في صبيحة يوم الخميس الماضي، تعرضت خدمات الاتصال الصوتي على تطبيقات التواصل الاجتماعي المجانية، مثل (فيسبوك وماسنجر وفايبر)، إلى تعطل مفاجئ في مصر، دون سبب واضح حتى الآن. شكاوى مستخدمي برامج التواصل الاجتماعي المتكررة، عن توقف الخدمات الصوتية لديها -والتي يستخدمونها بديًلا عن المكالمات الدولية- كشفت عن خلل في تطبيقات التواصل الاجتماعي، حيث قامت العديد من الصفحات المهتمة بالاتصالات والتكنولوجيا بطرح الأزمة على متباعيها الذين أكدو غالبيتهم توقف الخدمات الصوتية، وكان بين تلك الصفحات صحفة ثورة الإنترنت التي تضم مايزيد عن مليون مشترك، ووجهت اتهاماتها لجهاز تنظيم الاتصالات باعتباره مسئولًا عن القرار بوقف الخدمات الصوتية. تقنية ال«VOIP» أو ما يعرف بالصوت عبر ميثاق الإنترنت، وسيلة لربط المحادثات الصوتية عبر الإنترنت أو عبر أي شبكة تستخدم ميثاق الشبكة «Internet Protocol»، خارج نطاق شبكات المحمول، وبالتالى يمكن لأي عدد من الأشخاص متصلين سويًا بشبكة واحدة تستخدم ميثاق الإنترنت أن يتحدثوا صوتيًا دون الخضوع لشبكات المحمول. ومع تفاقم الأزمة، أكد الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات «NTRA» في تغريدة على حسابه الرسمي بموقع «تويتر»، أن ما تم تداوله عن اتخاذ قرار بمنع هذه الخدمة غير صحيح: «لا صحة لما يتداوله البعض حول إيقاف خدمة VOIP# عن بعض التطبيقات التي تعمل بهذه التقنية.. وقد أكد الجهاز في أكثر من مناسبة عدم صحة هذه الاخبار». الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات هو الجهة الأولى المسئولة عن كافة خدمات الاتصالات ومنتجاتها التي تعمل في مصر، لكن رئيس الجهاز المهندس مصطفى عبد الواحد، رفض التعليق على الأزمة التي لم تعد تحتمل تأويلات كثيرة، في ظل أنباء متضاربة حول أسباب توقف تلك الخدمات. بدورها، لجأت «التحرير» للمهندس عمرو بدوي، رئيس جهاز تنظيم الاتصالات السابق، للوقف على حقيقة الأزمة فنيًا، وما هي وسائل إيقاف تلك الخدمات، حيث كشف عن أن جهاز تنظيم الاتصالات ليس لديه أجهزة لوقف تلك الخدمات، وليس لديه السلطة لإصدار القرار بذلك، بينما تعود صلاحية استخدام تلك الأجهزة للجهات الأمنية، والتي بدورها تفعيلها أو إيقافها. وفسر «بدوي» ماحدث خلال الأيام الماضية، بأنه قد يعود لاكتشاف الجهات المعنية وجود خطر على الأمن القومي، من تلك التطبيقات، وإذا ثبت لتلك الجهات ذلك فمن حقها إيقاف تلك الخدمات، حتى وأن كانت تفيد الآلاف من المستخدمين -فحياة البشر أهم بكثير من وسائل التواصل-. «التحرير» أجرت العديد من المحاولات للاتصال الصوتي عبر تطبيق «ماسينجر فيسبوك»، الأكثر انتشارًا داخل مصر، حيث فشلت كافة المحاولات منذ أمس وحتى كتابة هذه السطور، لكنها نجحت في محاولة اتصالات على نفس التطبيق من داخل مصر إلى أمريكا، كما يعمل تطبيق Facetime المخصص لهواتف آيفون بشكل غير مستقر. فيما يعمل تطبيق «سكايب» بشكل غير منتظم على الإنترنت الثابت أو «الواي فاي»، بينما متوقف على الهواتف المحمولة، كذلك قمنا بإجراء بعض الاتصالات على تطبيق «فايبر» ولم نتمكن من إجراء مكالمة صوتية. وفي هذا السياق، أوضح مسئول بقطاع الاتصالات -شريطة عدم ذكر اسمه- أن الحجب بنسبة 100% مستحيل لأي وسيلة اتصال، وتغير أماكن السيرفرات التي يتم عبرها إجراء تلك الاتصالات قد تكون عامل أساسي في نجاح المكالمة من عدمه، بما يعني أنه يمكن فشل اتصال بين متصلين في بلد واحدة، بينما ينجح من بلد لأخرى أو العكس، كما تختلف من الاعتماد على إنترنت ثابت (ADSL) أو إنترنت على الهاتف المحمول، فغالبية التطبيقات على