«تمريض القاهرة» تنظم ندوة حول انتصارات أكتوبر وبناء المستقبل    جامعة بني سويف تحتل المرتبة 16 محليا و107 عربيًا في تصنيف كيو إس العالمي    «بحوث الإلكترونيات» يعلن اعتماد مركزه التدريبي كأحد المراكز الحكومية المعتمدة    الرئيس السيسي يشارك في أعمال الجلسة العامة الأولى لقمة تجمع البريكس    رئيس إيران فى قمة «بريكس»: «أحادية القطبية تتجه لنهايتها وعلينا مكافحة هيمنة الدولار»    بعد نفاد التذاكر.. موعد مباراة الأهلي والعين والقنوات الناقلة في كأس إنتركونتيننتال    «مخدرات وسلاح وسرقة بالإكراه».. «الأمن العام» يضبط 10 متهمين بتكوين تشكيلات عصابية خطرة (تفاصيل)    إصابة 11 شخصاً في حادث اصطدام «ميكروباص» بعمود إنارة بالشرقية    مصرع شخص وإصابة 5 في انقلاب تروسيكل بمصرف مياه ببني سويف    منها برج العقرب والحوت والسرطان.. الأبراج الأكثر حظًا في شهر نوفمبر 2024    الكشف على 1168 مواطنًا خلال قافلة طبية مجانية بمركز سمالوط في المنيا    طلب إحاطة بشأن رفض بعض الدول العربية المصادقة على شهادات الانتساب الموجه    ألمانيا تستدعي سفير كوريا الشمالية بسبب دعمها لروسيا في أوكرانيا    "العلاج الحر" بالدقهلية توجه 40 إنذاراً وتغلق 12 منشأة مخالفة في بلقاس    "فولفو" للسيارات تخفض توقعاتها لمبيعات التجزئة لعام 2024    محافظ بني سويف يعقد اللقاء الأسبوعي ويوجه بمتابعة تفعيل إدارات خدمة المواطنين    بدء تشغيله يناير المقبل.. توقيع عقد إدارة حمام السباحة الأوليمبي بالعوامية الأقصر    الاأرصاد تعلن طقس ال24 ساعة المقبلة.. وآخر مستجدات أسعار الذهب| أخبار تهمك    الداخلية: بدء تلقي طلبات حج القرعة 2025 في 30 أكتوبر الجاري.. الشروط والإجراءات    لإزعاجها للمواطنين .. تحرك عاجل من الاتصالات ضد شركة ماونتن فيو وإحالتها للنيابة    التضامن: التدخل السريع ينقل سيدة بلا مأوى وأطفالها لدور الرعاية    مسلسل "برغم القانون" الحلقة 29 .. هبة خيال تفوز بحضانة ابنها    رئيس الوزراء لأعضاء منظومة الشكاوى الحكومية: أنتم "جنود مخلصون".. وعليكم حُسن التعامل مع المواطنين    وزير الصحة يشهد جلسة حوارية حول التعاون الفعّال للأطراف المعنية    «بتكلفة بلغت 60 مليون جنيه».. محافظ أسيوط يتفقد وحدة طب الأسرة بقرية الواسطى    مسؤول أمريكي: بلينكن سيلتقي وزراء خارجية دول عربية في لندن الجمعة لبحث الوضع في غزة ولبنان    رودريجو خارج كلاسيكو الريال ضد برشلونة في الدوري الإسباني    التعليم تعلن تفاصيل امتحان العلوم لشهر أكتوبر.. 11 سؤالًا في 50 دقيقة    التحقيق مع تشكيل عصابي في سرقة الهواتف المحمولة في أبو النمرس    «الإدارة العامة للمرور»: ضبط (28) ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    عاجل: ارتفاع أسعار الدواجن والبط في الأسواق المصرية اليوم    طارق السيد: فتوح أصبح أكثر التزامًا واستفاد من الدرس القاسي.. وبنتايك في تطور واضح مع الزمالك    أول سابقة بين أبناء الأهلي.. الكفراوي ونور يطعنان على العامري في انتخابات السباحة    الصحة الفلسطينية تعلن ارتفاع عدد ضحايا العدوان على قطاع غزة إلى 42792 شهيدًا    محطات في حياة صلاح السعدني.. صداقة