"السنّة في لبنان ليسوا حرفًا ناقصًا أبدًا، ودورهم بالمعادلة الوطنية أقوى من أي سلاح ومن كل سياسات الممانعة"، بهذه الكلمات يراهن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري على الصوت السني في معركة الانتخابات اللبنانية المقبلة التي تنطلق 6 مايو المقبل. تعدد اللوائح "تيار المستقبل" بزعامة سعد الحريري يعول على "دائرة بيروت الثانية" للمحافظة على زعامته لدى السنة بشكل عام، ولدى أبناء بيروت بشكل خاص، حيث يُشكل الناخبون المسلمون النسبة الأعلى بنحو 62 في المئة، ويقترع فيها 347277 ناخباً، ويمثل هذه الدائرة 11 نائباً 6 مقاعد للسّنة و2 للشيعة ومقعد للأرثوذكس وآخر للدروز ومقعد للإنجيليين، وهي تُعتبر المعقل الرئيسي للتيار الأزرق، لا سيّما أنّها دائرة رئيس الحكومة سعد الحريري، وكذلك الرئيس تمام سلام ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق. هذه الدائرة يتنافس فيها 9 لوائح هي "المستقبل" برئاسة الحريري، و"وحدة بيروت" بقيادة الثنائي الشيعي (أمل و"حزب الله") المتحالف مع "جمعية المشاريع" (الأحباش) و"التيار الوطني الحر"، ولائحة "لبنان حرزان" برئاسة رجل الأعمال فؤاد مخزومي، ولائحة "صوت الناس" وتضمّ تحالف "حركة الشعب" و"المرابطون" وتجمّع "بدنا نحاسب"، لائحة "بيروت الوطن" برئاسة صلاح سلام صاحب صحيفة "اللواء"، "لائحة المعارضة البيروتية" التي شكّلها الوزير السابق أشرف ريفي، لائحة "كلنا بيروت" وهي لائحة المجتمع المدني، ولائحة "كرامة بيروت" التي يرأسها القاضي المتقاعد خالد حمود. هذه اللوائح تم تشكيلها بهدف إضعاف الحريري، وإظهار تراجع تأييده في الشارع السنّي خصوصاً في العاصمة، فتعدد تلك اللوائح ربما يؤدي إلى تشتيت الأصوات السنية، مما سيؤدي إلى خسارته لعدد كبير من هذه الأصوات. اللائحة المنافسة إثبات أن الحريري هو الرقم الصعب يعتبر أكبر تحد يواجه "تيار المستقبل"، وذلك عبر تحجيم كلّ خصومه الذين تسابقوا على تشكيل لوائح لمنافسته وتقليص نفوذه، وبالتالي محاولة تحجيمه شعبياً وسياسياً، مستخدمين شعارات تتهمه ب"تقديم مزيد من التنازلات السياسية التي تخدم مشروع حزب الله". ورغم ترجيح الكفّة لصالح لائحة الحريري، والتي يتوقع أن تحصد أكثر من نصف مقاعد الدائرة، فإن قياديا في تيّار "المستقبل" اعترف بأن "اللائحة الوحيدة المنافسة جزئياً للتيار، هي لائحة الثنائي الشيعي، المرجح أن تحدث خرقاً بمقعدين أو ثلاثة، لكنّها ستحكم بسقوط أوراق اللوائح الأخرى في العدم"، مؤكداً أن اللوائح الأخرى "لم تتشكّل رغبة في تغيير مزعوم أو إنماء موعود للعاصمة، بقدر ما تهدف إلى إضعاف سعد الحريري، وإظهار تراجع تأييده في الشارع السنّي خصوصاً في العاصمة"، حسب "الشرق الأوسط". الانتخابات والسلاح وفي غياب أي رقابة على الفريق الشيعي، نجد أن هناك مخاوف من تزوير الانتخابات والذي ربما تقلب النتائج رأساً على عقب، حيث أكد النائب والوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون، أن أي انتخابات تخضع لمنطق السلاح هي انتخابات مزورة بامتياز. "بيضون"، أشار إلى أن "مراكز الاقتراع التي يقترع فيها الناخبون الشيعة في بيروت، محكومة بسلاح الميليشيات، ولن يقدر أحد على دخولها ومراقبتها"، وأعطى أمثلة على ذلك "مناطق وأحياء زقاق البلاط، خندق الغميق، البسطة، حي