بعد «الوراثة السياسية».. هل تغير اللبنانيات المشهد الانتخابي المقبل؟ يبدو أن هناك تقدا ملحوظا في زيادة وعي اللبنانيات بدورهن في المشاركة السياسية وبحقها في ممارسة دورها التشريعي، اتضح ذلك جليا بعد العدد القياسي للمرشحات في الانتخابات اللبنانية المقبلة التي من المقرر إجراؤها في مايو المقبل. فرغم ما تحظى به المرأة اللبنانية من حقوق، وما تحسدها عليه نساء العرب من تحرر، فإنها متأخرة حقوقها السياسية كثيرا، لدرجة أنها تحتل المرتبة 143، قبل الأخيرة، من أصل 144 دولة من حيث تمثيل المرأة في السياسة، وفق ما صرحت به العضوة في تحالف "نساء في البرلمان" فيكي خوري، داعية إلى تعديل القوانين بهذا الشأن. ونظرًا للمشاركة النسائية الضئيلة خلال البرلمانات السابقة، نجد أن "لبنان" يحتل المرتبة 180 عالميا وال15 عربيا في نسبة مشاركة النساء في البرلمانات. سابقة في لبنان ويشكل عدد النساء المرشحات سابقة في لبنان، حيث تشهد مرحلة الترشح مشاركة قياسية من المرأة، إذا قدمت 111 امرأة وثائق للترشح، بعدما اقتصر عددهن على 12 فقط في الانتخابات الأخيرة التي جرت عام 2009، فللمرة الأولى في تاريخ لبنان يتجاوز عدد النساء المرشحات للانتخابات النيابية مائة امرأة يتوزعن على الدوائر الانتخابية كافة. وللمرة الأولى في تاريخ الانتخابات تتشكل لائحة من النساء حصرا. ومن بين النساء المرشحات عدد كبير من الناشطات في المجتمع المدني وإعلاميات وحقوقيات يقدمن ترشيحهن للمرة الأولى، بحسب "الحرة". وفي البرلمان الحالي الذي يتألف من 128 نائبا، توجد أربع سيدات فقط، واللافت أنهنّ وصلن بفعل عامل الوراثة السياسية، فالنائبة بهية الحريري هي شقيقة رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، وستريدا جعجع زوجة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ونايلة تويني ابنة النائب السابق جبران تويني، وجيلبيرت زوين ابنة النائب والوزير الراحل موريس زوين. ومع اقتراب موعد الانتخابات المقبلة المقررة في 6 مايو 2018، بعد نحو خمس سنوات من التمديد للمجلس الحالي، تسعى لبنانيات، مستقلات وحزبيات، إلى الفوز بمقاعد نيابية والمشاركة في الحياة التشريعية، في ظل رفض إقرار الكوتا النسائية في قانون الانتخابات الصادر عام 2017. وبحسب أرقام 2016، هنالك 1،841،089 ناخبة يشكلن 50.8% من إجمالي الناخبين، وشكلن في آخر انتخابات نيابية، عام 2009، 51.2% منهم، واقترع منهنّ 52.4%، أي أكثر من نصفهنّ. وبعد أن كان عدد المرشحات لانتخابات عام 1992 ست نساء فقط، تستعد أكثر من 100 امرأة لبنانية، في أرقام غير نهائية، لخوض انتخابات عام 2018. «حزب الله» يمتنع وهناك حراك سياسي غير مسبوق للنساء، فقد رشح تيار المستقبل أربع نساء من بين ثمان وثلاثين، أما "حركة أمل" فرشحت الوزيرة عناية عز الدين، وحزبا القوات اللبنانية والكتائب لم يعلنا عن أسماء مرشحيهم بعد. "حزب الله" يستمر في استبعاد النساء عن قوائمه الانتخابية، وعبّرت عن توجهاته عضوة المجلس السياسي في الحزب ريما فخري، خلال مشاركتها في مؤتمر عقد مؤخرا حول تعزيز دور الأحزاب في تشجيع تمثيل النساء في انتخابات 2018، بقولها إن حزبها يتحفظ على مشاركة المرأة في