العمر مع الزعيم وكبير مشجعي الأهلي    لأول مرة.. هاني عادل يفتح قلبه لبرنامج واحد من الناس على قناة الحياة    الثلاثاء.. "عمارة المسجد النبوي الشريف عبر العصور" ندوة بمكتبة الإسكندرية    لماذا العمل والعبادة طالما أن دخول الجنة برحمة الله؟.. هكذا رد أمين الفتوى    منها انشقاق القمر.. على جمعة يرصد 3 شواهد من محبة الكائنات لسيدنا النبي    «الإفتاء» توضح حكم الكلام أثناء الوضوء.. هل يبطله أم لا؟    من توجيهات لغة الكتابة.. الجملة الاعتراضية    الأعلى للجامعات يعتمد مركز تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس بسوهاج    «إعلام بني سويف الأهلية» تحصد المركز الثالث في مسابقة العهد للفئة التليفزيونية.. صور    نجاح عملية جراحية لاستئصال خراج بالمخ في مستشفى بلطيم التخصصي    تلبية احتياجات المواطنين    إشادات عالمية بقضاء مصر على فيروس سي في 10 سنوات.. «تجربة استثنائية»    الأمم المتحدة تحذر من تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان وتدعو لوقف القتال    موعد إعلان حكام مباراة الأهلي والزمالك في السوبر المصري.. إبراهيم نور الدين يكشف    "وقولوا للناس حسنا".. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة عن القول الحسن    محافظ الغربية يكرم بسملة أبو النني الفائزة بذهبية بطولة العالم في الكاراتيه    «العمل» تُحذر المواطنين من التعامل مع الشركات والصفحات وأرقام الهواتف الوهمية    «ماذا تفعل لو أخوك خد مكانك؟».. رد مفاجيء من الحضري على سؤال ميدو    هاريس: جاهزون لمواجهة أي محاولة من ترامب لتخريب الانتخابات    خبير يكشف موقف توربينات سد النهضة من التشغيل    بحفل كامل العدد|هاني شاكر يتربع على عرش قلوب محبيه بمهرجان الموسيقى العربية|صور    الخطوط الجوية التركية تلغى جميع رحلاتها من وإلى إيران    مدرب أرسنال يصدم جماهيره قبل مواجهة ليفربول بسبب كالافيوري    ملخص أهداف مباراة ريال مدريد ضد بروسيا دورتموند في دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رطلٌ من اللحم الحي للمقترض
نشر في التحرير يوم 30 - 06 - 2017

كلما سمعت تعبير "الإصلاح الاقتصادى" تحسست محفظتى خائفًا كمواطن من الطبقة الوسطى التى تنهار الأرض تحت أقدامها كل يوم. فما بالك بالمواطن الغلبان الذى يتعلق بخط الفقر باستماتة ويدس يده مرتعبًا فى جيبه، قابضًا على جنيهاته القليلة التى ربما تلفظ أنفاسها تحت قبضته قبل أن تطير كالعصافير؟ تعبير "الإصلاح الاقتصادى" صارت له سمعة سيئة، أسهم النظام الحالى بجدارة فى وصولها إلى ذروتها، بعد أن أصبح بمرور الأيام تعبيرا مخادعا لا يرتبط بالتنمية الشاملة التى تعد الأفراد بارتفاع متوسط دخولهم، بقدر ارتباطه السيئ المباشر بإضافة أعباء جديدة على كاهل الفقراء. فهم وحدهم الذين يتحملون سداد فاتورة السياسات الاقتصادية الخاطئة، والإجراءات القاسية التى يشترط صندوق النقد الدولى قيام الدول المقترضة بتطبيقها قبل حصولها منه على القروض، وذلك لكى يضمن تدفق قروش الفقراء إلى خزائنها العامة، ذات العجز الدائم فى الموازنة، بما يجعله يطمئن بعض الشىء إلى قدرتها على سداد أصول وفوائد الديون فى مواعيدها.
