ليلة روحانية للمنشد محمود التهامي، مليئة بالأناشيد الدينية والابتهالات، أقيمت اليوم الخميس على المسرح المكشوف في دار الأوبرا، وصاحبها في الخلفية، "مزيكا" بتوزيع مختلف عن الشكل التقليدي، الذي اعتاده الجمهور لتلك النوعية من الأغاني، قدمتها فرقة شرقيات المصرية، وعلى رأسها مؤسسها الموسيقار فتحي سلامة، الذي يصاحب "التهامي" للمرة الثالثة في حفلاته، ليشهد معه الحضور الكبير، الذي جاء متنوعًا بين الشباب والعائلات، الذين أتوا حبًا في صوت ابن ياسين التهامي، وابتهالاته ومدحه. "فرقة شرقيات" تقدم موسيقى "الجاز" بلون شرقي، فيدمجون بين الجيتار والبيانو مع إيقاعات الطبلة الشرقية، وقد أبدعت في وصلة فنية استمرت نصف ساعة، اندمج معهم خلالها الجمهور، وبدأوا يتمايلون مع العزف، وكأن الإيقاعات المختلفة تحركهم ليرقصوا. طل التهامي على الجمهور مرتديا زيه المعتاد، العباءة الصعيدية والعمة وفي معصمة سبحة بنية، وبدأ يداعب الجمهور وطلب منهم "مشبك" ليمسك به الأوراق التي يحملها في يده حتي لا تتطاير مع الهواء، ثم انطلقت موسيقي هادئة ليبدأ "التهامي" في نقل الحاضرين في رحلة روحانية محببة، فأغلق عينيه وشدى: "للعشق إنشادي ولي إن الذي يشدو بأورادي، وليّ منذ ابتلاني العشق بالشوق ابتلي، لا تسألني عنه بل عني سلي أسرفتُ في وجدي"، ليحيه الجمهور بتصفيق حار بعد هذا المقطع. وبكلمات من شعر ابن الفارض مع مزيكا "فرقة شرقيات"، جاء المزيج الذي أبدع "التهامي" في تقديمه لمحبيه، فيقول: "ولقدْ خلوتُ معَ الحبيبِ وبيننا سِرٌّ أرَقّ مِنَ النّسيمِ"، وهي من قصيدة زدني بفرط الحب، وبدأ في الترنح مع الكلمات يمينا ويسارا، وختم صائحا "إن الغرام هو الحياة". ثم استجاب لدعوة الجمهور الذي طالبه بغناء قصيدة "البردة" للإمام البوصيري، وكان يصمت ويطلب منهم الغناء معه وكانوا يشدون ويقولون "مولاي صلي وسلم دائما أبدا على حبيبك خير الخلق كلهم"، ثم ناداهم بأن يذكروا "الله" ليستجيبوا ويعلوا صوتهم معه، وكأن المسرح تحول إلى حلقة ذكر، وبعد أن انتهت الأنشودة قامت بعض السيدات بإطلاق الزغاريد. وبدأت فرقة الكورال تردد "الله كريم.. الله غفور"، في الخلفية مع الموسيقي، ليعلو صوت التهامي القوي وهو يردد: "لا تحسبن الله يوما غافلا"، ثم صمتت الفرقة وعلت إيقاعات المزيكا، وبدأ التهامي يفصح عما يخفيه في صدره، منشدًا: "وكتمت حبك فباحت أدمعي". وعلي إيقاعات الطبلة الشرقي وتصفيق الجمهور اختتم التهامي الحفل وهو يردد "أنا مغرم بهواك ومتيم في رضاك"، وقبل رحيله ناداه الجمهور بغناء "قمرُ سيدنا النبي" واستجاب لهم.