التظاهرات وأعمال العنف ليست الخطر الوحيد الذي يهدد انتخابات الكونغو التي يتنافس فيها 21 مرشحا أبرزهم ممثل الأغلبية رمزاني شاداري، وفيليكس تشيسيكيدي، ومارتن فايولو أجواء عنيفة تشهدها جمهورية الكونغو الديمقراطية، بدأت منذ أواخر العام الماضي، بسبب عدم إجراء الانتخابات في موعدها وتأجيلها إلى 23 ديسمبر الجاري، إثر رفض الرئيس جوزيف كابيلا التخلي عن السلطة، الأمر الذي أدى إلى خروج التظاهرات ووقوع أعمال عنف في أنحاء البلاد، استخدمت فيها قوات الأمن الكونغولية الغاز المسيل للدموع، كما هاجمت كنيسة في وسط العاصمة كينشاسا، بجانب منع زعيم المعارضة جان بيار بيمبا من الترشح للانتخابات، وجاء إعلان تأجيل الانتخابات الرئاسية إلى 30 ديسمبر، أول من أمس الخميس، ليستمر الغضب مشتعلا. وأعلنت اللجنة الانتخابية، عن التأجيل لأنها غير قادرة على تنظيم الانتخابات في الموعد المحدد، وذلك بعد مقتل ما لا يقل عن 10 أشخاص خلال الأسبوع الماضي، وإتلاف عدد من صناديق الاقتراع، ما أثار غضب أحزاب المعارضة كالاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم الاجتماعي. جوزيف كابيلا الرئيس الحالي، لن يتمكن مرة أخرى وأعلنت اللجنة الانتخابية، عن التأجيل لأنها غير قادرة على تنظيم الانتخابات في الموعد المحدد، وذلك بعد مقتل ما لا يقل عن 10 أشخاص خلال الأسبوع الماضي، وإتلاف عدد من صناديق الاقتراع، ما أثار غضب أحزاب المعارضة كالاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم الاجتماعي. جوزيف كابيلا الرئيس الحالي، لن يتمكن مرة أخرى من تولي المنصب، إذ ينص الدستور الكونغولي، بحسب آخر تعديل في يناير 2011، أنه لا يحق للرئيس البقاء في الحكم أكثر من مدتين رئاسيتين، وتولى كابيلا منصبه، في 26 يناير 2001، بعد 10 أيام من اغتيال والده -الرئيس السابق لوران ديزيريه كابيلا- ليصبح بذلك أصغر رئيس في تاريخ البلاد، إذ كان عمره 30 عاما، وأعيد انتخابه مرة أخرى في 29 أكتوبر 2006، و28 نوفمبر 2011. كان كابيلا، قد وقع في شهر يناير 2017، اتفاقا مع المعارضة، يوافق فيه على التنحي مع انتهاء ولايته وعلى إجراء انتخابات لاختيار رئيس جديد نهاية العام، وهو الأمر الذي لم يتحقق، إذ أنه أعلن بعد ذلك رغبته في تعديل الدستور لتولي فترة رئاسية جديدة، ما دعا أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، في يناير 2018، إلى مطالبة كابيلا بالالتزام باتفاق الخروج من السلطة، بعد مقتل 8 أشخاص خلال تظاهرات، احتجاجا على رغبة الرئيس. تظاهرات وقطع الإنترنت رفض كابيلا التخلي عن السلطة، أدى إلى خروج التظاهرات في العاصمة كينشاسا، والتي اتسمت بأجواء عنيفة إذ كانت الحكومة تواجه تظاهرات المعارضة بالقمع حتى قبل أن تبدأ، ففي أواخر العام الماضي، أمرت الحكومة، بقطع الإنترنت والرسائل القصيرة قبل احتجاجات جماهيرية مزمعة ضد كابيلا، وقال وزير الاتصالات إيمري أوكوندجي، إن هذا القرار كان ردا على العنف الذي يجري إعداده. والمعروف أن الكونغو -التي لم تشهد انتقالا سلميا للسلطة- لديها تاريخا في قطع الاتصالات ومنع الوصول إلى الشبكات الاجتماعية في محاولة لإلغاء المعارضة، ففي 2015 قرر كابيلا قطع الاتصالات، وحقق هذا الأمر نجاحا كبيرا، إلا أن الأمر لم يحقق نفس النجاح هذه المرة. الأمر امتد إلى إطلاق قوات الأمن، الرصاص في الهواء وتفريق حشد من المؤمنين، كانوا يشاركون في قداس، عبر الغاز المسيل للدموع في كنيسة وسط كينشاسا، حيث خرجت مسيرات وصفت ب«المحظورة» ضد تمديد حكم كابيلا، تلبية لدعوة الكاثوليك، وأوقفت الشرطة 12 طفلا من جوقة كاثوليكية كانوا يرنمون في مقدمة مسيرة سلمية، وتم وضعهم في آلية تابعة للشرطة. دور الكنيسة مهاجمة قوات الأمن للكنيسة، يعد أمرا مستفزا للشعب الكونغولي، الذي يثق في رجل الدين أكثر من السياسيين، كما أنه محاولة لتقويض دور الكنيسة التي تتميز بتأثير على الأحزاب السياسية، ويعتبر المؤتمر الأسقفي الوطني أن الكنيسة لها الحق في إبداء رأيها علنيا في الأزمات السياسية التي تمر بها البلاد. ويعلق الكونغوليين آمالهم على فريدولين أمبونغو الذي تم تنصيبه رئيسا جديدا لأساقفة كينشاسا، في نوفمبر الماضي، في أكبر ملعب بالعاصمة، وشارك في الحفل العديد من المرشحين في الانتخابات الرئاسة