حالة من الجدل أثارها مشروع قانون التأجير التمويلى والتخصيم، الذي وافقت عليه الحكومة مؤخرًا خلال اجتماعها برئاسة المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء، ومن ثم أحالته إلى مجلس الدولة، داخل الأوساط التجارية، وتباينت ردود الأفعال بين مؤيد ومعارض، فهناك من يرى أن نشاط التخصيم سيكون له آثاره السلبية على الاقتصاد المصري، لا سيما في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية. بينما يرى آخرون، أن القانون سيلعب دورًا بارزًا فى تمويل الاستثمار، لا سيما الصناعات المتوسطة والصغيرة الراغبة فى شراء معدات أو مستلزمات تصنيع، وتمويلها على عدة سنوات للتقليل من التكلفة الاستثمارية للبدء في الاستثمار بأقل تكلفة ممكنة. الدكتور عادل عامر، مدير مركز المصريين للدراسات القانونية والاقتصادية، يرى أن قانون نشاطى التأجير التمويلى والتخصيم، الجديد يختلف تمامًا عن سابقه، ذات السمعة السيئة عند البعض، حيث يأتي فى إطار اهتمام الدولة بالعمل على تنمية وزيادة حجم الاستثمار ودفع عجلة النشاط الاقتصادى لرفع معدلات الإنتاج والتشغيل إلى أفضل مستويات. وتابع عامر، المقصود بنشاط التخصيم، هو أن تقوم شركة التخصيم بالاتفاق مع بائعى السلع ومقدمى الخدمات على شراء الحقوق المالية الحالية والمستقبلية، التى تنشأ عن بيع السلع، وتقديم الخدمات إلى الشركة مع قيامها بتقديم بعض الخدمات المرتبطة بإدارة تلك الحقوق حسب رغبتها. وأشار عامر، إلى أن القانون الجديد يسهم فى تعزيز الشمول المالى والمساهمة فى انتشار أدوات التمويل غير المصرفى فى أنحاء البلاد ووصولها لشرائح من المجتمع لا تستفيد حاليًا من العديد من الخدمات المالية، كما سمح مشروع القانون للشركات والجمعيات والمؤسسات الأهلية المرخص لها بممارسة نشاط التمويل متناهى الصغر، حيث تقوم بتقديم خدمات التأجير التمويلى متناهى الصغر، وذلك بهدف دعم وتنمية الجهات التى تمارس نشاط التمويل متناهى الصغر، باستخدام قاعدة البيانات المتوفرة لدى تلك الجمعيات للوصول إلى عدد أكبر من المتعاملين فى الصناعات الصغيرة أو الحرفية. بينما حذّر محمود عبد النبي خبير القانون، من خطورة الآثار السلبية، إذا لم تضع الحكومة خطة محكمة لإدارة متطلبات تفعيل نشاط التخصيم، لا سيما أن معظم هذه الشركات متعددة الجنسيات، ولا تهتم إلا بمصالحها ومصالح بلادها، دون النظر إلى الشركات المصرية ما قد يسبب أزمة اقتصادية وإضرارًا بالشركات محلية وتدمير الاقتصاد المصري، الذي هو أحد الأعمدة الرئيسية لأمن مصر القومي، على حد قولها. وأشارت أبو الخير، إلى أن عددًا من المحاميين تقدموا ببلاغ إلى النائب العام رقم 7237 لسنة 2017، ومع هذا البلاغ قاموا بتقديم دراسة اقتصادية من المركز الدولي للدراسات والأبحاث تؤكد علاقة شركات التخصيم بإفلاس اليونان، كما قاموا بتقديم بعض المستندات الخطيرة التي تؤكد أن بعض شركات التخصيم تنفذ أجندات أجنبية الهدف منها تدمير الاقتصاد المصري. وأشارت دراسة حديثة، صادرة عن المركز الدولي للدراسات والأبحاث، أن شركات التخصيم سيكون لها آثارها السلبية على الاقتصاد، لا سيما أن شركات التخصيم تلعب دورًا مميزًا في التعاملات بالأسواق، وهنا تكمن الخطورة، فالبيئة التشريعية التي تتبناها الهيئة العامة للرقابة المالية لصالح شركات التخصيم تقدم تسهيلات كبيرة ليست بمقدار ما قدموه في ظل عدم وجود أي دراسات حكومية عن مخاطر توسع هذا النشاط، وهو ما يثير القلق في الأسواق الناشئة كالسوق المصري. وأشارت الدراسة إلى أن القاعدة القانونية لإنشاء الشركة كانت قرار رئيس الوزراء رقم 1446 لسنة 2003 الذى يسمح بتوفير خدمات التخصيم في مصر ثم تبعه قرار أحمد نظيف رئيس الوزراء وقتها رقم 162 لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997، وذلك لتنظيم نشاط شركات التخصيم وإمكانية تعديل رأسمال الشركات، وبعدها قرار وزاري لعمرو الجارحي، وزير المالية في مارس 2016 بإضافة نشاط التخصيم ضمن أنشطة التمويل المسموح للشركات التعامل فيها، أسوة بنشاط التوريق، والتأجير التمويلي. وناشدت الدراسة، مجلس النواب، التأني في سن أي قوانين جديدة للتخصيم ومراجعة آليات عمل الشركات خلال الفترة الماضية وتجاوزاتهم خلال الفترة الماضية، حتى لا يتعرض السوق المصري، وخاصة صغار المستثمرين لضربات جديدة موجعة، خاصة أن المحاكم تشهد منازعات قضائية كثيرة بسبب تلك الشركات، كما طالبت الدراسة مجلس النواب بعدم النظر لأوضاع الاقتصاد والقوانين بالبلدان الكبرى، بل بدراسة السوق المصري في ظل عدم وجود مقومات نظام جيد للتمويل في مصر مثل عدم وجود سوق أولية وأخرى ثانوية منظمة لها قواعد تحكمها وجهات تتولي رقابتها، وبالتالي أن نبدأ أولًا بتطوير سياسات الإصلاح المؤسسي لسوق التمويل، والذي يعد أحد عناصر الإصلاح المالي المتكامل. كان مجلس الوزراء، قد وافق خلال اجتماعه الأسبوعى برئاسة المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء، على قانون التأجير التمويلى والتخصيم وإحالته إلى مجلس الدولة. وأكد المجلس، في بيانه، أن مشروع القانون يقع فى (85) مادة مقسمة على سبعة أبواب، إضافة إلى مواد الإصدار، وعددها خمس مواد تتضمن الأحكام الانتقالية للجهات القائمة التى تمارس نشاطى التأجير التمويلى أو التخصيم لتوفيق أوضاعها وفقًا لأحكام القانون، وخضوع المنازعات والدعاوى الناشئة عن تطبيقه، بخلاف المنازعات الإدارية، لاختصاص المحاكم الاقتصادية.