الأيام القليلة المقبلة، من المتوقع أن تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل مستقبل شبه الجزيرة الكورية، مع وصول الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن، إلى العاصمة الكورية الشمالية بيونج يانج. حيث رحب الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، ب"مون"، الذي يزور البلاد في الفترة من 18 إلى 20 سبتمبر في القمة الثالثة لهما هذا العام. استقبال غير مسبوق شبكة "سي إن إن" الأمريكية، رصدت لحظات لقاء الزعيمين بعد وصول طائرة "مون" إلى مطار "سونان" الدولي، حيث تعانق الزعيمان، وسط حضور العديد من المواطنين الكوريين الشماليين وهم يلوحون بأعلام بلادهم، وأعلام ترمز لوحدة شبه الجزيرة الكورية. وصافح مون وكيم، بالإضافة إلى زوجتيهما، عددا من المسؤولين الذين كانوا في استقبالهم، قبل أن يستعرضوا حرس الشرف الكوري الشمالي، في عرض استمر لنحو 15 دقيقة. وأشارت الشبكة إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يستقبل فيها كيم، أي وفود أجنبية في المطار، منذ أن تولى منصبه رئيسًا للبلاد في عام 2011. وفي وقت لاحق من هذا اليوم، استقل الزعيمان، سيارة مفتوحة في شوارع بيونج يانج، حيث لوحا للآلاف من الجماهير التي اصطفت على جانبي الطريق. مقر إقامة مون ومن المقرر أن يقيم الرئيس الكوري الجنوبي خلال زيارته لبيونج يانج، في بيت ضيافة "بايخواوون"، التي تُعد منشأة كوريا الشمالية لاستضافة رؤساء الدول وكبار الشخصيات الأجنبية. اقرأ المزيد: ماذا لو رفضت واشنطن اتفاق السلام بين الكوريتين؟ وأشارت وكالة "يونهاب" الكورية إلى أنه تم بناء بيت الضيافة عام 1983، على طول نهر "تايدونج" الذي يمر عبر بيونج يانج، ويتكون من ثلاثة مبانٍ من ثلاثة طوابق متصلة ببعضها البعض، ويمكن أن تستوعب ما يصل إلى 90 ضيفًا. ومع وجود غابات كثيفة خلفه، ونهر "تايدونج" أمامه بالإضافة إلى بحيرة اصطناعية كبيرة، يبدو أن المرفق يوفر مكانًا مثاليًا لضمان الأمان والخصوصية لكبار الشخصيات الأجنبية. ويعد بيت ضيافة "بايخواوون" الذي يعني "حديقة المئة زهرة" بالكورية، أحد المرافق الرئيسية لكوريا الشمالية لاستضافة كبار الشخصيات الأجنبية. ففي عام 2000، أقامت فيه مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك، وفي عام 2002، استضاف بيت الضيافة رئيس الوزراء الياباني جونيشيرو كويزومي أيضًا. وكان الرئيسان السابقان لكوريا الجنوبية، "كيم داي جونج" و"روه مو هيون"، أقاما في دار الضيافة عندما زارا بيونج يانج لعقد محادثات القمة مع زعيم كوريا الشمالية آنذاك، كيم جونج إيل، في عامي 2000 و2007. واستُخدم بيت الضيافة، الذي تم تجديده هذا العام، كمقر إقامة المسؤولين الكوريين الجنوبيين خلال فترة التسعينيات، الذين زاروا بيونج يانج لإجراء محادثات رفيعة المستوى بين الكوريتين. جدول أعمال شائك وأشارت وكالة "أسوشيتد برس" إلى أن التركيز الرئيسي للقمة سيتمحور حول ما إذا كان بإمكان الزعيمين إيجاد طرق لحل المفاوضات المتعثرة حول برنامج كوريا الشمالية النووي، وكذلك العمل على تخفيف التوترات العسكرية التي