الانتخابات النيابية "لأن ذلك سيكون على حساب عائلتها". نتائج محسومة من جانبه أكد المحلل السياسى فادى عاكوم أنه لا يوجد أى تحرك سياسي أو على صعيد المجتمع المدني أو منظمات نسائية فاعلة على الأرض لإثبات وجود المرأة ووجودها مرهون بتبعيتها للتنظيمات أو للوراثة السياسية، ولا يوجد امرأة أثبتت نفسها ببرنامج انتخابى قوي وهذا الضعف فى دور المرأة عائد لطبيعة المجتمع والتركيبة السياسية التى تتحكم فى الانتخابات ونتائجها، فالنتائج شبه محسومة لتسعين فى المئة من المرشحين، بحسب "سبوتنيك". أما المرشحة عن دائرة البترون ليال بوموسى على أعداد المترشحات فقالت: "الرقم محفز ويبشر بالخير ولكنه ليس كبيرا" كما عولت كثيرا على وعى الناخب اللبناني الذى يرفض التحالفات الانتخابية المتناقضة. مشددة على أهمية تطبيق نظام الكوتة فى الانتخابات لضمان تمثيل لائق للمرأة. من جهتها، تعتبر رجينا قنطرة المحامية والمرشحة المستقلة عن المقعد الماروني في مدينة طرابلس الشمالية، أنه "من المعيب أن تكون نسبة التمثيل النسائي في المجلس التشريعي الحالي 3.1% في جمهورية ديمقراطية كلبنان". وتشير إلى أن المجلس النيابي "لا يزال ذكوريا، ولم نشهد حتى الآن أية رغبة عند الأحزاب فى تطبيق الكوتة النسائية حتى بحدها الأدنى وهو 30%، رغم كل الوعود التي قُدّمت في هذا السياق". تعثر "الكوتة" وفي الوقت الذي لجأت فيه بعض الدول العربية إلى اعتماد نظام "الكوتة" في برلماناتها منذ أعوام، فإنه في لبنان كان قاب قوسين أو أدنى من إقرار نظام "الكوتة" هذا، إلا أن الأمر تعثّر. "الكوتة" تعني وجود النساء بنسب محددة في البرلمان، وهي عبارة عن آلية تُوصل إلى خطوة نوعية لسد ثغرة اللا مساواة بين النساء والرجال في المجالس النيابية، أو في الدوائر الرسمية والعامة في دول العالم الثالث على وجه التحديد التي تحرم المرأة من حقها. وصل الحديث في لبنان عن الكوتة متأخرا جدا مقارنة بغيرها من الدول المحيطة، بعد أن سبقته دول عربية عدة أبرزها: مصر، والعراق، والأردن، والسودان، والمغرب، وفلسطين، وتونس. شهد عام 2006 مشروع قانون تقدمت به "الهيئة الوطنية الخاصة بقانون الانتخابات النيابية"، والتي كان على رأسها الوزير فؤاد بطرس، حول إقرار "الكوتة"، بحيث تلتزم كل لائحة من اللوائح الانتخابية بعدد معين من المرشحات وإلزاميا، إضافة إلى اعتماد نسبة 30% على مستوى الترشيح، أي في اللوائح الانتخابية وفي الدوائر الخاضعة للنظام النسبي لا الأكثري أي ما يعرف بقانون الستين، وذلك انطلاقا من إعلان مؤتمر بكين لعام 1995 الذي صادق عليه لبنان، والذي يُوصي بضرورة رفع تمثيل المرأة إلى نسبة لا تقل عن 30% بحلول العام 2005. وكان البيان الوزاري للحكومة الحالية برئاسة سعد الحريري قد أكد أن "الحكومة ستعمل مع المجلس النيابي على إدراج كوتة نسائية في قانون الانتخابات المنتوَى إقراره"، وبالرغم من كل تصريحات رؤساء الأحزاب ووعودهم، فقد أُقرّ قانون الانتخابات بدون هذه "الكوتة". وبعد إدراك المرأة اللبنانية لدورها السياسي وزيادة المرشحات في الانتخابات المقبلة التي ينتظرها لبنان منذ عدة سنوات، هل سيتغير المشهد الانتخابي المقبل أم ستكون النتائج محسومة؟