ملايين الجنيهات تنتعش بها خزينة صندوق الحج والعمرة، -المملوك أمام القانون لغرفة شركات السياحة، وفي الواقع لوزارة السياحة- كل عام.. فما بين رسوم تفرض جباية على كل حاج ومعتمر كل عام، ومقدمات حجز تجمعها الشركات لصالح الوزارة من الراغبين في الحج باسم "رسوم اشتراك في القرعة العلنية"، وبالطبع تأخذ دورتها البنكية مخلفة ما قدره سياحيون بنحو 40 مليون جنيه "فوائد" في الفترة ما بين الإيداع وحتى استرداد المبالغ -نحو 5 أشهر أو أكثر-.. ويصاب صندوق الحج والعمرة بالتخمة، وتنتفخ جوانبه بالمليارات.. وفي النهاية تعجز الأجهزة الرقابية عن كشف تفاصيل ما يحدث بالصندوق بسبب أنه: "مملوك للقطاع الخاص". فرضت وزارة السياحة من جديد هذا العام 600 جنيه رسم صندوق الحج والعمرة، على كل حاج فاز بتأشيرة اقتصادي وبري في القرعة، وهي التي كانت ملغاة العامين الماضيين تفضلًا من الوزارة ومساهمة منها بسبب الأزمة الاقتصادية، وبواقع نحو 36 ألف حاج فسوف تحصد الوزارة الملايين، وذلك إلى جانب إلزام المتقدمين للقرعة بسداد مبلغ 20 ألف جنيه للمستوى 5 نجوم، و 15 ألف جنيه لمستوى 4 نجوم، و10 آلاف جنيه للمستوى الاقتصادى والبري، جمعتها كمقدمات حجز من نحو 108 ألف مواطن اشتركوا في القرعة، وتوضع تلك المبالغ بحساب الغرفة ببنك مصر، الذي يتحفظ عليها ولا يصرفها إلا لأصحابها مباشرة بموجب البطاقة الشخصية لمن خسر في القرعة، وترد للشركة لمن فاز في القرعة، غير أن فوائد تلك المبالغ تعاد بحساب غرفة شركات السياحة التي تسددها مباشرة لصندوق الحج والعمرة -المملوك فعليًا للوزارة-. تلك الملايين لم تشفع للبسطاء كي تنفذ الوزارة القانون والقرار الذي أنشئ به الصندوق، وتستغل أمواله في خدمة الحجاج وراحتهم، كما لم تشفع لهم لدى الوزارة لتقوم باستخدامها في خفض أسعار تذاكر الطيران، التي وصلت العام الحالي إلى 10600 جنيه لحج البساطء -اقتصادي وبري-، و30 ألف جنيه للحج الفاخر -4 و5 نجوم-. من جانبه قال عادل ناجي عضو غرفة شركات السياحة، إن أسعار الحج العام الحالي مبالغ فيها، فالطيران وحده زاد بنسبة 138% عن العام الماضي، حيث كان سعر التذكرة في عام 2016 عبر الخطوط السعودية 9.900 جنيه، والمصرية 12.400 جنيه، بينما وصل العام الحالي إلى نحو 29 ألف جنيه، مشيرًا إلى أن الطاقة القصوى للنقل لدى مصر للطيران في يوم 4 ذي الحجة وهو اليوم الذي حددت فيه أعلى سعر لها للتذكرة، لن تكمل نسبة 20% من حجم النقل، وبالتالي فقد أجبرت شركات السياحة على الحجز عبر الخطوط السعودية لتجد أماكن للسفر، وبسعر أفضل، ما يعني أن مصر للطيران تجبر المصريين على تحويل أموالهم والعملات الصعبة للخارج. أوضح ناجي، في تصريحات خاصة ل«التحرير»، أن مصر للطيران لن يمكنها تسيير أكثر من 15 رحلة في 4 ذي الحجة، بواقع 268 راكب على كل طائرة، أي 4020 راكبًا، في حين تحصل الخطوط السعودية على استثناء للعمل أيام 5، 6 ذو الحجة، ما يمنحها أفضلية تمكنها من نقل نحو 12 ألف حاجًا، علاوة على أسعارها الجيدة، فتكون مصر للطيران قد أجبرت المواطن بالفعل على تحويل العملات الأجنبية للخارج، لافتًا إلى أن شركات السياحة سوف تنظم 20 ألف تأشيرة حج فاخر، مقسمة كالتالي: «8700 للخمس نجوم، و8800 للأربع نجوم، و7500 للهيئات»، مطالبًا وزارة السياحة بسرعة التدخل واستخدام فوارق الأسعار بين قيمة التشغيل والربح والمساهمة فيها لإقناع مصر للطيران بخفض أسعارها. الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، كانت قد أصدرت فتوى لها بشأن عدم خضوع صندوق الحج والعمرة، التابع لغرفة شركات ووكالات السفر والسياحة لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات على أن يتبع ماليًا وإداريًا ورقابيًا وزارة السياحة، وجاءت الفتوى بناءً على طلب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات لإيضاح مدى خضوع الصندوق لرقابة للجهاز أم لا. وقالت اللجنة، إنه بناءً على قرار إنشاء صندوق خاص بغرفة شركات السياحة لتجميع مساهمات الشركات العاملة في مجال تنظيم رحلة الحج والعمرة لتمويل المصروفات الإدارية المترتبة على إشراف ورقابة الوزارة على أعمال الشركات، -علمًا بأن الوزارة تنفق منه على الحملات الترويجية بالخارج، ومكافآت اللجان والعاملين بقطاع الشركات، وبدلات سفر الصحفيين للحج والعمرة، وتجمعه من المواطنين بدون وجه حق-، مضيفة أن الجهاز المركزي للمحاسبات هيئة مستقلة تتبع رئيس الجمهورية، وعهد إليه الدستور عدة اختصاصات، منها الرقابة على أموال الدولة، وأموال الأشخاص العامة، والجهات التي يحددها القانون فقط، وصندوق الحج والعمرة لا يعد جهة من تلك الجهات ولا تختلط أمواله بأموال الدولة، ورقابة الصندوق لا تخضع للجهاز. في موسم العمرة، رمضان الماضي، رفعت وزارة السياحة رسوم الصندوق الخفي إلى 210 جنيهات بدلا من 110 جنيهات تم تحصيلها من كل معتمر، لتحقق الوزارة إيرادات لصالح الصندوق تبلغ قيمتها نحو 48 مليون جنيه، والغريب أن رسم العمرة يتم تقسيمه -بحسب مصدر مطلع بالوزارة-، إلى إيداع 115 جنيه رسوم عمرة، و15 جنيها لصالح صندوق السياحة، و17 جنيها لصالح صندوق العاملين بوزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة، و63 جنيهًا لغرفة الشركات السياحة مقسمة ل"20 جنيها تأمين المعتمرين - 20 جنيها لصندوق العلاج - 23 جنيه مخصصة لمصروفات آخرى".