تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، خلال القمة التاريخية بينهما في سنغافورة في وقت لاحق من الشهر الجاري، بتطوير علاقة جديدة بين الولاياتالمتحدةوكوريا الشمالية. إلا أن شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أكدت أن ذلك لن يكون ممكنًا طالما استمرت بيونج يانج في شن الهجمات الإلكترونية ضد الولاياتالمتحدة وحلفائها. وأضافت أنه إذا كان يجب إصلاح العلاقة بين الولاياتالمتحدةوكوريا الشمالية بشكل جوهري، فإن الأنشطة الإلكترونية لكوريا الشمالية يجب أن تتوقف. وأشارت عدد من التقرير إلى أن كوريا الجنوبية تواجه نحو 1.5 مليون هجوم إلكتروني يوميا، من كوريا الشمالية، ويعتقد أن فريقًا من قراصنة الإنترنت، المعروفين باسم مجموعة "لازاروس" هم ثاني أكثر المجموعات تنفيذًا لعمليات القرصنة في العالم. ووصل التطور التقني لكوريا الشمالية إلى حد كبير، حيث غالبًا ما يصنف المبرمجون الكوريون الشماليون من بين الأفضل في العالم في المسابقات الدولية. وهو ما سمح للنظام بالتوسع إلى أنشطة أخرى غير الهجمات الإلكترونية، وتمثلت في بيع برامج التعرف على الوجه، والشبكات الافتراضية الخاصة وبرامج التشفير، للمساعدة في توفير الأموال للنظام. اقرأ المزيد: 500 مليون دولار سنويا من جيوب العمال بالخارج للزعيم الكوري الشمالي وأشارت الشبكة الأمريكية، إلى أن معظم هذه الصفقات، تجري عادة عبر شركات وهمية، لمساعدة بيونج يانج في تخطي العقوبات المفروضة عليها من الأممالمتحدة. وأضافت أن كوريا الشمالية اعتمدت على هذه القدرات للتصدي لتحديات معينة تواجه النظام، حيث تواجه بيونج يانج فجوة عسكرية كبيرة مع جيرانها، وتوفر قدراتها الإلكترونية وسيلة غير مكلفة لمواجهة الدول الأكثر قوة، كما أن القرصنة والهجمات الإلكترونية، غالبًا ما تكون مجهولة بما فيه الكفاية، مما يمكن كوريا الشمالية من إنكار مسؤوليتها. كما أن افتقار كوريا الشمالية إلى التواصل الإلكتروني مع العالم، يمنح النظام ميزة غير متكافئة ضد الدول المتصلة مع العالم إلكترونيًا، وتحديدا الولاياتالمتحدةوكوريا الجنوبية، إذا حاولوا الانتقام من هجمات بيونج يانج الإلكترونية. استراتيجية ثلاثية الأبعاد لقد أتاح تطور قدرات كوريا الشمالية الإلكترونية على انتهاج استراتيجية ثلاثية الأبعاد، تشمل تنفيذ أنشطة التجسس التقليدية، وكسب الأموال، وتزويد النظام بأداة لردع خصومه. وأشارت "سي إن إن" إلى أن عناصر استراتيجية كوريا الشمالية الإلكترونية يمكنها أن تظهر بوضوح، حيث جاء الهجوم على شركة "سوني" للإنتاج السينمائي، ردًا على إنتاج فيلم "المقابلة" في عام 2014، لتخويف الشركة والاستوديوهات الأخرى، حيث نجحت تلك الإستراتيجية، بعد أن قررت "سوني" سحب الفيلم من المسارح وإلغاء فيلم الممثل ستيف كاريل الذي يدور حول كوريا الشمالية. اقرأ المزيد: تقرير يكشف: كوريا الشمالية باعت تقنية التعرف على الوجه لمؤسسات أمريكية كما شاركت كوريا الشمالية في عمليات تجسس ضد كوريا الجنوبية، حيث أسفرت الهجمات على وزارة الدفاع الكورية الجنوبية والمقاولين العسكريين التابعين لها، عن فقدان عدد كبير من الوثائق السرية، بما في ذلك خطط العمليات الجزئية في زمن الحرب، ومخططات لسفينة بحرية تابعة لشركة دايو لبناء السفن والهندسة البحرية. كما كانت القرصنة الإلكترونية، مفيدة للغاية بالنسبة لكوريا الشمالية، كوسيلة للتهرب من العقوبات وتوفير العملة الصعبة التي تحتاج إليها. ونشطت كوريا الشمالية في مهاجمة البنوك التقليدية عبر الإنترنت، حيث