رغم إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعدم وجود أزمات اقتصادية في البلاد، إضافة إلى تعهده بخفض مؤشر التضخم، فاجأ وزير المالية بيرات البيرق، الأتراك بعجز الدولة عن تحقيق أي تقدم في ملف الاقتصاد الذي عاني على مدار الأشهر القليلة الماضية من أزمات كبيرة، تسببت في انهيار العملة المحلية. وقال البيرق: إن الحكومة قررت الإقدام على برنامج اقتصادي متوسط الآجل، مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن ينخفض النمو إلى 3.8% في عام 2018، متوقعًا هبوطه في 2019 ليصل إلى 2.3%، وتختلف تلك التوقعات عن ما أعلنه البيرق سابقا من تحقيق معدلات تصل إلى 5.5%. وخفَض وزير المالية التركي أهداف النمو الاقتصادي في البلاد، ووعد بخفض الإنفاق العام بنحو 10 مليارات دولار مع سعي البلاد لإيجاد طريق للخروج من أزمة العملة، وفقا ل"الأناضول". ووعد البيرق بإيقاف مشاريع البنية التحتية التي تمثل نسبة كبيرة من الإنفاق الحكومي، قائلًا: "سيتم تعليق بعض المشروعات التي لم يتم طرحها بعد"، موضحًا أن مشروعات البنية التحتية الضخمة ستنفذ بتمويل دولي. اقرأ أيضًا: أردوغان يتجاهل انهيار الليرة.. ويقدم تسهيلات جديدة لمنح الجنسية اللافت هنا بحسب الوزير التركي، أن العجز في الميزانية سيكون 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي العام الحالي، متوقعًا انخفاضة ل1.8% في عام 2019، فيما توقع تجاوز معدل البطالة 12% العام المقبل، بينما توقع أن تبلغ مدفوعات الفائدة 76.4 مليار ليرة في 2018 و117.3 مليار ليرة في 2019. وبالنسبة للتضخم، كشف البيرق عن توقعات الحكومة التركية بأن يصل التضخم إلى 20.8% بنهاية 2018، متوقعًا انخفاضه إلى 15.9% العام المقبل. لكن يبدو أن تصريحات الوزير التركي أحدثت حالة من الاستياء بين عدد كبير من المستثمرين في تركيا، حيث أنهم كانوا ينتظرون قرارات أكثر جديًا وحدة والمزيد من الالتزام بالانضباط المالي، بحس "حرييت". وجاءت الخطة الاقتصادية بعد أسبوع من حصول البنك المركزي التركي على إشادة من بعض المستثمرين لرفع أسعار الفائدة، على الرغم من اعتراضات أردوغان الواضحة، فيما تراجعت الليرة التركية مقابل الدولار مع إعلان الوزير البرنامج الاقتصادي الحكومي للمدى المتوسط والذي تضمن توقعات مُخفضة للنمو. اقرأ أيضًا: تركيا تلجأ إلى دول «البريكس» لتفادي شبح الانهيار الاقتصادي وجرى تداول الليرة عند مستوى أضعف من 6.27 ليرات للدولار، بعد الإعلان عن البرنامج، مقارنةً مع نحو 6.20 ليرات قبل الإعلان و6.2541 ليرة عند الإغلاق أول أمس. وتضررت العملة بسبب المخاوف من نفوذ أردوغان على السياسة النقدية، وزادت الضغوط على العملة التركية بعد الخلاف الدبلوماسي بين أنقرة وواشنطن الناجم عن محاكمة قس أمريكي في تركيا، بحسب الإمارت اليوم. ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة 6.25 نقطة مئوية في الأسبوع الماضي، سعيًا لكبح تضخم في خانة العشرات والحد من هبوط الليرة. ويريد المستثمرون أن يروا علامات على تحول الحكومة عن النمو المدفوع بالائتمان ومشروعات البنية التحتية الكبرى والمستمر منذ 15 عامًا. ومنذ أبريل الماضي تقدمت 12 شركة تركية بطلب تسوية إفلاس للحماية من حجز الدائنين عليها، وذلك عقب الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد إذ فقدت الليرة التركية نحو40% من قيمتها أمام الدولار الأمريكي، كما وصل التضخم إلى نسبة غير مسبوقة ببلوغ نحو 18% . اقرأ أيضًا: لماذا تهدد المعارضة التركية بثورة جديدة ضد «أردوغان»؟ لكن ما زاد من الأمر سوءً، هو القرار الرئاسي بإجراء تعديلات على اللائحة المنظمة لشروط حصول المستثمرين الأجانب على الجنسية التركية، حيث خفضت التعديلات الأخيرة الشروط المالية للحصول على الجنسية التركية إلى نحو السدس تقريبًا. ويبدو أن القرارات الاستثنائية الأخيرة، جاءت بالتزامن مع خروج المستثمرين الأجانب وعزوف العديد من رجال الأعمال الأتراك عن المخاطرة بالتوسع في مشاريعهم في ظل استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي التي تشهدها السوق التركية. وأغلقت شركة "Bilstore" عملاق الملابس الفاخرة أفرع محلاتها التجارية العشرة في تركيا، بسبب الأوضاع الاقتصادية، حيث قال رئيس الشركة سلمان بلال: إن الشركة تتجه إلى تقليص نشاطها في السوق الداخلية لتركيا، والتركيز على توجيه الإنتاج للصادرات إلى الخارج، وفقا ل"الرأي الكويتية". وأوضح بلال أنهم اتخذوا تدابير احترازية طويلة الأمد بسبب الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد التركي، قائلًا: "يجب أن يتم جمع الموارد المالية في مكان واحد، خلال هذه الفترة، لذلك جمدنا نشاطنا في السوق الداخلي التركي، وتوجهنا أكثر نحو التصدير". وتتعرض تركيا في السنوات الأخيرة، إلى ضغوطات كبيرة من قبل وكالات التصنيف الائتماني، ولهذا تسعى إلى إنشاء وكالة ائتمانية تابعة لها للحد من تدهور الاقتصاد.