انتفض أهالي قرية الطرفاية بمركز البدرشين بالجيزة، للثأر من 4 لصوص، أطلقوا رصاصة على شاب في العشرين من عمره لسرقة "توك توك" وكاد اللصوص يفلتون بدماء سائق التوك توك، لولا ظهور سيارة صغيرة شقت ظلمة الليل وبدأت في ملاحقة اللصوص، لتنتهي المطاردة بسقوط قتيلين من اللصوص، بينما يرقد سائق السيارة بين الحياة والموت في غرفة الإنعاش بأحد المستشفيات الحكومية. كانت عقارب الساعة تقترب من الثانية بعد منتصف الليل، حيث يعود وليد عبد الغني، صاحب ال20 عاما إلى منزله، بعد يوم شاق من العمل على "توك توك" ملكه بشوارع مركز البدرشين لتوفير لقمة عيش كريمة له ولزوجته وطفلته الرضيعة التي لم يكتب له القدر أن يراها بعد تلك الليلة. المجني عليه ورضيعته في هذا الوقت كان "وليد" يتابع سيره بطريق مصر - أسيوط الزرعي، مسرعا لينام بضع ساعات، في الوقت الذي أشار إليه فيه شخصان يقفان على أحد جانبي الطريق في منطقة مظلمة، بعيدة إلى حد ما عن المنطقة السكنية وعن مدخل القرية التي يسكن بها الشاب، توقف الشاب العشريني ظنا منه أنهما زبائن أرادا أن يوصلهما إلى مكان ما، لكن هذه المرة خاب ظنه، فبمجرد توقفه أمامهما، ظهر اثنان آخران كانا مختبئين خلف الزراعات، انتاب وليد شعور بأن الأمور لا تسير على ما يرام، دار بينهم حديث مقتضب لم يتجاور ثواني معدودة، بعدها تحول المشهد إلى قتل ودماء وصرخات. أحد المتهمين يقول محمود عرفة، 36 عاما، مدرس بإحدى المدارس الحكومية بالقرية، "شاهد عيان" على أحداث الواقعة، إن اللصوص حاولوا سرقة التوك توك، تحت تهديد السلاح الناري، بعدما فشلوا في استدراج سائقه إلى منطقة نائية، فقام أحدهم بإخراج فرد خرطوش من طيات ملابسه، وهدد السائق، غير أن الأخير حاول منعهم بكل ما أوتي من قوة، ورفض ترك مركبته أو النزول منها، مما دفعهم للتعدي عليه بالضرب بعدما فشلوا في إقناعه بترك التوك توك. وتابع محمود، لسوء حظ المجني عليه، فإن المنطقة التي وقعت بها الحادثة تعتبر من المناطق الهادئة البعيدة عن المنطقة السكنية بالقرية، ولا يوجد بها غير مجموعة من الورش ومحال قطع الغيار التي تغلق أبوابها من العاشرة مساء، مشيرا إلى أن تعالي أصوات الضحية والمتهمين الأربعة، لم يكن كفيلا بتوقف السيارات التي تمر بالطريق، أو أحد المارة، حيث ظن بعضهم أن المشادة التي وقعت بين الضحية والمتهمين كانت بسبب خلاف على أجرة التوصيل. المتهم الثاني يلتقط رجل خمسيني أطراف الحديث، ليؤكد أن المشهد تحول في لحظات إلى جريمة قتل وسرقة تحت تهديد السلاح، حيث سمعنا أصوات صراخ واستنجاد من مسافة بعيدة، هرع الأهالي إلى مكان الواقعة، ولأن المسافة بين مدخل القرية وموقع الحادث ليست قريبة، فوجئنا بالشاب وليد سائق التوك توك يسقط على الأرض، وهو في حالة إنهاك، إذ لم يكن قادرا على الوقوف مرة أخرى حينما سقط. يضيف شاهد العيان: أحداث المشهد كانت تتطور بشكل مرعب في لحظات، حيث ظل الضحية متشبثا بقضبان التوك توك من الخارج حتى بعد سقوطه أرضا، كنا نرى المشهد من بعيد، رغم أن مكان الواقعة كان مظلما إلى حد ما، وكنا نسارع الزمن لكي نصل لإغاثة الشاب الضحية، لكن الأمر لم يستغرق أكثر من نصف دقيقة. يضيف الشاهد: قبل وصولنا إلى مكان الواقعة بعدة أمتار فوجئنا بقدوم سيارة ميكروباص صغيرة 7 راكب "سوزوكي" مسرعة، وكانت على مسافة قريبة من الحادث. وفي هذه اللحظات كان المشهد الأكثر قسوة في الواقعة، حيث أخرج أحد اللصوص سلاحا ناريا من طيات ملابسه وأطلق النار على سائق التوك توك، بعدما كان الأخير مصرًّا على عدم التفريط في مركبته، صوت إطلاق النار كان كفيلا بقلب المشهد رأسا على عقب في لحظة، حيث اهتزت قلوب المارة الذين هرعوا لإنقاذ السائق أو حتى لمجرد استطلاع ما يحدث في هذا المكان القريب، ولم يتعد عددهم 4 أو 5 أشخاص في هذا الوقت. واستطرد الشاهد: "صمت رهيب استمر لثوان عقب صوت إطلاق النيران، يقطع هذا الصمت، صوت فرامل السيارة التي جاءت منطلقة لمطاردة اللصوص الأربعة، ومحاولة توقيفهم، وبالفعل كان طريق مصر أسيوط، شاهدا على مطاردة قصيرة ولكنها شرسة، كان فيها اللصوص حريصين على الفرار والنجاة بحياتهم، بينما كان سائق السيارة الميكروباص، حريصا على اللحاق بهم وإيقاعهم، حتى وإن كلفه الأمر أن يدفع حياته ثمنا لشهامته. المجني عليه استمرت السيارة الصغيرة في مطاردة اللصوص الأربعة، ويبدو أن أحدهم يجيد قيادة التوك توك، وقادر على المراوغة، لكن السائق الشهم، حسم الواقعة، واصطدم بهم من الخلف بقوة، ليزيح مركبتهم إلى جانب الطريق، وينقلب التوك توك عدة مرات وسط حالة من الذهول أصابت كل من يشاهد الموقف. كان قسم شرطة البدرشين قد تلقى بلاغًا من مستشفى الحوامدية العام بوصول 3 جثث، بينها شاب مصاب بطلق ناري، وعلى الفور انتقلت الأجهزة الأمنية للمستشفى، وتبين قيام 4 أشخاص بقتل "وليد عبد المحسن" وسرقة التوك توك ملكه، وأثناء هروبهم، تزامن مرور شخص بسيارة ماركة سوزوكي فان، فقام بمطاردة اللصوص أثناء محاولتهم الهروب، وقام بالاصطدام بهم، وتوفى على أثرها اثنان من المتهمين وأصيب آخران إصابات خطيرة، بينما أصيب سائق السيارة بجروح بالغة في أنحاء متفرقة من الجسد.. نقل الأهالي المصابين إلى مستشفى البدرشين المركزي. تحرر المحضر اللازم وأخطرت النيابة العامة لمباشرة التحقيقات.