استمرت لعقود طويلة، وتحسين العلاقات. اقرأ المزيد: صداقة الكوريتين تضع ترامب في موقف «المتطفل» أمام العالم فمنذ الدخول في محادثات في وقت سابق من هذا العام، وعد كيم مرارًا وتكرارًا بتحقيق "نزع السلاح النووي الكامل من شبه الجزيرة الكورية"، ولكن دون تقديم جدول زمني مفصل أو خريطة طريق للعملية. وقال مون يوم الاثنين إنه سيتوسط بين كيم والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لمساعدتهما في تسوية خلافاتهما والتحرك نحو نزع السلاح النووي. ويرى بعض الخبراء أن رحلة مون إلى بيونج يانج، يمكن أن تكون ناجحة إذا حصل على وعد من كيم بتقديم قائمة بعدد الأسلحة النووية والمواد الانشطارية وغيرها من الأصول النووية إذا وافق ترامب على إعلان نهاية الحرب. ومن المتوقع أن يتفق كيم ومون على مجموعة من الخطوات التي تهدف إلى الحد بشكل كبير من المواجهة العسكرية بين البلدين على طول الحدود المتوترة، حيث يعمل القادة العسكريون من البلدين على صياغة مثل هذه الخطوات منذ أن وافق مون وكيم على القضاء على خطر الحرب خلال قمتهما الأولى. وقال السكرتير الرئاسي الأول الكوري الجنوبي إيم جونج سوك، إنه يتوقع أن تسفر هذه القمة عن اتفاقيات "ذات مغزى" تزيل بشكل أساسي خطر الاشتباكات المسلحة وتهدئ مخاوف الحرب بين الكوريتين. وتُعد الحدود بين الكوريتين التي يبلغ طولها 248 كيلومترًا، وتسمى المنطقة المنزوعة السلاح، أكثر المناطق تحصينًا في العالم، حيث ينتشر مئات الآلاف من القوات الجاهزة للقتال على طول الخط الحدودي المحصن بالألغام، والأسوار الشائكة، والصواريخ المضادة للدبابات. وأشارت الوكالة إلى أنه من المتوقع أن يتفق مون وكيم خلال القمة على سحب القوات الموجودة داخل المنطقة المجردة من السلاح، ونزع سلاح القوات الموجودة في قرية بانمونجوم الحدودية المشتركة، وإجراء عمليات بحث مشتركة عن رفات الجنود الذين قتلوا خلال الحرب. اقرأ المزيد: لم شمل الأسر الكورية.. بين اللقاءات المنتظرة والنسيان كما ستركز القمة على كيفية تحسين العلاقات بين الكوريتين بما يتماشى مع ما اتفق عليه القادة خلال قمة إبريل، حيث تم بالفعل تنفيذ بعض اتفاقات قمة إبريل، مثل عقد اجتماع للأقارب الذين فصلتهم الحرب الكورية، والتعاون خلال دورة الألعاب الآسيوية، وإنشاء أول مكتب اتصال لكوريا في مدينة "كايسونج" الحدودية الكورية الشمالية. وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن تنفيذ اتفاقيات أخرى، مثل إعادة ربط خطوط السكك الحديدية والطرق المقطوعة بين الكوريتين، واستئناف مشروعات التعاون المتوقفة، سيكون صعبًا، حيث إنه ينتهك العقوبات الدولية التي تفرضها الولاياتالمتحدة على كوريا الشمالية. ويصطحب مون معه خلال القمة نحو 16 رجل أعمال، بمن فيهم "لي جاي يونج" رئيس شركة "سامسونج"، حيث سيلتقون ب"ري ريونج نام"، نائب رئيس مجلس الوزراء في حكومة كوريا الشمالية، لكن ليس من الواضح ما القضايا التي سوف يناقشونها. وأشار بعض الخبراء إلى أن مون يستعد لاستئناف مشاريع التعاون الاقتصادي بين الكوريتين بعد أن تفضي الدبلوماسية في النهاية إلى نتائج.