تتجه الأنظار في العراق خلال الأيام المقبلة، إلى الاجتماع الذي دعا إليه رئيس الوزراء حيدر العبادي، حيث دعا قادة الكتل السياسية لاجتماع على مستوى عال عقب عطلة عيد الفطر، بهدف ضمان سلامة العملية السياسية والاتفاق على آليات محددة للإسراع بتشكيل المؤسسات الدستورية بأفضل ما يمكن، في وقت لا تزال فيه مسألة تشكيل الحكومة في انتظار اتضاح صورة التحالفات بين الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات التشريعية الأخيرة. جاءت دعوة العبادي لهذا اللقاء المرجح عقده الأسبوع المقبل، عقب إعلان زعيم كتلة "سائرون" مقتدى الصدر تحالفا مع زعيم قائمة "الفتح" هادي العامري، في خطوة مفاجئة أثارت الكثير من الجدل والتساؤلات حول موقف القوى السنية والوطنية من هذا التحالف، خصوصا أن كتلتي "سائرون والفتح" شكلتا تحالفهما على أساس طائفي، بحسب ما وصفه مراقبون سياسيون. ترحيب ودعم وأثارت دعوة لعقد اجتماع موسّع للكتل السياسية للاتفاق على كيفية المضي قدما، نحو تشكيل الحكومة والتحالفات داخل البرلمان، ردود فعل مختلفة من قبل الكتل السياسية. اقرأ أيضا: تحالف مفاجئ للصدر.. والعبادي على حافة الهاوية تحالف القوى العراقية رحّب بمبادرة العبادي، معتبرا أنها خطوة في الاتجاه الصحيح نحو انطلاق المشروع الوطني الجامع. وقال التحالف في بيان إنه يشدّد على ضرورة تخطي حاجز الطائفة، مشيرا إلى أن القومية أصبحت ضرورة ملحة لوضع برنامج حكومي ينتج حكومة عراقية قوية قادرة على البناء الاقتصادي والانفتاح على العالم. أما الجبهة العراقية للحوار الوطني، فأكدت أنها تدعم مبادرة العبادي، معتبرةً أنها ستقطع الطريق أمام التخندقات الطائفية. أما موقف الكرد فقد سارع رئيس الإقليم نيجيرفان البارزاني إلى دعم دعوة العبادي، ودعم أية خطوة ومبادرة تسعى للخروج من الأزمة، وإنقاذ المسيرة السياسية في البلاد. كما أعلن حسين العادلي المتحدث باسم تحالف "النصر" الذي يتزعمه العبادي موافقة القوى السياسية، على دعوة العبادي لعقد اجتماع موسع، قائلا "من المؤمل أن يعقد الاجتماع مطلع الأسبوع القادم"، لافتا إلى أن تحضيرات كبيرة تجرى له. استجابة مشروطة من جانبه، اعتبر زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي أن استجابته لدعوة العبادي مشروطة بآليات ومحاور اللقاء، بينما اعتبر أي لقاء دون الوصول لحل للأزمة، إعلانا دعائيا لاحتفال أو مهرجان، بحسب "السومرية". بينما اعتبر النائب عن تحالف القوى محمد نوري العبد ربه دعوة العبادي ردا على تحالف ائتلافي "الفتح وسائرون". مشيرا إلى أنها جاءت للمشاركة في حكومة يكون الجميع فيها أو تشكيل كتلة أخرى تكون موازية للتحالف المشكل من "الفتح وسائرون"، مستبعدا أن يكون الاجتماع لمناقشة عمليات التزوير خلال الانتخابات. اقرأ أيضا: «كلاكيت ثالث مرة».. تعديل قانون الانتخابات يربك المشهد السياسي في العراق وأضاف العبد ربه أن بعض الأطراف السياسية وجدت أن تحالف جهات تمتلك أجنحة عسكرية أمر يثير الخوف، إضافة إلى أن شكل هذا التحالف سيقود الحكومة إلى تحالف مبني على تخندق طائفي من مكون واحد، بحسب "الرافدين". مستقبل التحالف الأكبر يرى محللون سياسيون أن هذا الاجتماع، قد يغيّر من خارطة التحالفات القائمة حاليا، مما قد يعجل بانهيار التحالف بين كتلة "سائرون" وتحالف "الفتح" بزعامة قائد ميليشيات الحشد الشعبي ومنظمة بدر هادي العامري. كما يشير المحللون إلى أن الصدر الذي يسعى إلى تشكيل "التحالف الأكبر" سيجد في المؤتمر الذي دعا إليه حيدر العبادي ضالته لإعادة تشكيل تحالفاته من جديد، مما يعني ضمنيا انهيار تحالفه مع "الفتح". اقرأ أيضا: بعد حرق صناديق الاقتراع.. ما هو مستقبل نتائج الانتخابات العراقية؟ ووصف مراقبون التحالف بين "سائرون" و"الفتح" بأنه "زاد المشهد تعقيدًا"، خصوصًا أن الطرف الشيعي الأبرز في معارضته لإيران، تحالف مع الشخصية الأقرب إلى طهران، وهو الذي وصف في وقت سابق تحالف العامري مع العبادي قبل الانتخابات، والذي انفض سريعًا، بأنه "بغيض وتخندق طائفي"، بحسب "عكاظ". انتقادات حادة وكان "التحالف الأكبر" قد تعرض لموجة انتقادات حادة من نشطاء ومثقفين، حيث ركّزت مآخذ المنتقدين على المسار السياسي الجديد الذي انتهجه الصدر بتحالفه مع "الحشد"، خصوصا أن تحالف "سائرون" المدعوم من الصدر كان قد تمكن من كسب ثقة جماعات واسعة من خارج تياره في السنوات الأخيرة من خلال رفعه شعار الإصلاح ومحاربة الفساد وانتقاد المنحى الطائفي الذي يحكم البلاد منذ عقد ونصف العقد، والانخراط في الحركة الاحتجاجية التي انطلقت صيف عام 2014، بحسب "الشرق الأوسط". الحزب الشيوعي أحد مكونات تحالف "سائرون" هدد بالانسحاب من التحالف على خلفية تحالفه مع ائتلاف الفتح الانتخابي المدعوم بالحشد الشعبي ملوحًا بإمكانية انتقاله إلى المعارضة. وأشار الحزب في بيان له، إلى أن مشاركته ضمن تحالف "سائرون" أو في أي تشكيل حكومي مرتبط بمطالب الحزب الأساسية في التغيير والإصلاح وضمانات تحقيقها، مشددا على أنه بعكس ذلك فإنه لن يشارك فيه وسيجد نفسه مضطرا إلى النظر في كل الخيارات السلمية الأخرى المتاحة بما فيها الانتقال إلى المعارضة. خلاصة القول، أن العراق يشهد صراعا بين الكتل الفائزة في الانتخابات، على تشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان والحصول على رئاسة الوزراء، ورغم أن نهاية البرلمان الحالي باتت وشيكة إلا أن رئيس الوزراء دعا كل الأطراف السياسية العراقية إلى اجتماع لوضع مسار جديد للحكومة المقبلة بعيدا عن الطائفية. اقرأ أيضا: حصر السلاح بيد الدولة.. معركة العراق القادمة