ما إن اقترب النظام السوري من تحرير المناطق الجنوبية، حتى سارع الأكراد إلى الاستجابة لضغط الرئيس بشار الأسد الذي أشار إلى إمكانية التفاوض أو قبول الحرب، وهو ما دفع قوات سوريا الديمقراطية إلى المشاركة بالمفاوضات في مسعى لإنهاء الصراع المستمر منذ 7 سنوات. أمس، أعلن تحالف في سوريا، يقوده الأكراد وتدعمه الولاياتالمتحدة، أنه اتفق مع الحكومة في دمشق على تشكيل لجان تعمل من أجل وضع نهاية للحرب الدائرة منذ أعوام. الاتفاق بين وفدي مجلس سوريا الديمقراطية والنظام الشرعي، تضمن تشكيل لجان بين الطرفين لتطوير المفاوضات بهدف وضع خريطة طريق تقود إلى دولة ديمقراطية لا مركزية تفرض سيطرتها على جميع المناطق بما فيها شرق نهر الفرات، حيث تقيم قوات التحالف الدولي ضد "داعش"، بقيادة واشنطن. الرئيس المشترك ل"مجلس سوريا الديمقراطية" رياض درار قال: "نعمل على أننا مستقرون في أرض حررناها ونريد أن نعيدها إلى الدولة السورية"، مضيفا أن الدولة ليست النظام.. فنحن نريد الدولة التي نسعى إليها ما بعد التسوية السياسية، بحسب صحيفة الشرق الأوسط. اقرأ أيضًا: هل سترد سوريا على إسقاط مقاتلتها من قبل إسرائيل؟ وأكد صالح مسلم الرئيس السابق ل"الاتحاد الديمقراطي الكردي" الذراع السياسية ل"وحدات حماية الشعب" الكردية، أن الزيارة إلى دمشق، لم تتجاوز كونها جس نبض أسفرت عن تشكيل لجان لحل القضايا الخلافية. وتُعتبر هذه المحادثات الأولى الرسمية العلنية بين "مجلس سوريا الديمقراطية" ودمشق لبحث مستقبل مناطق الإدارات الذاتية شمال شرقي سوريا، بعدما استعادت قوات النظام مناطق واسعة من البلاد خسرتها منذ 2011، وباتت تسيطر حاليا على نحو 60% من الأراضي السورية البالغة 185 ألف كيلومتر مربع. وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية على نحو 30% من مساحة البلاد تتركز شمال شرقي البلاد وتضم 90% من نفط البلاد ونصف الغاز وأهم المحاصيل الزراعية والسدود، لتكون بذلك ثاني قوة مسيطرة على الأرض بعد الجيش السوري. زيارة وفد "مجلس سوريا الديمقراطية" إلى دمشق جاءت بدعوة من الحكومة السورية، وتهدف إلى وضع الأسس التي تمهد لحوارات أوسع وأشمل لحل كل المشكلات العالقة، حيث جرى اتخاذ قرارات بتشكيل لجان على مختلف المستويات لتطوير الحوار والمفاوضات وصولًا إلى وضع نهاية للعنف والحرب التي أنهكت الشعب والمجتمع السوري من جهة، ورسم خارطة طريق تقود إلى سوريا ديمقراطية لا مركزية. في حين ذكرت مصادر أن اللجان ستشمل قضايا عسكرية وأمنية واقتصادية وخدمية وقانونية، بحيث يحدد لكل لجنة دورها وأعضاؤها وآلية عملها وصولًا إلى تفاهمات. اقرأ أيضًا: سوريا تعيد أبناءها من لبنان.. وتحركات روسية لتخفيف معاناتهم وجاء الاتفاق على تشكيل اللجان كحل وسط بين موقفي الطرفين، خاصة أن دمشق تريد البدء بتسليم المعابر الحدودية مع تركيا والعراق وإرسال الأمن إلى مناطق شرق نهر الفرات. بينما ركز الوفد الكردي على أولوية استعادة الخدمات وتوفير الكهرباء والتعليم والسجل المدني قبل الانتقال إلى القضايا الأكبر المتعلقة بالسيطرة على الحدود وانتشار الأمن، وفقًا ل"الشرق الأوسط". وقال قيادي في مجلس سوريا الديمقراطية: "لدينا قوات شرطة محلية قادرة على حماية موظفي الحكومة لإصلاح المؤسسات الخدمية والعمل فيها". بينما علق سيهانوك ديبو، مستشار الرئاسة المشتركة ل"حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي" بالقول: إن "وظيفة اللجان وضع خريطة طريق لتكون سوريا لا مركزية، فعملية التفاوض ستكون طويلة وشاقة، لأن السلطة في دمشق وبنيتها مركبة على أساس شديد المركزية، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتصر دمشق على استرداد مناطق البلاد كافة بما فيها مناطق الأكراد، لكن وزير الخارجية السورية وليد المعلم أعرب العام الماضي عن استعداد دمشق للحوار مع الأكراد حول إقامة "إدارة ذاتية"، بينما لوح الرئيس بشار الأسد في مايو بعمل عسكري ما لم تنجح المفاوضات، بحسب "سبوتنيك". اقرأ أيضًا: على خطى «بلفور».. مخطط أمريكي لتقسيم سوريا على المدى الاستراتيجي وطوال سنوات النزاع، ظلت المواجهات العسكرية بين قوات النظام والمقاتلين الأكراد محدودة وحصلت تفاهمات في مناطق عدة لمنع حصول صدام. وبعد عقود من التهميش، تصاعد نفوذ الأكراد في سوريا مع انسحاب قوات النظام تدريجيا من مناطقها في عام 2012، ليعلنوا لاحقًا الإدارة الذاتية ثم النظام الفيدرالي قبل نحو عامين في منطقة "روج أفا" الواقعة غرب كردستان. وتأخذ دمشق على المقاتلين الأكراد تحالفهم مع واشنطن، التي قدمت لهم عبر التحالف الدولي غطاءً جويا لعملياتهم العسكرية ضد "داعش" الإرهابي ودعمتهم بالتدريب والسلاح والمستشارين على الأرض مع وجود عدد من القواعد العسكرية الثابتة. العضو الكردي في مجلس الشعب السوري عمر أوسي أكد أن المفاوضات ترمي إلى تسهيل دخول الجيش السوري إلى المناطق ذات الغالبية الكردية وإعادة مؤسسات الدولة إليها في مقابل اعتراف الدستور المقبل بالمكون الكردي، ومنحه حقوقه الثقافية"، بحسب الوكالة الفرنسية. وأخيرًا يجب التأكيد على أنه في مقابل تخلي أكراد الشمال عن الأجندات الخارجية والحكم الذاتي، فإن الحل الأمثل سيكون بتطوير قانون الإدارة المحلية رقم 107 الصادر في عام 2012 من أجل تفعيل الإدارات المحلية في إطار اللا مركزية الإدارية.