أزمات عدّة يعاني منها قطاع الصحة في مصر أثرت سلبًا على صحة المصريين وانتقصت من حقهم في العلاج الذي كفله الدستور بداية من تدني ميزانية الإنفاق الصحي التي تراجعت بصورة كبيرة وتسببت في وجود عجز حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية داخل المستشفيات التي تحولت إلى ما يُشبه ساحة المعركة نتيجة الدخول في مشادات واشتباكات حامية بين الأطباء والمرضى الذين يتحملون فاتورة الإهمال الطبي وتدني الخدمة الصحية في مصر. طالب الدكتور إيهاب الطاهر، الأمين العام لنقابة الأطباء بإعادة هيكلة المنظومة الصحية فى مصر والتي تعانى من مشكلات عاجلة تؤثر سلبا على صحة المواطن نتيجة نقص المستلزمات الطبية داخل أقسام الطوارئ بالمستشفيات، فضلًا عن نقص أدوية الحوادث في ظل نقص ميزانية الإنفاق على الصحة والتى بلغت أقل من ثلث النسبة المقررة فى الدستور والتي تبلغ 3% من الناتج القومي. أزمة نقص المستلزمات نقص الأدوية والمستلزمات تسبب في مشكلات عدّة للفريق الطبي نتيجة الصدام مع المرضى وذويهم وصلت إلى حد القبض على الطبيب محمود ناصر، طبيب عظام الزقازيق، والذى تعاطف مع المريض، وطالبه بشراء المستلزمات الطبية الخاصة به لإتمام العملية الجراحية وفوجئ بالمريض يسجل له ويقدم ضده بلاغًا مما تسبب في حبسه احتياطيا، والذى تم إخلاء سبيله لاحقًا بضمان محل إقامته وقيام الأطباء بوقف العمليات فى عدد من المستشفيات بسبب نقص المستلزمات. الطاهر أعلن خلال الاجتماع الذي عُقد أمس الأربعاء، داخل مقر النقابة العامة للأطباء ب«دار الحكمة» أن الأدوية والمستلزمات الطبية لا غنى عنها داخل أقسام الطوارئ والرعاية الحرجة، ومن ثم ضرورة توفيرها بشكل عاجل، خاصة أدوية الحوادث، بالإضافة إلى صدور نص واضح يفسر ماذا يفعل الطاقم الطبى فى حالة نقص المستلزمات أو عدم توافرها؟ وهل من الممكن أن يقوم المستشفى بشراء المستلزمات الناقصة من الصندوق الخاص به بالأمر المباشر وإذا لم تتوافر المبالغ ماذا يفعل الطبيب؟ مَن الضحية؟ «الأطباء وقعوا ضحية بسبب نقص المستلزمات».. يقول الطاهر الذي تساءل بدوره: هل يتعاطف الطبيب مع المريض ويطلب منه شراء المستلزمات لإسعافه ويتعرض للحبس أم أنه يمتنع ويتم تأجيل العملية ويهدد حياته أو أن يختار أسهل الطرق ويحول المريض لمستشفى آخر؟، كما أن مسلسل الاعتداء المتكرر على المستشفيات والفريق الطبي وآخرها طبيب مستشفى المطرية التعليمي نتيجة العجز في الأدوية والمستلزمات ما يدفع المريض فى هذه الحالة إلى إخراج غضبه فى الطبيب المقيم فيتم الاعتداء على الأطباء والطاقم الطبي. الطاهر طالب بتوفير الأدوية والمستلزمات وتأمين المستشفيات ووضع كاميرات مراقبة داخل أقسام الطوارئ، لافتًا إلى أن نقابة الأطباء قامت بإرسال مشروع قانون لتغليظ عقوبة الاعتداء على المنشآت الطبية لمجلس النواب في ضوء ما يجري حاليا من اعتداءات على الأطباء وقيام المعتدين بعمل محضر كيدى لهم بحجة أن الطبيب هو من قام بالاعتداء من أجل الضغط عليهم للتنازل وتهديدهم بالحبس ويضطر عدد منهم إلى التنازل ويتم توصيف الاعتداء على أنه مشاجرة بدلًا من اعتداء على موظف عام ومنشأة حكومية. التأمين الصحي أمن قومي أما بالنسبة لمشروع قانون التأمين الصحي الجديد فقد أوصى الأمين العام للأطباء بسرعة وضع خطة واضحة لتطبيق هذه المنظومة التي تخدم 100 مليون مواطن وتضمن لهم وضعا صحيا أفضل، محذرًا من إلغاء التعاقد مع المستشفيات الحكومية والذي يؤدى إلى احتمال دخول القطاع الخاص وشراء المستشفيات الحكومية وهذه قضية أمن قومي، وقد اعترضت النقابة على بعض البنود فى مشروع القانون إلا أنه لم يتم الأخذ بها، على أمل أن ينظر إليها فى اللائحة التنفيذية. وفي سياق متصل أوصت الدكتورة منى مينا، وكيلة نقابة الأطباء، بضرورة توفير المستلزمات الطبية الطارئة ووجهت النقابة العامة خطابًا إلى وزيري الصحة والتعليم العالي للتساؤل عمّا يفعله الفريق الطبى فى حالة نقص المستلزمات الطبية ولكن لم يصلهم رد واضح حتى الآن. كما قامت النقابة العامة للأطباء بإصدار تعليمات صريحة للأطباء للتعامل فى حالة نقص المستلزمات الطبية بأن يقوم الطبيب بكتابة ذلك فى الملف الطبى للمريض وإبلاغ الإدارة بذلك وعدم تعامل الأطباء فى الأمور المالية مع المريض، وفى حالات الطوارئ يجب على الطبيب إخطار النائب الإدارى للتصرف السريع أو إعطاء التعليمات الواضحة لهم حتى يكون الطبيب خارج نطاق المسئولية. المسئولية الطبية هي الحل وطالبت وكيلة النقابة المسئولين بمجلس النواب بسرعة إقرار مشروع قانون المسئولية الطبية الذى يضع طرق محاسبة عادلة تعطى للمريض حقه وفى نفس الوقت تحمى الطبيب، حيث إنه بموجب القانون يتم تشكيل لجنة محايدة تضم كل الجهات ولم تقتصر على الأطباء فقط لتحديد ما إذا كان ما قام به الطبيب يدخل في نطاق الخطأ الطبي أم الإهمال أم مضاعفات للحالة ويحظر القانون الحبس الاحتياطى للأطباء حتى صدور قرار اللجنة. "مينا" أكدت أهمية تدقيق وسائل الإعلام فيما يسمى بالإهمال الطبي، لأن مثل هذه الحملات تؤثر على العلاقة بين الطبيب والمريض.