سرقت نحو 81 مليون دولار من البنك المركزي في بنجلاديش، ولكن في الآونة الأخيرة تحولت إلى المتاجرة بالعملات الرقمية. وتسمح طبيعة العملات الإلكترونية التي غالبًا ما يكون ملاكها مجهولين، للنظام الكوري الشمالي في تجنب الكشف، وتشير التقديرات إلى أن كوريا الشمالية اخترقت أكثر من 100 مصرف وبورصات للعملات الرقمية، وسرقت بنجاح 650 مليون دولار، بما في ذلك سرقة 530 مليون دولار من موقع "كوين تشيك" لتداول العملات الرقمية في وقت سابق من هذا العام. لا تغيير يذكر يبدو أن الجهود الأخيرة لتطبيع العلاقات بين الولاياتالمتحدةوكوريا الجنوبية، لم يكن لها تأثير يذكر على سلوك كوريا الشمالية الإلكتروني. حيث اتهمت عدد من التقارير بيونج يانج باستغلال تدريبات مكافحة الإرهاب التي قام بها مجلس مكافحة الإرهاب الوطني الكوري الجنوبي، استعدادًا لدورة الألعاب الأولمبية لنشر البرمجيات الخبيثة. اقرأ المزيد: هل تحقق العقوبات الأمريكية على كوريا الشمالية أهدافها؟ كما كشفت شركة "سيسكو سيستمز" مؤخرًا، عن محاولة مجموعة من القراصنة الإلكترونيين مرتبطة بكوريا الشمالية حاولت استخدام القمم الدبلوماسية للزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، كطعم لتثبيت برامج ضارة على أجهزة الكمبيوتر الكورية الجنوبية. وأشارت "سي إن إن" إلى أن هذا النوع من التصرفات يمكن أن يكون دليل على احتمالية تراجع كوريا الشمالية عن أي اتفاق بشأن أسلحتها النووية أو صواريخها الباليستية. ففي الوقت الذي تسبب فيه الإخفاق في التصدي للصواريخ الباليستية الإيرانية والأنشطة الإرهابية المزعومة للنظام الإيراني في تقويض الاتفاق النووي الإيراني، يمكن أن يتسبب الفشل في التعامل مع الأنشطة الإلكترونية لكوريا الشمالية أن يقوض الاتفاق النووي مع بيونج يانج. وأفضل طريقة لإدارة هذا الأمر هي التفاوض على اتفاق إلكتروني مع كوريا الشمالية يحدد ما هي الأنشطة المقبولة وغير المقبولة في الفضاء الإلكتروني. ويجب أن يبنى أي اتفاق إلكتروني، حول مجموعة من المبادئ التي تحد من الأنشطة الإلكترونية لكوريا الشمالية، وتدفع بيونج يانج بعيدًا عن السلوك الإجرامي، ودفعها نحو أنشطة التجسس التقليدية التي تقوم بها العديد من دول العالم. ومن بين هذه المبادئ، يجب على كوريا الشمالية أن توافق على الامتناع عن استخدام الهجمات الإلكترونية كوسيلة للانتقام من الأنشطة القانونية التي يتخذها المواطنون والشركات الخاصة. اقرأ المزيد: كيف تتمكن كوريا الشمالية من تمويل وارداتها رغم العقوبات؟ ثانياً، يجب على كوريا الشمالية إنهاء هجماتها على النظام المالي العالمي، والامتناع عن اللجوء إلى السرقة الإلكترونية لسرقة العملة الصعبة. ثالثاً، يجب أن توافق كوريا الشمالية على أنها لن تدعم سرقة حقوق الملكية الفكرية للشركات من أجل بيعها للآخرين من أجل الربح، كما فعلت واشنطن وبكين في اتفاقهما الإلكتروني. وأخيراً، يجب أن توافق كوريا الشمالية على عدم بيع أو تقديم خدمات القرصنة أو البرامج الخاصة بها إلى أطراف ثالثة تسعى إلى الانخراط في الأنشطة التي وافقت على عدم المشاركة فيها. ففي الوقت الذي تمثل الأسلحة النووية والقذائف الباليستية لكوريا الشمالية تهديدًا مستقبليًا للولايات المتحدة، فإن كوريا الشمالية تستخدم بالفعل هجمات إلكترونية ضد الولاياتالمتحدة وحلفائها. ومن شأن الاتفاق الذي يحد من الأنشطة الإلكترونية لكوريا الشمالية أن يساعد في دعم أي اتفاق نووي، والقضاء على نقطة خلافية أخرى بين الولاياتالمتحدةوكوريا الشمالية.