أخذت العلاقات الفرنسية الإيطالية في الآونة الأخيرة منحى خطيرا، وبدأ يزداد في الفترة الأخيرة حول أزمة الهجرة إلا أنه تصاعد ليبلغ ذروته مع تصعيد روما غير المسبوق ضد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وحكومته. واتهم نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني، فرنسا ب"الأنانية المحضة" والحكومة الفرنسية ب"الاستعمار والغطرسة"، وذلك لإصرارها على إجراء انتخابات بليبيا في نهاية العام. "سالفيني" أوضح أن الدعوة إلى انتخابات في ليبيا يوم 10 ديسمبر في بلد لا يزال منقسما وفي حالة حرب، هو أمر بالغ الخطورة ولا يقدم عليه إلا المستعمرون المتغطرسون من قبيل وزراء فرنسا الذين لا يزالون كذلك حتى اليوم، متابعًا: "يستمر الفرنسيون في التدخل بالمصالح الاقتصادية الوطنية وفي إطار من الأنانية المحضة". واتهم المسؤول الإيطالي فرنسا بالتسبب بكوارث خلال فترة الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، واليوم يحاولون مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاستمرار في نفس الخط وتحديد مواعيد الانتخابات دون إشراك أي جهة، حسب الخليج الإماراتية. وتابع: "نحن نعول على الأممالمتحدة في ما يتعلق بالملف الليبي، خاصة أن الاجتماع الذي عقده رئيس الوزراء جوزيبه كونته مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أبرز الثقة في أداء إيطاليا.. لهذا نحن نريد أن نرافق الليبيين، لكن يجب أن يكونوا هم الوحيدين الذين عليهم أن يقرروا كيف ومتى يصوتون؟". اقرأ أيضًا: خطة أوروبية لإنقاذ ليبيا من الانهيار.. ودعوات لمقاطعة إيطاليا لا يمكن تجاهل أن إيطاليا ليست الجهة الوحيدة التي ترفض إجراء الانتخابات الليبية في نهاية العام بسبب استحالة إجرائها في ظل تردي الوضع الأمني، وأيضًا بسبب عدم جاهزية الليبيين لمثل هذا الاستحقاق. محمود جبريل رئيس أول حكومة انتقالية بعد سقوط نظام معمر القذافي أشار إلى أن ليبيا ليست جاهزة بعد لإجراء الانتخابات في ديسمبر في ظل عمليات تلاعب واسعة النطاق ببطاقات الهوية، وهو ما قد يشكل تهديدًا للأمن القومي وذريعة للتشكيك في نزاهة الانتخابات. وحذّر جبريل من أن هناك تزويرًا واسع النطاق يتعلق ببطاقات الهوية في البلاد، مشيرًا إلى أن ذلك ربما يعرض نزاهة الانتخابات التي قد تجرى أواخر العام الحالي للخطر، وفقا للصحيفة الإماراتية. وفي يوليو أيضًا انتقد تقرير أعده أعضاء في مجلس الشيوخ الفرنسي سياسة الرئيس إيمانويل ماكرون في ليبيا، وطلبوا منه عدم الاستعجال في الدفع نحو إجراء انتخابات في هذا البلد بنهاية العام. أما نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ سيدريك بيران من حزب الجمهوريين المعارض، قال: إن "الدفع للحصول على كل شيء وعلى الفور، يؤدي بالتأكيد إلى الفشل، لا بد من تجنب المزج بين السرعة والاستعجال، بين العمل والعلاقات العامة". اقرأ أيضًا: إيطاليا تنتهك السيادة الليبية.. وتعرقل العملية السياسية السيناتور بيران أوضح في تقرير سابق له، "لقد تحسن الوضع قليلًا في ليبيا، إلا أن ما تحقق نحو انتقال سياسي يبقى هشا للغاية"، مشيرًا إلى التحديات الاقتصادية والأمنية التي يواجهها البلد الممزق بعد 7 سنوات على التدخل الغربي الذي ساهم بالإطاحة بنظام معمر القذافي ومقتله عام 2011، بحسب ميدل إيست أونلاين. كان الرئيس الفرنسي قد حصل من الأطراف الأربعة الرئيسيين في الأزمة الليبية على اتفاق شفهي من دون توقيع في 29 من مايو في باريس، لإجراء انتخابات في 10 ديسمبر والتقدم نحو الخروج من الفوضى في هذا البلد. في المقابل، يطالب بعض المسؤولين الليبيين بإقرار دستور قبل الانتخابات يحدد صلاحيات الرئيس الذي يفترض أن ينتخب أواخر السنة، كما أن العديد من القوى الأخرى تعرقل الحل السياسي خوفًا من أن تفقد نفوذها خصوصا في إطار تقاسم الثروة النفطية. بينما علق السيناتور سيدريك بالقول: إن "إجراء انتخابات بنهاية السنة الحالية في ليبيا يبدو لنا صعبًا جدًا، مع أن هذا ما نسعى للقيام به". وتبنى مجلس الأمن الدولي نصًا يؤيد إعلان باريس الصادر في مايو بشأن ليبيا، والذي ينص على "تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية في هذا البلد قبل نهاية العام"، وفقا ل"روسيا اليوم". اقرأ أيضًا: هل تنجح محاولات فرنسا لإنقاذ وساطتها في ليبيا؟ وجاء في النص الذي أقره الأعضاء ال15 بالإجماع أن المجلس يرحب بالتزام الأطراف الليبيين مثلما ورد في إعلان باريس، بأن يعملوا بشكل بناء مع منظمة الأممالمتحدة من أجل تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية ذات مصداقية وسلمية واحترام نتائجها. كما أثنى مجلس الأمن "على الديناميكية التي أحدثها المؤتمر الدولي حول ليبيا الذي نظمه الرئيس إيمانويل ماكرون في باريس ليلة 29 مايو 2018 برعاية منظمة الأممالمتحدة"، وفق ما جاء في الإعلان. وجمع مؤتمر باريس لأول مرة الأطراف الأربعة الرئيسيين في الأزمة الليبية، رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج ورئيس مجلس الدولة خالد المشري ومقرهما في طرابلس، وغريميهما في شرق ليبيا وهما المشير خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح ومقره طبرق، بحسب القناة. وأعلن الأربعة التزامهم بتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية في 10 ديسمبر واحترام نتائجها وتوحيد المؤسسات ومنها البنك المركزي، سعيا لإخراج البلاد من الفوضى السائدة منذ التدخل الغربي عام 2011 وسقوط معمر القذافي.