الإنترنت الثابت تعمل لكونها لا تمر من خلال شبكات المحمول. وتعتبر الشركة المصرية للاتصالات هي المستفيد الأكبر من توقف تطبيقات الاتصالات الصوتية، باعتبارها المالك للبوابات التي يمر من خلال المكالمات الدولية على المحمول، كما أن شركات المحمول يقع عليها جزء من الضرر باعتبار جميع تلك المكالمات لا تجري من خلالها وبالتالي لا يعود عليها سوى الاشتراك في الإنترنت فقط، وهو اشتراك ضعيف بالمقارنة بقمية المكالمات الدولية التي تبدء من 3 جنيهات وتصل أحيانًا إلى 9 أو 12 جنيهًا للدقيقة الواحدة، بينما اشتراك الإنترنت يبدأ من 10 جنيهاا، وقد يستمر لأسبوع أو أكثر. لكن مسئولي خدمة العملاء لشركات الاتصالات أجمعوا على إجابة واحدة في الرد على شكاوي المستخدمين، بأنهم غير مسؤولين عن توقف الخدمات الصوتية لتلك التطبيقات وأنهم مسؤولين فقط عن خدمات الإنترنت والاتصالات التي يقدموها للعملاء. وكان رئيس الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات المهندس مصطفى عبد الواحد، قال في حواره ل«التحرير» منتصف مارس الماضي، إن إغلاق الاتصالات الصوتية على «فيسبوك - واتس أب» قرار «اجتماعي سياسي» والمواطن «مش ناقص» في الوقت الحالي حتى نفرض عليه رسوما على تلك التطبيقات، خاصة وأن تلك التطبيقات لا يمكن حجبها بنسبة 100% وحتى يتم الحجب نحتاج لإنفاق ملايين الدولارات. وأضاف: «بالتأكيد هناك خسائر من تلك التطبيقات للشركات العاملة في مصر، ولكن إذا نظرت إلى الإنفاق على حجب تلك التطبيقات والأعمال الفنية المخصصة لها فستجد أنها مكلفة ولن تتمكن من الحجب الكامل.. نحن نحارب تهريب المكالمات الدولية وهي تؤثر بشكل مباشر على أعمال "المصرية للاتصالات" وتسمى قضايا تمرير مكالمات». وقال رئيس جهاز تنظيم الاتصالات: «اقتصاديا، تلك التطبيقات لا تسبب خسائر ل"المصرية للاتصالات" "يعني ممكن تتغاضى عن خسارة 50 مليون جنيه من عائدات شركة 12 مليار جنيه، مقابل ألا أتسبب في مشكلة اجتماعية». وأكد مسؤول خدمة العملاء بشركة «تي إي داتا» في رده على شكوى أحد العملاء: «للآسف الخدمة اتقفلت على كل الشركات ومش مقفولة من ناحية شركتنا فقط». وعلمت «التحرير» من مصادر مطلعة، أن هناك اجتماع طارئء سيعقده الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات غدًا الأحد، للوقف على حقيقة الوضع، وأسباب ذلك وهل سوف تستمر أم أنها لفترة وتعود للعمل مرة أخرى، نافية ماتردد حول وجود علاقة لتجارب الجيل الرابع بتوقف الخدمات الصوتية على تلك التطبيقات. وطالب عمرو بدوي، رئيس تنظيم الاتصالات السابق، أن تقدم شركات المحمول عروض جديدة مخفضة للعملاء فيما يتعلق بالاتصالات الدولية، وتراعي أن العملاء كانوا يجرون الاتصالات مجانًا وأن أي عائد للشركات سيكون أكثر إفادة من الأموال المهدرة على التطبيقات الصوتية المجانية. فيما أكد كثير من مستخدمي تلك التطبيقات، أن المنافسة شرسة بين الشركات صاحبة تلك التطبيقات وبين مشغلي المحمول، وبالرغم من الملاحقات الحكومية التي تحاول محاصرة هذا النوع من الاتصالات بدعوى حماية الشركات، والحفاظ على الأمن القومي ضد الإرهاب، إلى أن هناك عشرات من الوسائل التي تعطل إجراءات الحكومة وتكسر حظر تلك التطبيقات، وتعيد تشغيلها عبر تقنية VPN؛ وهي عبارة عن تقنية تقوم على توصيل جهازين أو شبكتين معا عن طريق شبكة الإنترنت، وتعتمد في عملها على شبكة وسيطة كالإنترنت عبر مسار آمن (Tunneling) إذ يتم إنشاء هذا المسار بين الجهازين دون أي رقابة أو حظر وهي تقنية متبعة في كافة الدول التي تطبق الحظر على التطبيقات الصوتية أو بعض البرمجيات الخاصة.