تختلف أسماؤهم وأماكن إقاماتهم لكن تتشابه آلامهم، أعدادهم تقدر بالمئات، يعانى مرضى ضمور العضلات "ضمور المخ" بكفر الشيخ تجاهل مسؤولي وزارة الصحة في الوقت الذي عجز فيه الأطباء عن إيجاد علاج لهم، مما زاد معاناة أسرهم لارتفاع تكاليف العلاج. في سن الخامسة، اكتشفت الحاجة فتحية، إصابة طفليها "فاروق"، 12 سنة، و"أميرة"، 10 سنوات، إصابتيهما بضمور في العضلات، لتبدأ رحلة المعاناة خاصة مع ارتفاع تكاليف العلاج بواقع 2200 جنيه شهريا لكل منهما، بينما يغطي -بالكاد- راتب الزوج الذي يعمل بإحدى المصالح الحكومية مصروفات المنزل. طرقت الأم أبواب الأطباء لكن الإجابة لم تتبدل وأخبروها بأن علاج طفليها "ميئوس منه في مصر، وأنهما سيموتان خلال سنوات حال عدم سفرهما للخارج". لم تختلف الأمور كثيرا داخل منزل أسرة "هناء"، 23 سنة، بإحدى قرى مركز الحامول، حيث اكتشفت أسرتها الحقيقة الصادمة عند بلوغها الثالثة من عمرها، بعدما أصبحت لا تقوى على الوقوف والجلوس إلا بمساعدة الآخرين، وتستمر حركة أطرافها طوال الوقت باستثناء خلودها إلى النوم. وتقول الحاجة سامية، والدة هناء، إنها تخشى أن تموت قبل علاجها، "لو ماتت وتركت بنتها نورا فلن يستطيع أحد تحملها، لها شقيقتان تزوجتا، ولديها 4 أولاد صغار أكبرهم محمود يعمل لدى الآخرين ليوفر لهم الطلبات". "جنا عبد الوهاب"، ابنة برج البرلس، طفلة تبلغ من العمر 10 سنوات، أصيبت بضمور في المخ وتشنجات بالدرجة الأولى في سن العام ونصف، مما أثر على حركتها، وجعلها طريحة الفراش. ورغم خضوعها ل4 عمليات جراحية في الثانية من عمرها، فلا تزال "جنا" تحتاج إلى عمليات بتكلفة 200 ألف جنيه، إضافة إلى جلسات العلاج الطبيعي، وتخصيص "بامبرز" من نوع خاص. الأمور ازدادت سوءا مع انفصال والديها، وتنصل الأب من مسؤولية علاج طفلته الوحيدة، فاضطرت الأم إلى وقف العلاج الذي يتكلف نحو 7 آلاف جنيه شهريا، خاصة أنها ربة منزل لا تعمل. ومع مساعدة "أهل الخير"، استأنف والدة جنا رحلة علاج طفلتها، إلا أن هذه المساعدات ليست كافية. تقول أم جنا إنها باعت أثاث المنزل، واستدانت بمبلغ 60 ألف جنيه لشراء علاج ابنتها، مناشدة اللواء السيد نصر، محافظ كفر الشيخ، التدخل لإنقاذ طفلتها الوحيدة. لم تهنأ سعيدة عبد المحسن بمولودها "رضا"، إذ اكتشفت إصابته بضمور في المخ عند بلوغه عاما ونصف العام، وتدهورت حالته حتى سن الرابعة "كان بيمشي.. دلوقتي يزحف كالطفل"، تقول والدته إنها تشتري أدوية ب300 جنيه، ومثلها للكشف الطبي، بالإضافة إلى 60 جنيها قيمة جلسة العلاج الطبيعي، مشيرة إلى أنها تحصل على معاش من الشؤون الاجتماعية بقيمة 300 جنيه فقط. وخلال حديها ل"التحرير"، أوضحت والدة "رضا" أن الحالات المصابة بالمرض القاتل كثيرة ومنتشرة في أنحاء الجمهورية، محذرة من استمرار مسلسل الإهمال من جانب مسؤولي وزارة الصحة في توفير الأدوية والمراكز المتحصصة للعلاج، الأمر الذي سيؤدي إلى مضاعفات خطيرة، حسب وصفها. من جانبه، أكد مصدر بمديرية الصحة بكفر الشيخ، أن مرض ضمور العضلات "وراثي"، يصعب علاجه، إضافة إلى عجز الأطباء عن التشخيص الصحيح له عند إصابة الطفل، مما يساعد على انتشاره، لافتا إلى أنه حتى الآن لم يتم إجراء إحصائية رسمية على مستوى المحافظة لمعرفة أعداد المرضى وأيضا لم يتم تجهيز أي منشأة طبية لاستقبالهم ورعايتهم. أضاف المصدر، الذي رفض نشر اسمه، أن محاولات مرضى ضمور العضلات للعلاج على نفقة الدولة باءت بالفشل؛ لعدم إدراجه داخل بروتوكول العلاج على نفقة الدولة، مشيرا إلى أنه ليس من الأمراض ذات الأولوية طبقًا للقرار الوزاري رقم 290 لعام 2010.