المخرج عمرو سلامة وأسرة آل دياب "محمد، شيرين، خالد"، يلتقيان في مسلسل "طايع"، الذي يدور حول فكرة الثأر، وكيف يؤثر في شكل الحياة ويفقدها السلام والأمان، وتدور الأحداث في إطار اجتماعي مثير، مستمد من واقع المجتمع الصعيدي التي تمتد أزمات عائلاته إلى أبناء يصطدمون بالكثير من الموروثات القديمة، في عمل من بطولة عمرو يوسف، وصبا مبارك، وعمرو عبد الجليل، وأحمد داش، وغيرهم، شكّلوا معًا تناغمًا كانت نتيجته مؤشرات النجاح التي نبرزها بدورنا. "طايع" كان خيارًا صائبًا لكل صناعه، كُتب بحرفية من الثلاثي "خالد ومحمد وشيرين دياب"، والمخرج عمرو سلامة اجتهد للغاية، والعمل بداية موفقة له في الدراما التليفزيونية التي يرتادها للمرة الأولى بعد عدة أفلام ناجحة، فأجاد في جعل اللهجة المستخدمة قريبة بالفعل من الصعيدي الذي ينطقه أهله، ولم يستخدم المكياج لأبطال العمل ما أكسب عمله قربًا أكثر من الواقع، وكذلك استخدام ملابس مميزة ومعه مصمم الأزياء رفعت عبد الحكيم، فضلًا عن الكادرات المميزة وخاصةً بالنسبة للتصوير الخارجي وبصحبته مدير التصوير المهندس بيشوي روزفلت. الفنان عمرو يوسف أجاد الدور وأتقنه، والانتقادات التي توجه له بداعي أن ملامحه غير صعيدية، هي غير منطقية، فلنا زملاء وأصدقاء من الصعيد وبشرتهم ليست بالضروري أن تكون سمراء لون طمي النيل، عمرو قرر أن يتمرد على نفسه هذا العام، بخلع البدلة وارتداء الجلباب الصعيدي، وتحرر من وضعه في خانة الشاب الوسيم، وتعلم من خطئه العام الماضي بأن يكون البطل المطلق، ويظهر في شخصية "طايع"، الشاب الصعيدي الذي تخرج في كلية الطب، ويحاول جاهدًا القضاء على الموروثات التقليدية في الصعيد، وعلى رأسها الثأر، لكنه يجد نفسه في مشكلات أخرى يحاول من خلالها إنقاذ شقيقه الأصغر الذي تورط مع عصابة تهريب آثار. النجمة الأردنية صبا مبارك تُطل علينا من خلال شخصية "مُهجة"، فتاة صعيدية يرق قلبها للحب فتتخلى عن عصبية وتقاليد بيئتها، وتذهب وتتزوج من حبيبها "طايع" سرًا، وترفع راية العصيان في وجه أسرتها التي ترفض زواجها لأنها عُرضة للثأر فور حملها، ونجحت صبا باقتدار في لعب دور الفتاة الصعيدية، وساعدها أن ثمة روابط بين اللكنة الصعيدية والبدوية التي تنتمي إليها، وأضافت لمسة من العفوية والتلقائية إلى شخصيتها بقدرات تضعها ضمن أفضل النجمات في دراما رمضان 2018. بين "طايع" و"مهجة" قطعة عشق نادرة تستحق المتابعة، وهي الأكثر تشويقًا وتعقيدًا من تلك الرومانسيات الأخرى المعروضة في رمضان، بمجرد رؤيتهما تشعر بمدى الحب الذي يكنه كل منهما للآخر، كل منهما يقدّم التضحيات والتنازلات من أجل الآخر، لينتصر الحب في النهاية على الثأر والعرف القديم، ولا شك أن تتبع تطور علاقة العشق بينهما ساعد على جذب المتعطشين لمثل هذه النوعية من الحكايات. الفنان عمرو عبد الجليل حاضر بقوة، ويقدّم أداءً مبهرًا في "طايع"، ولا نرى أننا ظالمون إن قلنا إنه الأقوى في المسلسل على الرغم من إجادة عمرو يوسف، وقبلهما "صبا" بروعة أدائها، أما الفنان أحمد داش فهو يُبرز موهبته للغاية ويؤكد أنه يكبر سنًا وموهبةً، وكذلك الفنان رشدي الشامي يواصل تألقه هذا العام في شخصية العمدة "أبو مهجة"، حيث يُقدّم أداءً تمثيليًا يُبشر بأنه سيُعلي من وجوده في الأعمال بالفترة المقبلة بعد تأخر نجوميته، النجمة سلوى محمد علي تُقدّم هي الأخرى أداءً رائعًا، بينما نرى تطورًا ملحوظًا للفنان أحمد عبد الله محمود. "طايع" هو أحد الأعمال البارزة والمميزة في رمضان، وهو عمل جيد بالفعل على المستوى الكتابي والإخراجي، وكذلك على مستوى الأداء التمثيلي من غالبية أبطاله، ويستحق المتابعة.