التلوث بكل أنواعه يؤثر، بكل تأكيد، على صحة ورفاهية الإنسان، إلا أنه من الواضح أننا اعتدنا عليه، فوفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يتنفس 9 من كل 10 أشخاص في جميع أنحاء العالم الهواء الملوث. علاوة على ذلك، تقدر المنظمة أن حوالي 7 ملايين شخص يموتون كل عام من التعرض للجسيمات الدقيقة في الهواء الملوث الذي يتوغل في الرئتين والأوعية الدموية والقلب، مسببًا أمراض مثل السكتة الدماغية والقلب وسرطان الرئة وانسداد الرئة المزمنة والتهابات الجهاز التنفسي. ويبدو أن القاهرة تتفوق على نفسها في هذا المجال، فبعد أن حلت في المركز الثاني في مؤشر منظمة الصحة العالمية لتلوث الهواء الصادر في مايو الماضي، حصدت القاهرة المركز الأول في قائمة أكثر المدن تلوثًا التي أعدها خبراء مؤسسة "إيكو إكسبرت" البريطانية للحلول البيئية. وحلت مدن دلهي وبكين وموسكو وأسطنبول وجوانزو، وشانجهاي وبوينس آيرس وباريس، ولوس أنجلوس في القائمة التي نشرتها مجلة "فوربس"، خلف القاهرة. وأشارت المجلة إلى أن أهم ما يميز تقرير "إيكو إكسبرت" هو أنه لا يشمل فقط تلوث الهواء بل التلوث الضوئي والتلوث السمعي أيضًا، مؤكدة أن هذان الإثنان الآخران "لهما تأثيرات مأساوية على النوم والإيقاع اليومي، والتي بدورها لها آثار على الصحة العقلية والجسدية بطرق لم نفهمها حتى وقت قريب". القاهرة.. الأكثر تلوثًا استخدم تقرير "إيكو إكسبرت" تعاريف دولية محددة لترتيب أكثر المدن تلوثًا، حيث تُعرِّف منظمة الصحة العالمية جودة الهواء بناءً على مقياسين هما "PM10" و"PM2.5". "PM10" تُمثِّل الجسيمات العالقة في الهواء التي يكون قطرها 10 ميكرومتر أو أقل، أما "PM2.5" هي الجسيمات العالقة التي يكون قطرها 2.5 ميكرومتر أو أقل. اقرأ المزيد: بالأرقام.. القاهرة تتصدر قائمة المدن الأكثر تلوثًا في العالم المستويات الآمنة من "PM10" تكون تحت 20 ميكروجرام/م3، في حين تكون المستويات الآمنة من "PM2.5" تحت 10 ميكروجرام/م3. الدراسة كشفت أن هواء العاصمة المصرية ملئ بالجسيمات العالقة "PM2.5" بنحو 11.7 مرة أكثر من المستوى الآمن الموصى به من قبل منظمة الصحة العالمية. كما تحتل المدينة المركز الثاني في معدلات جسيمات "PM10" حول العالم، بمعدل 284 ميكروجرام/م3 ، وهو أكثر بنحو 14.2 مرة فوق الحد الآمن. ويقاس مستوى التلوث الضوئي الصناعي في الليل لكل مدينة بمقياس (μcd / m2) "الشموع لكل متر مربع"، حيث تبلغ درجة إضاءة الليل الطبيعية حوالي 174 "μcd / m2". الدراسة تقول أن التلوث الضوئي في القاهرة سيء جدًا، مشيرة إلى أن منطقة وسط المدينة غارقة في الإضاءة الصناعية، حيث يصل معدل الإضاءة فيها إلى 85 مرة أكثر من معدل إضاءة السماء الطبيعية، مسجلة "14900 μcd / m2"، لتحتل القاهرة المركز الثالث في قائمة أكثر المدن إضاءة في العالم، خلف موسكو وشيكاغو. وبالنسبة للتلوث السمعي استخدم الباحثون بيانات التلوث الناجم عن الضوضاء، الصادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي، لتحديد تلوث الضوضاء على أنه عدد لا يتعدى عدد الوحدات بين 0 و 2، حيث أن 2 الأكثر ضجيجًا. حيث تقول الدراسة أن القاهرة تعد ثالث أكبر مدينة حضرية صاخبة في العالم بمعدل 1.70 نقطة، بعد كل من جوانزو ودلهي. اقرأ المزيد: في اليوم العالمي للبيئة.. هذه الأزمات تواجه المصريين وأشارت الدراسة إلى أن تقرير صادر عن المركز القومي للبحوث في مصر، كشف أن التلوث الضوضائي في المدينة يصل إلى معدل 85 ديسيبل كل يوم، وهو بمثابة قضاء يوم كامل داخل أحد المصانع. زيوريخالمدينة الأقل تلوثًا في العالم بعد أن تم اختيار سويسرا كأفضل بلد في أوروبا للنباتيين، يمكن أن تضيف سويسرا الآن لقب أقل المدن تلوثًا في العالم إلى قائمة الألقاب التي حظت بها. حيث احتلت مدينة زيوريخ السويسرية قائمة أقل المدن تلوثًا حول العالم، حيث تقول الدراسة إنه "لا عجب أن يتمتع السويسريون بأطول عمر متوقع في العالم". وتصل جودة الهواء في المدينة السويسرية إلى أعلى مستوياتها، حيث يحتوي الهواء في زيوريخ على أدنى مستوى من الجسيمات العالقة "PM2.5" بمعدل "10 ميكروجرام/م3"، كما يبلغ معدل الجسيمات "PM10" نحو "16 ميكروجرام/م3"، مما يجعل الهواء في زيوريخ أكثر نظافة من هواء القاهرة ب 11 مرة. وأشارت الدراسة إلى أن مشاكل التلوث الضوئي غير موجودة إلى حد كبير أيضًا في زيوريخ، حيث تحتل المدينة المرتبة الثانية في العالم، في أقل المدن إضاءة بعد مدينة "أوسلو". ومن حيث التلوث السمعي، تعد زيوريخ هي أهدأ مدينة في العالم بمعدل 0.02، حيث يأخذ السويسريون الضوضاء على محمل الجد، حتى أنهم نفّذوا مبادرة "الساعات الهادئة"، حيث يُمنع خلالها السكان من إحداث ضوضاء لا مبرر لها، مثل قص العشب أو تشغيل الموسيقى الصاخبة. وأشارت "فوربس" إلى أنه ليس من قبيل المصادفة أن سويسرا تُعد ضمن العشرة الأوائل في قائمة أكثر الدول سعادة في العالم، وليس من قبيل المصادفة أيضًا، أن تكون معظم المدن في قائمة أنظف مدن العالم، هي أيضًا ضمن قائمة أسعد المدن في العالم. اقرأ المزيد: صور| أكثر المدن صديقة للبيئة حول العالم مضيفة أن تلوث الهواء والمياه الملوثة وغيرها من الملوثات يتسبب في وفيات سنويًا، أكثر من أي شيء آخر، مثل التدخين والجوع والكوارث الطبيعية والحروب والإيدز والسل والملاريا، كما يكلف التلوث أكثر من 4 تريليون دولار من الخسائر السنوية، أي 6٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.