كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أن تل أبيب تنازلت عن بند يمنع شركة إنتاج الغواصات الألمانية من بيع غواصات مماثلة لدول أخرى في الشرق الأوسط، وذلك بعد أن أثار بيع نفس النوع من الغواصات لمصر جدلا كبيرا في الأوساط السياسية والعسكرية الإسرائيلية. وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أنكر التنازل عن الشرط ولم يستجب لمطلب وزير الأمن التحقيق في هذه المسألة. وكان وزير الأمن الإسرائيلي السابق، موشي يعالون، قد تحدث مرارًا حول الضرر الأمني الكبير الذي تسبب به أداء رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في صفقة الغواصات، وهو ما كشف عنه اليوم وهو تنازل إسرائيل عن البند الذي يمنع شركة بناء الغواصات والسفن الألمانية "تيسنكروب" من بيع غواصات مماثلة لمصر. الجدل بدأ بعد كشف رئيس حزب "يش عتيد"، يائير لبيد، أمس الأربعاء، عن بيع غواصات لمصر، مشيرا إلى أن إسرائيل من المفترض أنها تشترط في كل اتفاقياتها مع دول أجنبية، وكذلك مع الحكومة الألمانية وشركة "تيسنكروب" على أن تضمن بقاء فجوة نوعية في منظومات السلاح الموجودة بحوزتها، وذلك من خلال إدخال بند يمنع بيع هذه الأسلحة لدول أخرى في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من ذلك، حسب المحلل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، ففي العام 2013 تبين لأجهزة الأمن الإسرائيلية أن ألمانيا وقعت على عقد مع مصر لبيعها 4 غواصات من طراز "209"، والتي تقوم "تيسنكروب" ببنائها، ومماثلة لتلك التي تبيعها لإسرائيل. ولفتت الصحيفة إلى أن يعالون أوفد بشكل عاجل، في حينه، رئيس الدائرة السياسية الأمنية، جنرال الاحتياط عاموس جلعاد، لفحص عدم التزام ألمانيا بالاتفاق، ولكن بعد اجتماع جلعاد مع نظيره الألماني، عرض عليه الأخير وثيقة تظهر تنازل إسرائيل عن البند الذي يمنع بيع الغواصات لمصر. ولفتت "يديعوت" إلى أن ألمانيا ادعت أن هذه التفاهمات قد تم التوصل إليها في لقاء مع مبعوث رئيس الحكومة الإسرائيلية، المحامي يتسحاك مولخو. الصحيفة الإسرائيلية أوضحت أن مولخو هو قريب وشريك المحامي دافيد شيمرون، الذي يخضع حاليا للتحقيق بشبهة السلوك الجنائي في قضية الغواصات والسفن، التي يفترض أن تحمي منصات الغاز في البحر المتوسط. وأضافت: في أعقاب ذلك اجتمع يعالون مع رئيس الحكومة لفحص ما إذا كان قد اتخذ قرارا بشأن أمني حساس إلى هذه الدرجة دون علم الجهات الأمنية في الأجهزة الأمنية ودون التشاور معها، وفوجئ يعالون بإنكار نتنياهو أن يكون قد وافق على بيع الغواصات لمصر. وأِشارت إلى أن نتنياهو قد تحدث عن تخمينات مفادها أن من اتفق مع حوض بناء السفن الألماني ليس مبعوثا من قبله، وأنه ربما يكون ممثلها في إسرائيل. وفي أعقاب ذلك، طلب يعالون إجراء تحقيق بهذا الشأن: "لماذا تنازلت إسرائيل عن البند المهم الذي يضمن لها التفوق على جيرانها، وهو تنازل يخدم أساسا المصالح الاقتصادية لحوض بناء السفن؟ من أصدر التعليمات بالتنازل عن الاتفاق باسم رئيس الحكومة؟ وماذا كانت صلاحيته بهذا الشأن؟". وتبين أنه لم يجر أي تحقيق بهذا الشأن حتى اليوم، مشيرة إلى أن مصر حصلت على غواصتين من بين الغواصات الأربع التي قامت بشرائها في الصفقة ذاتها، حسب الصحيفة. كان رئيس حزب "يش عتيد" قد كشف أمس هذه القضية، وقال إنه أدلى بشهادته بهذا الشأن لدى الشرطة، وقال إنه "إذا تلقى أحدهم مقابل هذا أموالا، فإن هذا لا يعد فسادا، وإنما خيانة للوطن"، على حد تعبيره. وقال لبيد للقناة الثانية للتليفزيون الإسرائيلي إنه "لا شك في أن هذه قضية الفساد الأكبر في تاريخ الدولة. مال يعود لجهاز الأمن خرج من إسرائيل وانتقل إلى حساب سري في ألمانيا، ومنه دخل إلى جيب محامي رئيس الحكومة (نتنياهو) وصديقه الأقرب (يقصد دافيد شيمرون) من دون علم وزير الأمن (في حينه موشيه يعالون). وأنا لا أعرف كيف أن رئيس الحكومة لم يعلم بذلك". وأضاف لبيد، وهو وزير المالية في حكومة نتنياهو السابقة، أنه "أجريت مفاوضات مع ألمانيا، وفيما كانوا يعلمون طوال الوقت أن محامي نتنياهو هو الذي يقرر. ولا أعرف كيف بقي الجميع في مناصبهم. وفي أحد الأيام اكتشف وزير الأمن أنه توجد نية لبيع غواصات لمصر، وعندها توجه إليهم (الألمان)، فقالوا إن رئيس الحكومة (نتنياهو) صادق، من دون علم الجميع. صفقة الغواصات هي صفقة فساد". من جانب آخر قررت الشرطة استمرار اعتقال المحامي دافيد شيمرون، محامي نتنياهو الخاص وأمين سره وقريبه، لمدة يومين آخرين. ووفقا للشبهات في قضية الغواصات، فإن شيمرون مثل رجل الأعمال ومندوب بناء الغواصات والسفن الألماني "تيسينكروب" في إسرائيل، ميخائيل جانور. ووفقا للشبهات فإن الاثنين سعيا إلى دفع صفقة بصورة مخالفة للقانون. وتشير الشبهات إلى أن شيمرون كان شريكا نشطا في خطة لإقامة حوض بناء سفن في إسرائيل، من أجل تقديم خدمات صيانة لسفن تشتريها إسرائيل من "تيسينكروب". وينفي شيمرون علم نتنياهو بنشاطه في هذه القضية. ويذكر أن بين المعتقلين في القضية قائد سلاح البحرية الإسرائيلية الأسبق، إليعزر ماروم، الذي خضع للتحقيق في الشرطة، وتم تحويله إلى الاعتقال المنزلي. واعتقلت الشرطة أربعة أشخاص آخرين بشبهة ضلوعهم في القضية، التي تنطوي على شبهات بتلقي رشاوى والتوسط من أجل إعطاء رشاوى.