باتت العقوبات الأمريكية صداعا في رأس النظام الإيراني، حيث أصبحت مواجهة تلك العقوبات والبحث عن حلول للخروج منها هو المسعى الرئيسي لنظام الملالي، وذلك مع تزايد الصعوبات الاقتصادية وتواصل انهيار العملة والمخاوف من تجدد الاحتجاجات التي اندلعت قبل أسابيع. ومع اقتراب تطبيق تلك العقوبات التي تفصلنا عنها أيام قليلة، ترددت أنباء حول موافقة المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران، على رفع الإقامة الجبرية المفروضة على ما يطلق عليهم الإصلاحيون مير حسين موسوي ومهدي كروبي منذ ما يقرب من 7 سنوات لقيادتهما حركة احتجاج في العام 2009. حسين كروبي، نجل مهدي كروبي، أحد قادة "الحركة الخضراء" الخاضع للإقامة الجبرية مع ميرحسين موسوي وزوجته زهراء رهنورد، كشف أن هناك قراراً من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني بالإفراج عن زعماء الحركة. وبينما أكد حسين كروبي أن هذا القرار سيتم تطبيقه خلال 10 أيام إذا لم يعارضه المرشد الأعلى للنظام علي خامنئي، كشفت مصادر أن القرار يشمل أيضاً رفع الحظر الإعلامي عن محمد خاتمي، الرئيس الإيراني السابق وزعيم التيار الإصلاحي. اقرأ أيضا: «2 مليار دولار».. إيران تدفع فاتورة اقتحام السفارة السعودية عراب هذا المشروع بحسب ما أطلق "كروبي" عليه، هو إسحاق جهانغيري، النائب الأول للرئيس الإيراني حسن روحاني، مشيرا إلى التصريحات الأخيرة لجهانغيري التي قال خلالها إن "هناك تحركاً لجمع الشخصيات والرموز البارزة في البلاد خلال الأيام القادمة من أجل توحيد الصفوف". مواجهة العقوبات تأتي تلك الخطوة بسبب ما يعانيه هذا النظام من رفض داخلي في الأساس يتمثل بالاحتجاجات الشعبية المطالبة بالحقوق والحريات، وبسبب الإدانة والرفض الدولي والإقليمي للسياسات التي يمارسها بالتدخل في شؤون الدول الأخرى ومحاولة تصدير الثورة إليها والسيطرة عليها، وربما يكمن السبب الرئيسي من وراء ذلك في محاولة منه لمواجهة العقوبات الأمريكية ضده التي ستدخل حيز التنفيذ. كما يشير مراقبون إلى أن هذه الخطوة تهدف إلى توحيد أجنحة النظام وترتيب البيت الداخلي، كما يرى هؤلاء أن الخطوة تعني أيضا تهيئة الأجواء للعبة سياسية جديدة من قبل المرشد لتلميع صورته أمام المجتمع الدولي والتخفيف من أجواء القمع في الداخل لاحتواء الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة، وكذلك الضغوط الدولية على طهران بسبب استمرار دعمها للإرهاب. اقرأ أيضا: روحاني يصر على البقاء رغم اقترابه من حافة الهاوية ولم يصدر تأكيد رسمي للقرار لكن التقارير وردت في الوقت الذي يسعى فيه المسؤولون الإيرانيون إلى توحيد الإصلاحيين والمحافظين إزاء الضغوط المتزايدة من الولاياتالمتحدة وتدهور الوضع الاقتصادي، حسب "الحياة". كان موسوي (76 عاماً) وكروبي (80 عاماً) مرشحين إصلاحيين في الانتخابات المثيرة للجدل، التي فاز فيه الرئيس الشعبوي محمود أحمدي نجاد في العام 2009. وبعد هزيمتهما في تلك الانتخابات، قاد موسوي وكروبي في ذلك العام حركة الاحتجاج على إعادة انتخاب أحمدي نجاد، بسبب