يبدو واضحًا أن تلويح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب قواته من داخل سوريا، أصبح واقعا ملموسا، خاصة بعد حض المبعوث الأمريكي للتحالف الدولي ضد داعش في سوريا، بريت ماجورك، الدول الأعضاء على دفع 300 مليون دولار، وزيادة حضورها عسكريًا، تمهيدًا للانسحاب الأمريكي. رسالة المبعوث الأمريكي كانت واضحة، حيث طالبهم بتحمل العبء عسكريًا وماليًا شمال شرقي سوريا.. أي توفير نحو 300 مليون دولار أمريكي، ونشر وحدات من القوات الخاصة لملء الفراغ لدى الانسحاب التدريجي للقوات الأمريكية. مصادر دبلوماسية غربية أكدت أن الرئيس دونالد ترامب بصدد اتخاذ قرار في بداية نوفمبر المقبل، يعلن فيه الانسحاب التدريجي من شمال شرقي سوريا ضمن مدة قد تستمر 8 أشهر، حسب "الشرق الأوسط". ترامب أراد سابقًا انسحابًا فوريًا، لكن نصائح مستشاريه وحلفائه أدت إلى نقل الحديث من انسحاب فوري إلى انسحاب مشروط مرتبط بأمرين: الأول، القضاء الكامل على تنظيم "داعش" في جيوبه الأخيرة قرب الحدود السورية – العراقية، والتأكد من أن التنظيم الإرهابي لن يعود إلى الظهور مرة ثانية. اقرأ أيضًا: سحب القوات الأمريكية مقابل طرد إيران.. صفقة «ترامب - بوتين» حول سوريا أما الأمر الآخر، فهو الوجود الإيراني، إذ يقول مسؤولون أمريكيون وحلفاء لواشنطن: إن "الوجود الأمريكي شمال شرقي سوريا يقطع الطريق البري بين طهران ودمشق ويقلص نفوذ إيران في المنطقة"، وفقا للصحيفة. ومؤخرًا، ظهر عرض جديد لقمة تجمع ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي بعد غدٍ، ويقوم على ربط الانسحاب الأمريكي من شمال شرقي سوريا وتفكيك قاعدة التنف في زاوية "الحدود السورية - العراقية - الأردنية" بإخراج إيران بشكل كامل من سوريا، بدءًا من إبعادها عسكريًا 80 كيلومترًا من خط فك الاشتباك في الجولان، حسب "وكالة زاد الأردنية". مبعوث أمريكا للتحالف الدولي، دعا أعضاء التحالف إلى ضرورة زيادة المساهمة في استقرار شمال شرقي سوريا ودفع 300 مليون دولار أمريكي، علمًا بأن المؤتمر الأخير للتحالف في المغرب تضمن إعلان سداد الأعضاء 90 مليون دولار. وفي هذا الصدد، زادت فرنسا وبريطانيا وإيطاليا بناءً على مطالب الرئيس الأمريكي، من وجود قواتها الخاصة ضمن التحالف الدولي لتعجيل القضاء على "داعش"، والمساهمة في حمل العبء العسكري والمالي، إضافة إلى إقناع ترامب بإمكانية تمديد بقاء القوات الأمريكية لاستخدام ذلك ورقة تفاوض مع الروس بحثًا عن حل سياسي في سوريا والضغط لإخراج إيران أو تقليص دورها، وفقا للوكالة. اقرأ أيضًا: أمريكا تتودد لروسيا.. تسهيل «صفقة القرن» مقابل نفوذ خالص في سوريا في المقابل، بدأت وزارة الدفاع الأمريكية دراسات لتعريف الانسحاب العسكري، بحيث يتضمن تقليص الوجود الأمريكي، وزيادة وجود الحلفاء، مع احتمال بقاء رمزي لقوات جوية لتشجيع دول أخرى على البقاء في الأرض. أما وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، فقد دعا نظراءه في التحالف، إلى مواصلة العمل مع التحالف وشركائه على الأرض للتخلص من آثار سيطرة "داعش" وتأمين الحدود السورية - العراقية. بومبيو أكد أن تنظيم داعش استغل تاريخيًا طرق العبور على طول الحدود العراقية – السورية، ويجب التخلص من هذا التنظيم والشبكات الأخرى العابرة للحدود لضمان الهزيمة الدائمة، حيث لا تزال برامج إرساء الاستقرار الممولة من التحالف أساسية لضمان تحقيق مكاسب عسكرية وستبقى جزءًا لا يتجزأ من إرساء استقرار التضاريس المحررة ومعالجة عوامل التطرف. ويُعتقد أن قمة "ترامب - بوتين" في هلسنكي، بعد غدٍ، ستكون حاسمة إزاء الموقف من الوجود الأمريكي وإخراج إيران، إضافة إلى أفق العملية السياسية. اقرأ أيضًا: تحذيرات أمريكية للأسد من استهداف المسلحين في الجنوب السوري حيث يراهن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا على دينامية سياسية تسمح بتحقيق اختراق خلال اجتماعات منفصلة لمجموعتي ضامني أستانة والدول الست ومصر في جنيف نهاية الشهر، ولقاء آخر في سوتشي في 30 و31 الشهر الجاري، يؤدي إلى تشكيل لجنة دستورية ثلاثية (حكومة، معارضة، مجتمع مدني) تبحث في الإصلاحات الدستورية تمهيدًا لانتخابات رئاسية وبرلمانية في 2021. من جانبه، قال نصر الحريري، رئيس هيئة التفاوض بالمعارضة السورية: إن "الولاياتالمتحدة لا تقدر على تحمل عواقب الانسحاب من سوريا، حيث إنها لم تحقق بعد أيًا من أهدافها في المنطقة، وذلك رغم تأكيد الرئيس دونالد ترامب على سحب قواته"، حسب رويترز. وقدمت الولاياتالمتحدة على مدى سنوات دعمًا عسكريًا لمقاتلي المعارضة في مواجهة الرئيس السوري بشار الأسد، لكنها أوقفت العام الماضي برنامجها للتدريب والإمداد بالعتاد بعد أن حولت تركيزها إلى محاربة التنظيم الإرهابي. وساعدت واشنطن تحالفًا من مقاتلين أكراد وعرب لطرد المتشددين من أراض في شمال وشرق سوريا العام الماضي، بما في ذلك الرقة التي أعلنها التنظيم عاصمة له في سوريا، ونشرت نحو ألفي جندي أمريكي في البلاد.