اللجأ ومار إلياس وغيرها"، متوقعا أن "تنجح لائحة الثنائي الشيعي بخرق لائحة "المستقبل" بثلاثة مقاعد بالحدّ الأدنى، شيعيان وسنّي واحد، أو شيعي وسنيان"، فهدف "حزب الله" هو الحصول على كتلة سنيّة وازنة، وتقسيم السنة إلى ثلاث فئات، فئة معه وفئة مع سعد الحريري والثالثة من المستقلين. اقرأ أيضا.. وداعًا ل«الوراثة السياسية».. اللبنانيات قادمات تحت قبة البرلمان كما يتخوف النائب بطرس حرب من تزوير العملية الانتخابية، ودعا الحكومة لوضع آلية تحمي العملية الانتخابية من التزوير، آملا أن "تبادر إلى وضع هذه الآلية لحماية سلامة الانتخابات وتفاديا للطعن بنتائجها". شاهد ما شفش حاجة من جانبه، يرى الكاتب والمحلل اللبناني صلاح أبو الحسن، في مقال له تحت عنوان (قانون الانتخاب الإلغائي وشفافية التزوير)، أن "قانون الانتخابات صيغ بشكل يصح فيه القول إنه يأتي بنتائج مزورة لكن بالقانون.. وبصناديق اقتراع مُتلاعب فيها.. أقصد صناديق المغتربين، إنها شفافية التزوير". ويضيف: (مع هذ القانون لا دور للناخب الذي لن يكون أكثر من شاهد زور ويصح فيه القول: شاهد ما شفش حاجة ونضيف ما فهمش حاجة.. وكأن القانون "جلمود صخر حطّ من عل"، ربما من المريخ أو من الفضاء الخارجي والله أعلم!)، مع هذ القانون تساوى اللبنانيون ب"الأمية"، حسب "ميدل إيست أونلاين". اقرأ أيضا.. الفساد يقود لبنان إلى الإفلاس.. و4 تدابير تعيد التوازن إلى الاقتصاد دعوة للمشاركة "أي صوت يبقى في منزله في الانتخابات التي ستشهدها بلاده في السادس من مايو المقبل يعتبر صوتا لصالح حزب الله"، هكذا حث الحريري اللبنانيين على المشاركة في الانتخابات المقبلة. الحريري، أشار خلال تغريدات له عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" إلى أن هذه الانتخابات هي مواجهة بين خطين، خط يريد أن يحمي هوية بيروت السياسية والوطنية والعربية والبيروتية، وخط يريد وضع يده على قرارها وعلى هويتها، المواجهة هي بين لائحتكم "المستقبل لبيروت" وبين لائحة حزب الله، أي صوت يبقى في منزله ب 6 مايو هو صوت لحزب الله. وتابع في تغريدة منفصلة: "اللائحة الزرقا هي الواقفة بالمرصاد، في وجه كل طرف يحاول طمس ذاكرة بيروت، ويمحي منها رفيق الحريري وإنجازاته وتضحياته، لائحة بيروت وأهلها وقرارها وكرامتها وعروبتها، لائحة المستقبل لبيروت"، مضيفا: "إذا أردتم مشروع رفيق الحريري أن يستمر للبنانولبيروت، صوتوا له يوم الانتخابات، أنا أفهم أن الوعود تُرمى على اللبنانيين من كل الجهات لكن سجل السما الزرقا مليء بالعمل والإنجازات والخدمات والمشاريع والنمو في كل زاوية من زوايا العاصمة وفي كل منطقة من لبنان". تجدر الإشارة إلى أن "نحن الخرزة الزرقاء" هو شعار الحملة الانتخابية لتيار المستقبل، حيث كشف الحريري عن هذا الشعار في احتفال سياسي وشعبي أعلن فيه أسماء مرشحيه للانتخابات، وبرر اختيار تياره لهذا الشعار، فقال إن "شعارنا هو حماية لبنان ورمزه الخرزة الزرقاء، وبالنهاية الله هو الحامي". وفي النهاية، نجد أن لبنان ينتظر دخول مرحلة سياسية جديدة بعد إجراء الانتخابات النيابية، تلك المرحلة ستكون مختلفة لإعادة تكوين السلطة في لبنان، وستكون مفتوحة على احتمالات تتجاوز في معظمها تشكيل الحكومة الجديدة إلى الإعداد للمعركة الرئاسية ولو في وقت مبكر.