«الرصاصة لا تزال في جيبي» إحدى علامات السينما المصرية، والذى تناول حال الشعب المصري خلال نكسة 67 وحتى النصر، وبفضل هذا الفيلم تم تخليد اسم محمود ياسين بين أبطال أكتوبر. «الرصاصة لا تزال في جيبي» هو مشروع أدبي للروائي الراحل إحسان عبد القدوس، والذي شرع في كتابته أثناء حرب الاستنزاف وتناول الشعب المصري خلال تلك الفترة، ونشره حينها تحت عنوان: «رصاصة واحدة في جيبي»، ولكنه عاد بعد نصر أكتوبر واستكمل تلك الرواية ونشر جزأها الثاني بعنوان: «الرصاصة لا تزال في جيبي»، ويفتتح بطل الرواية الحكاية بتلك الكلمات: «هل هذا كلام يا رجل، أجلس أمامك مرتديا بدلة الجندى وفى يدى سلاحى ورغم ذلك، فإن أول ما تسألنى عنه هو قصتى مع فاطمة؛ لم يخطر ببالك أن تسألنى، عن قصتى مع اليهود..» «قصتي فى الحرب.. أنت تسألني عن فاطمة لأنك تعرف فاطمة وعشت فى قصتها.. ولم تسألنى عن الحرب لأنك لم تعش الحرب ولم تعرف اليهود كما عرفتهم أنا».ولا تختلف الرواية كثيرًا عن الفيلم الذي أعد السيناريو له رأفت الميهي ورمسيس نجيب، فقد بدأ تصوير الفيلم مبنيًا على الجزء الأول من الرواية والتي سجلت النكسة ومن ثم «قصتي فى الحرب.. أنت تسألني عن فاطمة لأنك تعرف فاطمة وعشت فى قصتها.. ولم تسألنى عن الحرب لأنك لم تعش الحرب ولم تعرف اليهود كما عرفتهم أنا». ولا تختلف الرواية كثيرًا عن الفيلم الذي أعد السيناريو له رأفت الميهي ورمسيس نجيب، فقد بدأ تصوير الفيلم مبنيًا على الجزء الأول من الرواية والتي سجلت النكسة ومن ثم حرب الاستنزاف، ولكن أثناء التصوير حدث النصر، ليتغير مسار الفيلم، حينما قرر إحسان عبد القدوس، تقديم جزء ثانٍ يمتد حتى النصر، ربما هذا هو سبب تميز هذا الفيلم دونًا عن غيره، كونه قام بالأساس على الحرب ولم تكن هي هامش القصة الرئيسة كما شاهدنا فى كثير من الأفلام التي سجلت نصر أكتوبر، لذلك يعد هذا العمل الفني الذي أشرف على إخراجه نحو 10 مخرجين إحدى علامات السينما المصرية. وينطلق الفيلم من قصة «محمد المغاوري» -يجسده الفنان محمود ياسين - الطالب بكلية الآداب، الذي يعاني من الفساد المتفشي فى البلد، خاصة داخل قريته بالغربية، ويتمثل رمز الفساد فى رئيسة الجمعية الزراعية «عباس» -الفنان يوسف شعبان-، ولا يعرف ذلك الشاب سوى طريق الكفاح وحبه لابنة عمه «فاطمة» -الفنانة نجوى إبراهيم، ولكن مع وقوع النكسة، يقرر هذا الشاب ترك كل شيء خلفه ويتطوع فى الجيش، وحلمه فقط هو تحرير وطنه من العدو الذي دنس أرضه، نجح الروائي إحسان عبد القدوس، فى محاكاة الواقع الاجتماعي آنذاك من خلال تلك القصة الإنسانية، ف«محمد» هنا كان إسقاطًا على الشعب المصري الغيور على أرض و«فاطمة» هي المحروسة، التى اعتدى على شرفها «عباس» إسقاطًا على العدو الغادر. مع توالي الأحداث ينجح «محمد» فى أن يكون واحدًا من أبطال العبور، ويكون جميع أهل القرية وعلى رأسهم «فاطمة» فى انتظاره، لتحية الجندي الذي أعاد الكرامة مرة أخرى إلى وطنه، ولكن تجد أن نهاية الفيلم جاءت مفتوحة على الرغم من انتصار مصر، وهذا من خلال الكلمات التي قالها الفنان محمود ياسين فى النهاية، وهي: «لن أتزوج الآن فاطمة، إن الزواج حياة كاملة والحياة لا تكتمل ما دمت أحتفظ برصاصة فى جيبى، ما دام هناك يهود على أرضى، فكل أملى معلق فى هذه الرصاصة التى لا تزال في جيبي»، والرصاصة بقيت في جيبه فى إشارة إلى أنه لن يتنازل عنها مادام هناك جندي إسرائيلي على أرض عربية. وتعد مشاهد الحرب التى جاءت ب«الرصاصة لا تزال في جيبي» من أفضل اللقطات التى جاءت فى الأفلام التي سجلت حرب أكتوبر، ويعود هذا الفضل إلى المخرج المحترف حسام الدين مصطفى، أحد أشهر مخرجي أفلام الحركة، والذى استعان خلال تصوير الفيلم بثمانية مخرجين مساعدين، حتى تأتي الصورة الفنية على هذه الدرجة من الاحترافية، من بينهم الإيطالي كوترى فى التصوير، كلوديو كونري فى مونتاج المعارك والمخرج الإيطالي ماريوما فى «معركة القناطر». شارك فى بطولة تلك الرائعة الفنية عدد كبير من الفنانين، ورغم صغر حجم دور بعضهم؛ فإن هذا الفيلم وبعد مرور 44 عامًا على عرضه، أصبح بطاقة تعريفية لهؤلاء الفنانين، وهم: نجوى إبراهيم، محمود ياسين، حسين فهمي، يوسف شعبان، سعيد صالح، عبد المنعم إبراهيم، صلاح السعدني، أحمد الجزيري، محيي إسماعيل وإحسان شريف. فى النهاية.. «الرصاصة لا تزال في جيبي» هى الرصاصة التى أطلقها إحسان عبدالقدوس لتخليد ذكرى أبطال أكتوبر، ولكن في ظل الأحداث السياسية التي تشهدها المنطقة العربية هل الرصاصة لا تزال فى جيب الوطن العربي؟ أو أنه تنازل عنها؟ هل سيأتي اليوم الذي سنترك فيه الرصاصة برحيل جنود الاحتلال عن القدس؟، تساؤلات كثيرة والنهاية ايضًا سنتركها مفتوحة مثل البطل «محمد المغاوري».