في الوقت الذي تشهد ليبيا وضعًا أمنيًا متوترًا مع وجود مساعٍ دولية وإقليمية مكثفة لإيجاد تسوية شاملة للأزمة، تستعد الدولة الإفريقية لإجراء انتخابات رئاسية قبل نهاية سبتمبر 2018، في خطوة لتوحيد الفرقاء وإنهاء حالة الاحتقان. لكن ما قد يثير تساؤلات عديدة، هو صعود نجم سيف الإسلام القذافي وظهوره على الساحة الليبية، بعزمه الترشح في الانتخابات القادمة، وهو الأمر الذي يزيد من صعوبة اختيار مرشح توافقي يمكنه إخراج البلاد من كبوتها. صحيفة التايمز، نقلت عن المفاوض الفرنسي المستقل جون إيفيس أوليفييه المنخرط في جهود المصالحة الليبية: إن "سيف الإسلام رمز للمصالحة". "أوليفييه" أضاف: "لا نناقش السياسة لكنه يمرر لي رسائل.. إنه يريد إجراء انتخابات، وهو مقتنع بأنه إذا خاض الانتخابات سيكون هناك مليون من القذافيين وراءه، وبالتالي سيفوز". اقرأ أيضًا: انتخابات ليبيا.. هل بدأت معركة تكسير العظام بين نجل القذافي والإخوان؟ ويثير صعود نجم سيف الإسلام البالغ من العمر 46 عاما تساؤلات بشأن قرار قوى غربية دعم معارضي القذافي عسكريًا في أثناء الانتفاضة ضد حكمه، حسب تقرير الصحيفة. فالرجل ما زال مطلوبًا للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية في اتهامات بارتكاب فظائع، بينها جرائم ضد الإنسانية، في أثناء الانتفاضة، كما أصدرت محكمة في العاصمة طرابلس حكما بإعدامه في عام 2015، لكن الحكم لم ينفذ مع انزلاق ليبيا إلى الفوضى. لكن الجهود لإعادة تأهيل سيف الإسلام وإرجاع أسرة القذافي إلى المشهد السياسي في ليبيا، شملت مطالب للمحكمة الجنائية الدولية بإعادة النظر في موقفها، حسب التايمز. ووسط جهود الوساطة، تسود فكرة مفادها أنه لن يمكن إرساء سلام دائم دون إعادة دمج أنصار القذافي في المشهد السياسي، حيث إن هناك اعتقادا بأن بين سكان ليبيا البالغ عددهم 6.2 مليون شخص، هناك ما يصل إلى 500 ألف من أنصار القذافي يعيشون في المنفى، بالإضافة إلى 1.5 مليون آخرين نازحين داخل البلد. اقرأ أيضًا: انتخابات ليبيا.. هل ينجح «حفتر» في إنهاء الانقسام المجتمعي؟ "أضف إلى هؤلاء، من يقولون إن البلد كان آمنا حين كان القذافي في الحكم"، حسب المفاوض أوليفييه رئيس مؤسسة برازافيل المنخرطة في جهود الوساطة في ليبيا، حسب "سبوتنيك". وتابع "أوليفييه" الذي التقى القذافي لأول مرة في عام 1969 وله صلات دبلوماسية وتجارية قديمة مع ليبيا، قائلًا: "لا يمكنك أن تتجاهل هؤلاء الأشخاص.. يجب الإنصات لأصوات كل الليبيين". أما الصحفي الليبي، أحمد الخميسي، فقال: إن "سيف الإسلام القذافي من حقه الترشح للانتخابات الرئاسية شأن أي مواطن ليبي"، مضيفًا أن الأخير حصل على عفو عام من القضاء الليبي في كل التهم التي وجهت إليه عقب أحداث ثورة فبراير 2011، لعدم كفاية الأدلة. وتابع: "لا توجد موانع دستورية أو قانونية تحول دون حقه في الترشح، حتى ولو تم تحريك قضايا جديدة ضده، فالقضاء الليبي مستقل، ولن يتأثر بالخلافات السياسية عند الحكم عليه"، حسب "سبوتنيك". اقرأ أيضًا: ليبيا تسير نحو الهاوية.. «السراج» يشعل شرارة الحرب ضد حفتر وأشار الخميسي إلى أنه "قبل الحديث عن ترشح نجل القذافي للرئاسة، وتبشيره بعودة النظام القديم من عدمه، علينا أولًا أن نبحث عن الحقائق، في أمر وجود نجل القذافي من عدمه، خاصة في ظل تأكيدات على عدم وجوده في مناطق الزنتان والراجدان داخل ليبيا". وشدد الصحفي على أن الوضع داخل ليبيا الآن لا يبشر بوجود انتخابات رئاسية في القريب العاجل، خاصة في منطقة الجنوب وحتى العاصمة طرابلس، ومن ثم فقبل إرباك المشهد بالحديث عن الترشح للرئاسة، على المرشحين سواء سيف القذافي أو غيره أن يعلنوا أولًا لليبيين، كيف سيتعاملون مع الميليشيات المسلحة؟ ولا يزال نظام القذافي يحظى بتأييد وولاء بعض القبائل خاصة في مناطق الجنوب ومناطق ورشفانة الواقعة جنوب غرب طرابلس، إضافة إلى عدد من القبائل بمدينة سرت غربي ليبيا مسقط رأس معمر القذافي.