رغم أن قوات "الحشد الشعبي" في العراق كانت تتشكل من فصائل غير نظامية، فإنها أصبحت تشكيلا قتاليا رسميا، يحارب إلى جانب القوات العراقية والتحالف الدولي في الحرب ضد تنظيم "داعش". عملية جديدة أطلقها الحشد الشعبي اليوم الأحد، لدهم وتفتيش محيط ناحية السعدية شمال شرق محافظة ديالى، بعد معلومات استخبارية بوجود عناصر إرهابية متورطة بحادثة قتل خمسة مدنيين أمس على طريق السعدية - حمرين. عمليات نوعية كما تأتي هذه العملية بعد كشف "الحشد" أمس عن إعدام 8 من أفراد الشرطة الاتحادية على يد تنظيم "داعش" الإرهابي، شمالي العراق. الناطق باسم محور الشمال في الحشد الشعبي العراقي علي الحسيني، قال إن عناصر من "داعش" أقدموا على إعدام 8 من أفراد الشرطة الاتحادية، تم خطفهم قبل أيام في منطقة بين محافظتي صلاح الدين، وديالى، شمالي العراق. وكشف الحسيني عن خطة أمنية جديدة بدأها الحشد الشعبي، بالتعاون مع جهاز مكافحة الإرهاب، والشرطة الاتحادية، وفرقة الرد السريع، تقضي بنشر جنود لتأمين التنقل والحركة على الطريق الرابطة بين العاصمة بغداد ومحافظة كركوك، مضيفا: "سوف يكون هذا الاعتداء هو الأخير الذي يتمكن التنظيم من تنفيذه في هذه المنطقة". ومنذ الشهر الماضي تباشر قوة خاصة من "الحشد الشعبي" عمليات نوعية لاعتقال عدد من الإرهابيين والخلايا النائمة في منطقة الحويجة والمناطق المحيطة بها، وقد تمكنت من تحقيق إنجازات مهمة إثر عمليات تم من خلالها اعتقال عدد كبير من الإرهابيين بينهم قادة. تقنين وتودد هذا الدور الذي تقوم به قوات "الحشد الشعبي"، جاء بعد أن أصدر البرلمان العراقي خلال العام الماضي، قانونًا يقنن وضع قوات "الحشد الشعبي"، التي تمثل الفصيل غير النظامي الأبرز في الحرب ضد "داعش"، وهو ما أثار جدلا واسعا بشأن وضع هذه القوات تحديدًا ضمن القوات المسلحة في العراق، خاصة أنها اتهمت في مرات عدة بارتكاب انتهاكات ذات صبغة طائفية. وفي موسوم يضفي قوانين الخدمة العسكرية على قوات "الحشد الشعبي"، ويمكنها من الكثير من الحقوق المخولة للمنتسبين إلى الجيش، مثل الرواتب والحق في الدراسة بالكليات والمعاهد العسكرية، أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي مؤخرا مشروع مساواة رواتب مقاتلي الحشد الشعبي بالجيش العراقي. وفي محاولة سابقة لتودد العبادي إلى "الحشد الشعبي"، رفض رئيس الوزراء وصف هذه القوات بالميليشيات، قائلا إنها قوة مسلحة أصبحت جزءا من القوات الأمنية العراقية، وضمن إطار الدولة وتم تشريع قانون خاص بها. وأضاف أن أولى خطوات محاربة الفساد، بدأت في المؤسسة العسكرية والأمنية، ولم يتم تغيير الجنود أو القادة فيها، مشددا على أن بناء الجيش مستمر وفق أسس سليمة بعيدة عن الفساد، مؤكدا أن "الحشد الشعبي، قوة تابعة للدولة وسلاحه من الدولة.. الحشد كان مساندا للقوات الأمنية في جميع معارك التحرير". إشادة العبادي بالحشد تأتي رغم اعترافه في وقت سابق بارتكاب بعض المقاتلين ضمن "الحشد الشعبي" ما اعتبرها أخطاءً في أثناء العمليات العسكرية، وتوعد بمحاسبة المسؤولين. مصلحة للعبادي تصريحات وإجراءات العبادي مع "الحشد" أثارت عدة أسئلة حول اختيار هذا التوقيت، والإشادة ب"الحشد" رغم الاتهامات الحقوقية الموجهة إليه وارتباطه بإيران، فمنظمة العفو الدولية سبق لها أن طلبت من سلطات البلد كبح جماح قوات "الحشد الشعبي" وهي تستعيد الفلوجة، كما قالت المنظمة، في تقرير بداية عام 2017، حسب "دويتشه". ويقول جاسم محمد، رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبار، إن توقيت مرسوم العبادي "من الممكن أن يُفهم أنه لصالح العبادي في الحملة الانتخابية، وكان يفترض إصدار المرسوم بعد انتهاء عمليات الموصل". من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي خالد الناصر، إن رئيس الوزراء العراقي يريد أن يستغل هذا الملف انتخابيا لأن قائمة "الفتح المبين" الممثلة للحشد الشعبي تعتبر منافسا قويا له، لذلك يريد أن يخرجهم من عملية الانتخابات، وبالتالي يصب ذلك في مصلحته، حسب "سبوتنيك". اللواء الركن عبد الكريم خلف، الخبير الأمني والعسكري، أوضح أن قوات الحشد الشعبي أصبحت الآن هيئة دفاعية تخضع لسيطرة القائد العام للقوات المسلحة، وتأتمر بأوامره وتخضع للقانون بشكل مباشر. مؤشرات عديدة تكشف ارتباط "الحشد الشعبي" بإيران، ومن ذلك اللقاءات المتعددة التي جرت بين قياديين في هذه القوات وقاسم سليماني، قائد فيلق القدس داخل الحرس الثوري الإيراني، وكذا الإشادة المستمرة لقياديي الحشد بالدعم الإيراني، كما أشارت عدة تقارير إلى أن الكثير من أسلحة الحشد جاءت من إيران، ممّا يطرح عدة إشكاليات حول الدور الممكن ل"الحشد الشعبي" في خارطة العراق، وهل يكرّر التجربة ذاتها للحرس الثوري في إيران، أي الاستحواذ على جانب مهم من مفاصل الدولة. بداية التشكيل قوات الحشد الشعبي التي جرى تشكيلها عام 2014، إثر دعوة أطلقها المرجع الديني الشيعي الأعلى علي السيستاني لأجل قتال تنظيم "داعش"، تتكون بشكل كبير من عشرات آلاف شباب الشيعة العراقيين، الموزعين على الكثير من الفصائل التي حملت السلاح دعماً للجيش العراقي في مهمة طرد "داعش" من المناطق التي سيطر عليها، وانتهى القتال نهاية عام 2017 رسميا، لكن قوات الحشد الشعبي لم يجرِ تفكيكها، قبل أن يتم إضفاء الصفة الرسمية عليها في ظرفية حساسة يشهدها العراق، تخص الاستعداد للانتخابات التشريعية المقررة مايو 2018. ويضم الحشد نحو 30 ألف مقاتل سني، أما بقية تشكيلاته فتسهم فيها فصائل متعددة، منها منظمة بدر بنحو 24 ألف مقاتل، بينما تسهم قوات كتائب حزب الله العراقي بأكثر من 8 آلاف مقاتل، ويبلغ عدد جنود "سرايا السلام" نحو 6 آلاف جندي، بينما تسهم "عصائب أهل الحق" ب10 آلاف مقاتل.