وصلت منذ قليل، طائرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى سنغافورة، ليلحق بالزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، استعدادًا لعقد القمة المرتقبة بينهما في الثاني عشر من يونيو الجاري. وحتى الآن لا يملك أي من المتابعين أدنى دليل على ما سيحدث في القمة المرتقبة، التي تُعد الأولى على الإطلاق بين زعماء البلاد. صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، أضافت أنه لا يمكن لأحد أيضًا أن يتأكد من ما إذا كانت ستعقد القمة من الأساس، حيث شهدت الأيام القليلة الأخيرة إلغاء القمة، قبل أن ترجع لمسارها مرة أخرى. ولكن بافتراض حدوث القمة في موعدها، ما هي النتائج الأكثر ترجيحًا، وكيف سيؤثر كل هذا على الوضع النووي الإيراني والأمن الإسرائيلي؟ ستدور القمة في الأساس حول "نزع الأسلحة النووية" من شبه الجزيرة الكورية، حيث ترى الولاياتالمتحدة أن الاتفاق المثالي يتمثل في تخلي كوريا الشمالية عن كل أسلحتها النووية والقضاء على برنامجها النووي، مقابل رفع العقوبات وتزويدها بالمساعدات الخارجية والصفقات التجارية. ولكن بالنظر إلى تصريحات مجموعة مختلفة من المسؤولين وتحليلات جميع المفاوضين السابقين مع بيونج يانج، فإن وجهة النظر في كوريا الشمالية مختلفة عن واشنطن. اقرأ المزيد: كيف يهدد انسحاب ترامب من الاتفاقية النووية مع إيران المحادثات مع كوريا الشمالية؟ حيث يرى المسؤولون الكوريون الشماليون احتمالين، وهما التوصل إلى اتفاق كبير أو آخر أصغر. ويتمثل الاتفاق الأكبر في تخلى كوريا الشمالية عن كل أسلحتها النووية، ولكن ليس فقط مقابل الحصول على المساعدات الاقتصادية، ولكن مقابل الانسحاب الكامل للجيش الأمريكي من شبه الجزيرة الكورية أيضًا، ووضع حد لتدخل الولاياتالمتحدة في المنطقة. فيما يعني الاتفاق الصغير تخلى بيونج يانج عن بعض الأسلحة أو إغلاق بعض منشآتها لإنتاج الأسلحة النووية، لكن مع التمسك ببعض قدراتها النووية، وفي المقابل، ترفع العقوبات عن بيونج يانج، وضخ المساعدات الأجنبية، وتوقيع معاهدة سلام بين الكوريتين والولاياتالمتحدة. لكن الصحيفة الأمريكية، ترى أن كيم لن يتخلى بشكل كامل عن جميع الأسلحة النووية أو جميع منشآت الإنتاج النووي، حيث من الممكن أن يتم إغلاقها، ولكن يمكن إعادة فتحها، ولن تنسحب الولاياتالمتحدة من شبه الجزيرة الكورية. ومازال موقف الولاياتالمتحدة غير واضح، فهل سيطالب ترامب بنزع السلاح النووي الكامل وفي غضون فترة زمنية قصيرة، أم أنه سيصبح أكثر مرونة وسيقبل باتفاق سلام وبعض التنازلات بشأن القضايا النووية، ويوافق على القضاء على البرنامج النووي على مدى سنوات بدلًا من أن يتم ذلك فوراً؟ وترى الصحيفة العبرية أنه من المتوقع أن يقبل الرئيس الأمريكي بالاتفاق الصغير، في ضوء رغبته في التوصل إلى اتفاق، واعتراض المؤسسة العسكرية الأمريكية على سحب قواتها من شبه الجزيرة الكورية. وهو ما يعني التوصل إلى اتفاق سلام في نهاية المطاف، وتقديم كوريا الشمالية بعض التنازلات النووية على مدى سنوات، دون نزع السلاح النووي بشكل حقيقي. اقرأ المزيد: كيف يؤثر انسحاب أمريكا من «الاتفاقية النووية» على إسرائيل؟ وأضافت إنه إذا وافق ترامب على هذا الاتفاق مع كوريا الشمالية، يمكن للأخيرة بموجبه أن تحتفظ ببعض القنابل النووية، دون غلق المنشآت النووية، مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها، سيكون ذلك أشبه أو أسوأ من الاتفاقية النووية الإيرانية التي انسحب منها للتو. وأشارت إلى أن هذا الاتفاق الضعيف بين الولاياتالمتحدةوكوريا الشمالية، يمكن أن يتسبب في تقويض حجة الولاياتالمتحدة للعالم من أجل تشديد الاتفاقية النووية الإيرانية. وقد يرى البعض أن موقف كوريا الشمالية مختلف عن موقف إيران، حيث تقول بعض الآراء إن كوريا الشمالية تشكل تهديدًا أكبر من إيران، لذا يجب أن تحصل على اتفاق أفضل، حتى يمكن تجنب هذا التهديد. حيث تمتلك بيونج يانج العديد من الأسلحة النووية، ويمكنها إطلاق صواريخ باليستية عابرة للقارات تصل إلى الولاياتالمتحدة، في حين أن إيران قد تكون أقصى قدراتها هو صنع سلاح نووي في غضون بضعة أشهر. وفي المقابل، يمكن للمرء أن يقول إن كوريا الشمالية أقل خطورة من إيران، حيث يبدو أن كيم يركز في الغالب على ضمان سيطرة نظام عائلته وبقائه في الحكم، في حين ترعى إيران الجماعات الإرهابية وتثير حالة من عدم الاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط. واستناداً إلى هذه الحجج، يمكن للولايات المتحدة أن تقول للأوروبيين إنها لا تتبنى معايير مزدوجة، صارمة مع إيران، ومتساهلة مع كوريا الشمالية، وبدلاً من ذلك يمكنها أن تشير إلى أن وضع الدولتين مختلف. اقرأ المزيد: ماذا يريد كيم من أمريكا في قمة سنغافورة؟ وبالإضافة إلى ذلك إذا شمل الاتفاق الحظر الدائم على اختبارات الصواريخ الباليستية في كوريا الشمالية، يمكن القول إن ذلك يحقق شيئًا فشلت الاتفاقية النووية الإيرانية في تحقيقه. وأكدت "جيروزاليم بوست" أن عقد اتفاق مع كيم، يتضمن وقف البرنامج النووي لكوريا الشمالية دون إلغائه، ويطرح تخفيف العقوبات بشكل مبكر، سيؤدي إلى تقويض حجة ترامب في الحاجة إلى عقد اتفاق أكثر صرامة مع إيران. وأضافت أن هذا قد يؤدي إلى تقويض مساعي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لعزل إيران. وباختصار، من وجهة نظر الولاياتالمتحدة، قد يكون أي اتفاق مع كوريا الشمالية، سواء كان ضعيف أو قوي، أفضل من الاستمرار في السجال اللفظي، والذي قد يؤدي بشكل غير متوقع إلى صراع نووي. وربما قد يتراجع ترامب بشكل غير متوقع، عن مواجهة إيران بعد إبرام اتفاق مع كوريا الشمالية، وستلتزم إيران بالاتفاق النووي لسنوات عديدة قادمة. لكن الأرجح من وجهة النظر الإسرائيلية، أن موافقة ترامب على اتفاق ضعيف مع كوريا الشمالية، سيجعل من الصعب حمل إيران على الموافقة على اتفاقية أكثر صرامة، وستدفع إلى تصعيد الصراع بين إسرائيل والولاياتالمتحدةوإيران.