورة ثم استقال في يناير 1953، لاختلافه في وجهات النظر مع بقية أعضاء المجلس، فطالب بتحقيق الديمقراطية، وإقامة انتخابات برلمانية».