رغم توازن القوى بين إيرانوروسيا في بحر قزوين، إلا أن تقسيم الثروات الموجودة بداخله، كانت إحدى أهم المشكلات الإقليمية الممتدة منذ 20 عامًا، والتي أشعلت صراعًا سياسيًا واستخباراتيًا بين الدول الكبرى. فأمريكا تبحث عن مصادر نفطية جديدة، في حين ترفض موسكو أي تدخل خارجي بشئون المنطقة، وهو ما دفعها إلى دعوة الدول المتشاركة معها في التواجد على البحر للحوار، بهدف الوصول إلى حلول جذرية، واستجابت لها إيران وكازاخستان وأذربيجان وتركمانستان. البداية مع إيران، حيث ترى أنه من الضروري تقسيم البحر "بالتساوي والعدل" بين الدول الخمس المطلة عليه مع تطبيق ما يُعرف في القانون الدولي بمبدأ "السيادة المشتركة"، الذي يُطبق على البحيرات المغلقة ويعطي الدول الخمس نسبًا متساوية، تبلغ 20% لكل دولة من مساحة البحر ومن عائد الاستغلال الجماعي والمشترك لثرواته الباطنية. ويعتبر قزوين بحسب المادة 122 من اتفاقية قانون البحار بحرًا مغلقا، وإذا ما طبق قانون البحار، سيتم تعيين الحدود البحرية للدول الخمس المطلة عليه، بناءً على مسافات متساوية من البحر وموارد قاعه إلى قطاعات تعرف باسم "القطاعات القومية"، بحسب مركز دراسات الشرق الأوسط. اقرأ أيضًا: هل تندلع حرب اقتصادية بين أمريكاوروسيا بسبب العقوبات؟ الرئيس الإيراني حسن روحاني دعا من خلال "قمة قزوين" اليوم، الدول الخمس المطلة على البحر إلى تأسيس منظمة للتعاون الجمركي، والاستثمار المشترك، وتعزيز البنى الاقتصادية بينها، بحسب "رويترز". وقال روحاني: "نرى أنه من المناسب أن نخطو خطوات لتأسس منظمة للتعاون الجمركي، والاستثمار المشترك، وتعزيز البنى الاقتصادية، ونحن على استعداد لتفعيل التجارة بين الشمال والجنوب"، مشيرًا إلى أن بحر قزوين يستطيع أن يمثل نموذجًا ناجحًا لثبات التعاون والأمن والسلام. في المقابل، أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن دول بحر قزوين، ستنشئ منتدى قزوين الاقتصادي، موضحًا أن قمة دول بحر قزوين الخامسة تتمتع بأهمية استثنائية ومغزى تاريخي، وتضمن الاتفاقية عدم وجود قوى غير إقليمية على البحر. "فاتفاقية الوضع القانوني لبحر قزوين، التي أعدت في سياق أكثر من 20 عامًا من المفاوضات، تحدد الحق الحصري ومسؤولية دولنا عن مصير بحر قزوين، وتضع قواعد واضحة لاستخدامها الجماعي"، بحسب بوتين. اقرأ أيضًا: صراع النخب.. كيف نجحت العقوبات الأمريكية على روسيا في تحقيق أهدافها؟ وشدد على أنه يجب على دول منطقة قزوين زيادة التعاون المنهجي في مكافحة الإرهاب، وتوسيع عمل إدارات الحدود، نظرا لأنه في المحيط المباشر لبحر قزوين توجد جيوب من عدم الاستقرار، الشرق الأوسط، أفغانستان، لذلك تتطلب الحياة نفسها التعاون الوثيق لمصالح شعوبنا، وفقا ل"روسيا اليوم". ورغم المواقف المتباينة بين دول بحر قزوين، فإن الخلافات لم تنحصر في ترسيم البحر، بل شملت أيضًا الارتباط الإقليمي لترسبات الهيدروكربونات الكبيرة الموجودة على جرف البحر، لذا عرضت أذربيجان وكازاخستان وتركمانستان تحديد بحر قزوين من خلال طريقة "الخط الوسط المعدل"، بحسب الخليج أونلاين. لكن إيران أصرت على الحفاظ على بحر قزوين بشكل عام ضمن مبدأ الملكية المشتركة، بينما سمحت بإنشاء 5 قطاعات متساوية، بينما عارضت بشكل قاطع إبرام اتفاقات ثنائية على بحر قزوين، في حين أيدت روسيا ترسيم أعماق بحر قزوين، لكنها كانت ضد تقسيم منطقتها المائية، وفقا للصحيفة. أما وزير الخارجية الكازخستانى خيرت عبد الرحمنوف، فقد أكد أن اتفاقية بحر قزوين، تراعي مصالح جميع هذه الدول، حيث ستعتمد على تعاون الدول المطلة عليه في مختلف قطاعات الاقتصاد، بما في ذلك فى قطاع النفط والغاز، بحسب الاتحاد الإماراتية. اقرأ أيضًا: بعد العقوبات الأمريكية.. روسيا تصدر قرارات ضد سفارة أمريكا في موسكو "عبد الرحمنوف" أضاف أن اتفاقية بحر قزوين تنص على الأخذ بعين الاعتبار مصالح جميع الدول المتشاطئة، وعلى وجه الخصوص تنفيذ الحقوق السيادية لاستخدام باطن الأرض ومد الأنابيب والكابلات تحت الماء وغير ذلك. وأشار إلى أن حرية العبور بجميع وسائل النقل المنصوص عليها فى الاتفاقية، تفتح أمامنا فرصا كبيرة لتطوير البنى التحتية للطرق والسكك الحديد وفي البحر وخطوط الأنابيب في الدول المطلة على البحر. يمكن القول إن الاتفاق الموقع في قمة قزوين، وضع حدا للنفوذ الأمريكي، إضافة إلى أنه سيساعد على تهدئة التوتر القائم في المنطقة التي تضم احتياطات هائلة من المحروقات تقدر بنحو 50 مليار برميل من النفط ونحو 300 ألف مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.