بينما تبذل مؤسسات الدولة المختصة بمكافحة انتشار المخدرات في الشوارع والقضاء على الإدمان، بغية إعداد جيل واع قادر على تخطي الصعاب وتحقيق غدٍ أفضل للبلاد، تظهر مجموعة من ضعاف النفوس، تسارع لإنشاء «دكاكين»، يطلقون عليها مراكز علاج إدمان، غير مرخصة، ولا تخضع لأى رقابة من أى جهة. الوضع غير الآمن داخل تلك «الدكاكين»، حولها وكرًا لبيع المواد المخدرة في صورة شبه مقننة، فيكفي لمجموعة من العاطلين وأرباب السوابق شراء جهاز تحليل وشرائط تحليل وأمبولات، لفتح مركز لعلاج الإدمان، مخالف للقوانين والتعليمات المنظمة لهذا الشأن، على وجه الدقة. اليوم الثلاثاء، نجح ضباط قسم مكافحة جرائم الأموال العامة، بمعاونة إدارتى العلاج الحر والصيدلة، في ضبط مركز لعلاج الإدمان بدون ترخيص بمنطقة أخميم بسوهاج، إذ تلقى رجال المباحث معلومات تفيد قيام "إسلام. ع"، 33 سنة، حاصل على معهد فني، بمزاولة نشاط واسع فى مجال تجارة الأدوية غير المرخصة وإدارة مركز لعلاج الإدمان، وقيامه باستئجار عقار مكون من خمسة طوابق واستخدامه فى نشاطه بدون ترخيص. داهمت أجهزة الأمن العقار، وألقى القبض على مجموعة من العمال، وبحوزتهم "2" جهاز تحليل، أشرطة تحليل مخدرات، أمبولات سحب عينات، و"40" علبة أقراص مخدرة من الجدول الثاني، كما عثر على مستندات عبارة عن دفاتر وأذون صرف للأدوية، إيصلات استلام نقدية، ملفات للأشخاص المترددين لتلقي العلاج، وتم رصد 25 حالة تتلقى العلاج داخل المركز، تولت النيابة التحقيق. يقول المحامي حسام سعد، الخبير القانوني، إن الرقابة الحكومية الواجبة على مراكز علاج الإدمان تقتضي تجنب الآثار السلبية ومنع دخول أى مواد مخدرة إلى المرضى أثناء تلقيهم العلاج، حتى لا يتعرض أحدهم للتعذيب والموت داخل تلك المراكز التي تنشأ «تحت بير السلم». وأضاف، أن غالبية مراكز علاج الإدمان غير المرخصة تنتشر بمنطقة "حدائق الأهرام"، لا تخضع لأى إشراف طبي، ولا تعتمد في علاجها على الأطباء النفسيين، كما أنها لا تملك برامج مخصصة لتأهيل الشباب، ومن ثم علاجهم بهدف إعادة انخراطهم ودمجهم فى المجتمع من جديد. وتابع «سعد» أن قليلاً من الخبرة يكتسبها أولئك الباحثون عن «السبوبة»، من أجل تحقيق «بيزنس غير مشروع»، هيأت لعقول البعض من الضحايا أنهم بإمكانهم علاج حالات الإدمان ومساعدتهم بدلًا من الاعتماد على مراكز خاضعة للإشراف الطبي والرقابة من قبل وزارة الصحة. ونوه المحامي إلى تعرض عدد من المرضى داخل تلك المراكز غير المرخصة للتعذيب بالضرب، ويصل الأمر إلى منع تقديم الطعام إليهم، وكثيرا ما يتعرض أصحاب تلك المراكز غير القانونية إلى الزج بهم بهم خلف قضبان السجون، بعد انكشاف تحايلهم على القانون. فيما طالب أشرف عبد الحميد، الخبير القانوني، بضرورة التفتيش على تلك المراكز لضمان حصولها على المسار القانوني السليم، والتأكد من وجود إشراف طبي وبرنامج سليم يحقق الهدف من ورائه، إذ إن ضعاف النفوس يسعون لتحقيق بيزنس وتجارة لتحقيق مكاسب مالية على حساب حياة الشباب دون تقديم فائدة للمدمنين المفترض علاجهم داخل تلك المراكز. وأكد «عبد الحميد»، أن برامج العلاج الصحيح داخل المراكز يجب أن تعتمد على خريطة زمنية يومية تتضمن خططا واضحة لتحقيق نتائج إيجابية تحت إشراف الأطباء، حتى يتم تأهيل المريض ودمجه فى المجتمع مرة أخرى بعد تعافيه بشكل كامل من المخدرات، لافتا إلى أن تنظيم عملية إنشاء مراكز الإدمان في مصر يحتاج إلى إعادة النظر وتشديد الرقابة عليها لتلاشي المشكلات القانونية. وقال المحامي، إن القانون يحتم على "إدارة العلاج الحر" بوزارة الصحة، غلق أي منشأة غير مرخصة، وإعطاء الطبيب القائم عليها مهلة لتوفيق الأوضاع وإصدار الترخيص لفتحها مرة أخرى، وإذا تكرر الخطأ يصدر حكم من المحكمة بغلق نهائي، ولا يُسمح له بفتحها مرة أخرى، وفجر مفاجأة في حديثه بقوله إن العقوبة تكون بالغرامة والغلق ولا ترتقي للحبس. وتابع مشيرا إلى أنه يتم التحقيق مع الطبيب المخالف، ثم يحال لهيئة التأديب المكونة من طبيبين ومستشار من مجلس الدولة لتقدير العقوبة، ومن حق أي طرف التظلم من حكم محكمة التأديب الداخلية الأولى في النقابة باللجوء إلى هيئة التأديب الاستئنافية، مكونة من 3 قضاة وطبيبين، بمقر دار القضاء العالي. رئيس الإدارة المركزية للعلاج الحر والتراخيص بوزارة الصحة، يقول إن أهم شروط ترخيص مراكز علاج الإدمان أن تكون باسم طبيب وليس إخصائيا نفسيا، وأن يكون المركز وفقا لمعايير إنشاء المنشآت الطبية، وألا يديرها متعافون من الإدمان، كما يحدث في بعض الحالات، لافتا في الوقت نفسه إلى أنه تم إغلاق عدة مراكز يديرها متعافون من الإدمان دون وجود طبيب. وأشار رئيس الإدارة في تصريحات صحفية له إلى أن أي مركز مخالف للمعايير المنصوص عليها في قواعد ترخيص مركز علاج الإدمان يتم غلقه وضرورة أن تكون الأدوية الموجودة بالمركز ملائمة لعدد المرضى بها لعدم وجود شبهة اتجار بالأدوية لمنع المساعدة على الإدمان. أعلنت غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى ورئيس مجلس إدارة صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى، أنه سيتم إعداد مشروع قانون ينظم عمل مراكز علاج وتأهيل مرضى الإدمان، والعمل على إصدار لائحة موحدة تنظم عمل المراكز العلاجية من خلال الجهات المعنية، وذلك حفاظا على حياة المرضى، والتأكد من أن العاملين بهذه المراكز من المتخصصين فى علاج الإدمان. وكان مجلس إدارة صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى، برئاسة غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعى ورئيس مجلس إدارة الصندوق، قرر تشكيل لجنة لمراجعة ضوابط المراكز العلاجية لمرضى الإدمان بمشاركة وزارتى الصحة والداخلية، ومتابعة عمل المراكز غير المرخصة لتقنين أوضاعها وفقا للشروط المنظمة، والعمل على إصدار لائحة موحدة تنظم عمل المراكز العلاجية من خلال الجهات المعنية.