عمليات غش على نطاق واسع، ومن دون توجيه أي تهمة إليهما وضع الرجلان قيد الإقامة الجبرية منذ فبراير 2011، ووعد الرئيس حسن روحاني في 2013 بالقيام بكل ما في وسعه لإنهاء إقامتهما الجبرية. تخفيف الاحتقان من جانبه، يرى المحلل السياسي والباحث في الشأن الإيراني أسامة الهتيمي، أنه شك أن تطورات الصراع السياسي بين أمريكاوإيران والتي كان أهم مظاهرها اعتزام أمريكا إعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران، بعد إعلان انسحابها من الاتفاق النووي، سينعكس بشكل كبير على الأوضاع السياسية والاقتصادية في الداخل الإيراني، الأمر الذي يدفع قادة النظام الإيراني إلى التحرك سريعا في محاولة للتخفيف من حدة هذه الانعكاسات. اقرأ أيضا: «مضيق هرمز» يفجر أزمة بين روحاني والحرس الثوري وقال "الهتيمي" في تصريحات خاصة ل"التحرير"، "إنه ليس من المستغرب أن يتخذ المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني قرارا بالموافقة على الإفراج عن قادة الحركة الخضراء في إيران والذين تم تحديد إقامتهم على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة الإيرانيةطهران عام 2009 بعد اتهامات للنظام الإيراني بالمسئولية عن تزوير الانتخابات الرئاسية لصالح أحمدي نجاد ضد مير حسين موسوي". وحول أسباب هذا التوجه يضيف الباحث في الشأن الإيراني "إن مثل هذه الخطوة ربما تأتي في إطار مساعي النظام الإيراني لتخفيف حدة الاحتقان في الشارع السياسي، ومحاولة احتواء الفرقاء السياسيين الذين يدرك النظام قبل غيره أن قادة الحركة ورغم تصنيفهم باعتبارهم "إصلاحيين" فإنهم جزء من النظام السياسي يقرون بما جاء في الدستور الإيراني الذي تعد نظرية ولاية الفقيه ومبدأ تصدير الثورة العمود الفقري الذي يستند عليه وينطلق منه، ومن ثم فإن هؤلاء بطبيعة الحال ووفق توجهاتهم الحقيقية لن يتخلوا عن الدولة الإيرانية في وقوفها ضد أمريكا. رسالة للخارج وليس مستبعدا أيضا بحسب "الهتيمي" أن النظام الإيراني ربما يراهن على وجوه قادة "الحركة الخضراء" كون أنهم يحظون بثقة قطاع جماهيري ممن فقدوا الثقة في قادة النظام الحاليين بعد أن ثارت حولهم الكثير من اتهامات الفساد التي وصلت إلى حد أن أصبحت حديثا في الداخل الإيراني وفي الخارج وهو ما يرجح أن يكون قادة الحركة بديلا في أي لحظة للوجوه الحالية، ما سيسهم في إحداث حالة اصطفاف شعبي حول هؤلاء القادة الذين لن يتراخوا في الخروج بالبلاد من الحالة الاقتصادية المزرية ومعالجة المشكلات التي تعاني منها البلاد. اقرأ أيضا: بعد حصاد «جمهورية المرشد».. الإطاحة ب«ولي الله» هل تنقذ اقتصاد إيران؟ واختتم الباحث حديثه قائلا "إنه يضاف إلى ذلك أن النظام الإيراني في حال موافقة المرشد على هذه الخطوة، ربما يريد أن يبعث برسالة للخارج مفادها أنه بدأ يستجيب لدعوات إحداث انفراج سياسي في الداخل الإيراني في محاولة لتجميل وجهه بعد الصورة السيئة التي تم اعتمادها نتيجة الانتهاكات التي مورست بحق المحتجين سواء خلال عام 2009 أو الحراك السياسي الذي انطلق في نهاية ديسمبر من العام الماضي".