المقبلة، وينتظر الشعب من أمبونغو أن يرشدهم إلى الطريق الصحيح. وفي 8 أغسطس الماضي، وبعد سلسلة من التظاهرات وأعمال العنف، أعلن المتحدث باسم الحكومة لامبرت مندي، أن الائتلاف الحاكم اختار مرشحا آخر غير كابيلا بالإجماع، وهو وزير الداخلية السابق إيمانويل رامزاني شاداري، أحد الموالين للرئيس، كما أنه أحد المدرجين على لائحة الاتحاد الأوروبي للعقوبات بسبب مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان، ومنها القمع والتعامل العنيف مع المتظاهرين. المرشحون بالانتخابات تقدم لخوض الانتخابات، 25 مرشحا، تم استبعاد 6 منهم، بينهم 3 وزراء سابقين في حكومة كابيلا وهم: سامي باديبانجا وأدولف موزيتو وأنطوان جيزينغا، وأيضا زعيم المعارضة جان بيار بيمبا، وترى المعارضة أن الاستبعاد لم يتم لأسباب قانونية لكن لأن كابيلا يريد إفساح الطريق أمام مرشح الائتلاف الحاكم «رامزاني»، وفي 3 سبتمبر الماضي، أيدت المحكمة الدستورية، قرار لجنة الانتخابات برفض قبول ترشيح «بيمبا»، بسبب إدانته من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة شراء ذمم شهود. ويتنافس حاليا 21 مرشحا على منصب الرئاسة خلفا لكابيلا، الذي ظل بالسلطة لمدة 17 عاما، لا يمتلك منهم سوى 3 فقط قاعدة سياسية وهم ممثل الأغلبية التي يقودها كابيلا «شاداري»، والمرشحان الرئيسيان للمعارضة «المنقسمة» فيليكس تشيسيكيدي ومارتن فايولو. ورغم هذا إلا أن أعمال العنف لم تتوقف، إذ أعلنت السلطات في الكونغو الديمقراطية أن الآلاف من آلات التصويت دمرت بسبب اندلاع حريق كبير بالعاصمة، يوم 13 ديسمبر الجاري، ما تسبب في حالة من القلق بتأجيل الانتخابات مرة أخرى، وهو ما تحقق بالفعل، لكن -وقتها- تعهد المسئولون بأن هذه الواقعة لن تعطل عملية التصويت خلال الانتخابات المقررة. وقالت اللجنة الانتخابية إنه من السابق لأوانه إعلان سبب اندلاع الحريق أو حجم الضرر الناجم عنه، وحتى الآن لم تعلن عن السبب، لكن في الوقت نفسه صرح كبير مستشاري كابيلا بأن الحريق ذو طبيعة إجرامية، وتسبب في تدمير حوالي 7000 آلة تصويت ومقصورة اقتراع، وأوضح وزير شؤون الأمن أن الآلات التي تم حرقها تمثل 10% من آلات التصويت في العاصمة، وسيتم استبدالها بسرعة، كما رجح أيضا أن يكون الحريق عملا إجراميا. الإيبولا التظاهرات وأعمال العنف، ليست الخطر الوحيد الذي يهدد انتخابات الكونغو، إذ أعرب مسؤولون، في 10 نوفمبر الماضي، عن تشككهم من أن يعرقل تفشي فيروس الإيبولا، وهجمات من جانب المسلحين في شرق الكونغو، الانتخابات، وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج» أن 191 شخصا على الأقل لقوا حتفهم، منذ أغسطس الماضي، بسبب الإيبولا، الذي يتركز في بلدة بيني، وهو أسوأ انتشار للمرض الفيروسي منذ أن أودى بحياة أكثر من 11 ألف شخص في غرب إفريقيا بين عامي 2014 و2016. وتقوضت المعركة لاحتواء المرض جراء الهجمات التي تشنها الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة والمقاومة المجتمعية لموظفي الرعاية الصحية، ورغم ذلك صرحت ماري-فرانس إديكاي المتحدثة باسم رئيس لجنة الانتخابات الكونغولية كارنيل نانجا: «بيني أحد معاقلنا الرئيسية والحكومة تعهدت بالسيطرة على الوضع حتى يمكننا تعزيز استعداداتنا لليوم الكبير -تقصد الانتخابات»، ورغم ذلك ذكر نائب برلماني معارض من بيني أن القلق لا يزال يساوره، من إمكانية إجراء الانتخابات. وقتل المسلحون 17 مدنيا في «بيني»، في 22 سبتمبر الماضي، ما يرفع الحصيلة الإجمالية في المنطقة العام الجاري لأكثر من 230 قتيلا، بحسب منظمة «هيومان رايتس ووتش»، والأعمال المسلحة في البلدة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالقضاء على «الإيبولا»، إذ أن في كل مرة يحدث هجوم مسلح تتوقف عمليات منظمة الصحة العالمية للقضاء على الفيروس. من يفوز؟ وسط هذه الأجواء، التي يسودها العنف والأعمال المسلحة وانتشار الإيبولا، يمكننا القول إن الانتخابات ربما تتأجل مرة أخرى، وفي حال عقدها في أخر الشهر الجاري فمن المستبعد أن تشهد الكونغو، التي استقلت منذ عام 1960، انتقالا سلميا للسلطة، كما أن انقسام المعارضة على نفسها يمنح الائتلاف الحاكم فرصة أكبر للتواجد ممثلا في «رامزاني»، ويقلل من فرص تولي «تشيسيكيدي وفايولو» للرئاسة.