إجراءات الإمعان فى إفقار الفقراء تشمل رفع الدعم عن الوقود والغذاء والدواء، وتحصيل ضرائب على السلع لا يتحملها الأثرياء من المنتجين أو المستوردين أو تجار الجملة، أو حتى صغار الموزعين، بل يتم إضافتها على الفواتير المتعاقبة التى يتحملها المستهلك فقط فى نهاية المطاف، باعتباره اليد الأخيرة التى تلتقط السلعة "End User"، والذى يمثل بالطبع أضعف حلقة فى تلك السلسلة، ويمكن تشبيهه بالحائط المائل الذى يرتكن عليه الجميع، والذى لا يهتم أحد بانهياره رغم ما قد يؤدى إليه ذلك من سقوط وشيك لجميع الأطراف.
الأنظمة التى تتورط فى الإنفاق الدعائى والترفى المستفز، وفى شراء ولاء مؤسسات الحماية بعلاوات دورية كبيرة لكى تضمن استمرارها فى الحكم، تفشل دائما فى ابتكار خطط تنمية ناجحة ترفع قيمة عملتها الوطنية وتقلل معدلات التضخم، لأن ذلك النوع من التنمية، التى تذهب عوائدها للشعب، لا يمكن صناعته إلا عندما تنحاز السلطة بحق للفقراء، وتتوقف عن دهس رقاب المعدمين رافعة شعار "ليس بالإمكان أبدع مما كان".
البنك الدولى يشبه شخصية شايلوك المرابى اليهودى فى مسرحية "تاجر البندقية" لوليم شكسبير، وهو شخص غليظ القلب، وضع شرطًا بالغ الفظاعة لبطل المسرحية التاجر الشاب النبيل أنطونيو، يتمثل فى اقتطاع رطل من لحمه الحى إذا عجز عن تسديد دينه وفائدته الباهظة فى موعدهما المحدد. هذا الشرط العجيب يجعلك تشعر بأن المرابى يهدف إلى الانتقام من المقترض المتعثر بصورة ربما تتجاوز اهتمامه باستعادة أمواله ذاتها! لأن تطبيق ذلك الشرط المفزع يعنى بالطبع فقدان المدين لحياته، وبالتالى فقدانه قدرته على السداد.
لكن الأمر يتجاوز مجرد الانتقام الدرامى عندما تعجز دولة عن سداد دينها لصندوق النقد الذى تديره مؤسسات رأسمالية عتيدة لها أجندات خاصة تضمن لها تحقيق مصالحها. لهذا غالبًا ما تتسبب شروط الصندوق الجائرة فى إفلاس الدول المقترضة، حتى صار من الصعب على الدارسين العثور على واحدة منها أفلتت من الانهيار الاقتصادى، باستخدامها تلك القروض فى تنفيذ خطة حقيقية للإصلاح. وهى مشكلة مركبة بالطبع، لا يتحمل الصندوق وزرها بمفرده، بل تتحمل القدر الأكبر منه الأنظمة السياسية لتلك الدول لانحيازاتها الخاطئة وإنفاقها السفيه. عندئذ يصبح رطل اللحم المقتطع من الجسد الحى هو فقدان تلك الدول سيادتها السياسية على قراراتها، وربما الجغرافية أيضا على كل أراضيها.
لا خير يرتجى من أنظمة عالمنا العربى التى ترى أن استمرارها فى السلطة مرهون بإقناع المواطن بأن ثورته على أوضاعه السيئة تأتى له بأوضاع أسوأ منها، وبأن خروجه السلمى إلى الطريق مطالبًا بأحوال حياتية أفضل قد يؤدى إلى فقدانه حياته برصاصات يدفع ثمنها من قوت يومه لحماية حدوده وأمنه الشخصى.
شد الأحزمة على الرقاب تنفيذًا لروشتة إصلاح مراوغة هى المرحلة التى تلى شد الأحزمة على البطون، وهى مرحلة لا يمكن لعاقل أن يراهن عليها، حيث يتعذر فيها التنبؤ بسلوك الفرد والمجموع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.