السياحة: زيادة في معدلات الأسواق البديلة والعربية.. واستمرار التراجع الإنجليزي مراوغة جديدة قامت بها حكومة بريطانيا تجاه نظيرتها في مصر، واصلت بها استراتيجية الحرب الباردة التي تستهدف تعطيل الاقتصاد المصري عن النمو.. وعادت ورقة السياحة لطاولة الألعاب الدبلوماسية غير النظيفة، بعدما خففت لندن من تحذيرات السفر إلى تونس، بينما جددتها في الوقت نفسه إلى مصر. في السادس والعشرين من يونيو لعام 2015، قتل نحو 39 شخصًا وجرح مثلهم في هجوم إرهابي دموي وقع في فندقين بولاية سوسة على الساحل الشرقي التونسي، وحمل القتلى جنسيات "بريطانية وألمانية وبلجيكية"، وأدى الحادث لحالة من الهلع والفزع في أوروبا، ونتج عنه سلسلة من تحذيرات السفر التي أوقفت الحركة السياحية للبلد الشقيق.. وفي نهاية أكتوبر من العام نفسه، سقطت الطائرة الروسية من سماء العريش في سيناء، مخلفة 224 قتيلًا بينهم الطاقم، ما تلاه أيضا سلسلة من التحذيرات.. ورأى وقتها الخبراء فارقا كبيرا بين الحادثين، فلم تجرؤ أي جماعة إرهابية على اقتحام منتجع سياحي مصري مدججة بالسلاح والقنابل لتصفي من بداخله. مر نحو عامين، أصرت خلالهما لندن وموسكو على استمرار حظر السفر والتحذيرات إلى مصر، قبل أن تفجر بريطانيا مفاجأة بالسماح لمواطنيها ومنظمي الرحلات هناك بالعودة إلى منتجعات تونس.. على الرغم من أن مصر كانت الوجهة الأولى عربيا المفضلة للشعب البريطاني: "2.5 مليون سائح في العام"، إلا أن عاصمة الضباب لا ترى مصر آمنة حتى اليوم. بيتر فانخوسر الرئيس التنفيذي لمنظم الرحلات البريطاني العملاق «توماس كوك»، قال في تصريحات اليوم الاثنين، إن شركته سوف تعيد تشغيل رحلاتها إلى تونس، مضيفًا: "القرار كان غير متوقع، وكان إيجابيا لتونس وصناعة السياحة بها، لقد توصل المكتب الخارجي إلى نتيجة مفادها أنه من الآمن السفر مرة أخرى لهذا المقصد، ولم يكن لدينا أي برنامج لفصل الشتاء، لذلك نحن نضع عرضًا جيدًا حقا لتونس، وهذا سيستغرق بعض الوقت". وتابع: "أعتقد أننا سنبدأ خلال فصل الشتاء، ولكن العودة لمعدلاتنا القديمة ستكون أكثر في الربيع حيث سنكون استعددنا جيدًا". وقال أليستير بيرت وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحكومة بريطانيا: "هذا التحديث يعكس أحدث تقديراتنا بأن الخطر الذي يواجه المواطنين البريطانيين في تونس تغير". أحمد شكري رئيس قطاع السياحة الدولية بهيئة تنشيط السياحة، قال ل«التحرير»، إن بريطانيا لم تحظر السفر نهائيا سوى لمنطقة شمال سيناء، بينما أصدرت عقب سقوط الطائرة الروسية نصائح سفر لمصر، كانت سببًا في تعطيل الحركة وتراجع السوق الإنجليزية، مؤكدًا أن مصر منذ سقوط الطائرة قدمت كل ما يمكن عمله من خطط تأمين للمطارات، وزودت مطاراتها بأحدث الأجهزة للكشف عن المفرقعات، كما رحبت بالوفود الأمنية القادمة من روسيا، ولكن بقى «قرار الدولة الروسية» التي ربما لديها حسابات أخرى بخلاف الأمن والسلامة التي تتمتع بها المدن السياحية في مصر. وأضاف شكري أن السوق البريطانية لم تتوقف تمامًا إلى مصر، ولكنها تراجعت بشدة منذ الحادث، متوقعًا عودتها في الشتاء المقبل، حيث يخطط السائح الإنجليزي لرحلته قبل القيام بها بفترة طويلة، وأوضح: «النسب الوافدة لمصر من بريطانيا خلال الشهرين الماضي والحالي، تشير إلى احتمالية عودة السوق الإنجليزية في الشتاء المقبل، فهم لا يفضلون حجوزات اللحظة الأخيرة، وينهون حجوزاتهم قبل السفر بأشهر للحصول على أسعار جيدة، كما أنها تمتعت بزيادة معقولة في الحركة السياحية بشكل عام خلال شهري مايو ويونيو الماضيين، ما ينذر بشتاء جيد للقطاع السياحي». «السياحة البريطانية لن تعود لتونس قبل الصيف المقبل، رغم رفع الحظر عنها»، يقول شكري، مؤكدًا أن خطة حجوزات البريطانيين لتونس لن تلحق بالموسم الشتوي، بل ستمر بمرحلة جس النبض التي مرت بها مصر بداية الصيف الحالي، كما أن تصاعد المؤشر العام للحركة السياحية بما فيها الإنجليزية، ينذر بعودة الحركة لمعدلات 2014 -ما قبل سقوط الطائرة- كاملة. ولفت شكري إلى أن الهيئة تستعد لإطلاق حملة موسعة سبتمبر المقبل، في نحو 26 سوقًا أجنبية مستهدفة بينها بريطانيا، بهدف جذب الحركة في الشتاء المقبل، ولكن علينا الاستعداد جيدًا من حيث تأهيل الفنادق والعاملين بها، وفتح خطوط الطيران، وتجهيز برامج لمنتجات سياحية مختلفة تجذب السائحين، مشيرًا إلى أن الأسعار المخفضة التي تباع في شهري مايو ويونيو ترتفع بطبيعة الحال في يوليو وأغسطس، وقال: «إذا استمر المؤشر المرتفع للحركة الوافدة لمصر خلال شهري أغسطس وسبتمبر، فأنا أؤكد أن مصر سوف تحقق بين 7.5 إلى 8 ملايين سائح هذا العام، كما ننظر للأسواق البديلة والعربية ولا ننتظر السوقين الروسية والإنجليزية».