حالة غضب سادت مجلس الأمن بعد تجربة كوريا الشمالية الصاروخية، وهو الحدث الأول من نوعه الذي يظهر التوتر و التناقض بين الجانبين، فخلال السنوات الماضية أرعبت تجارب بيونج يانج المجتمع الدولي وهددت بنشوب حرب عالمية ثالثة تستعمل فيها القنابل والصواريخ الذرية لتقضي على البشرية بأكملها. وطلبت الولاياتالمتحدة واليابان وكوريا الجنوبية إجراء مشاورات عاجلة بالمجلس التابع للأمم المتحدة بشأن إطلاق بيونج يانج لصاروخ باليستي، وقالت كوريا الشمالية اليوم الاثنين: إنها "اختبرت بنجاح صاروخًا باليستيًا جديدًا من متوسط إلى طويل المدى يوم الأحد". واعتبرت التجربة أول اختبار لتعهّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باتخاذ موقف متشدد من بيونج يانج التي أجرت العام الماضي تجارب نووية وصاروخية بمعدل لم يسبق له مثيل، وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية: إن "الرئيس كيم يونج أون أشرف على اختبار الصاروخ "بوكجوكسونج" وهو نوع جديد من الأسلحة الاستراتيجية القادرة على حمل رأس نووي". وأجرت كوريا الشمالية 5 تجارب نووية بينهم اثنان العام الماضي، على الرغم من أنه لم يتم التحقق بشكل مستقل من مزاعمها بأنها قادرة على تصغير سلاح نووي لوضعه على صاروخ، وأضحت الوكالة الكورية، بأن الصاروخ أطلق بزاوية مرتفعة من أجل سلامة دول الجوار. وفي فبراير الماضي، أدان مجلس الأمن بشدة إطلاق كوريا الشمالية صاروخًا بعيد المدى، وعقب اجتماع طارئ في نيويورك، أعلن المجلس أنه سيتبنى قريبًا قرارًا يفرض عقوبات على كوريا الشمالية ردًا على إطلاق الصاروخ. وجاء الأمر ردًا على إعلان بيونج يانج إطلاقها الصاروخ لوضع قمر صناعي في مداره، لكن منتقدين يرون أن الهدف الحقيقي هو اختبار صاروخ باليستي، وأتى إطلاق الصاروخ بعد أسابيع من إجراء كوريا الشمالية رابع اختباراتها النووية. وقال رافائيل راميرز، رئيس المجلس وقتها: إن "أعضاء مجلس الأمن يدينون هذا الإطلاق بشدة"، واصفًا الأمر بأنه انتهاك خطير لقرار الأممالمتحدة. من جهتها، صرحت سامنثا باور -سفيرة واشنطنبالأممالمتحدة، أن واشنطن سوف تضمن أن يفرض مجلس الأمن تبعات جادة على كوريا الشمالية. وبلغت الحمولة المفترضة للصاروخ 200 كجم، وهو ضعف حجم الصاروخ الذي أطلقته كوريا الشمالية في عام 2012، لكنه أقل بكثير من الحمولة التقليدية للقمر الصناعي والتي تتراوح بين 800 و1500 كجم. وفي عام 2012، أطلقت كوريا الشمالية صاروخًا جديدًا، وقالت حينها: إنه "قمر صناعي للاتصالات في المدار، لكن خبراء يقولون إنه لم يتم رصد أي إشارات من القمر الصناعي، وسط حظر قرارات مجلس الأمن على بيونج يانج إجراء أي اختبارات نووية أو على صواريخ باليستية". وردًا على الأمر، أعلن مجلس الأمن إدانته "هذا الاطلاق الذي يعتبر انتهاكًا واضحًا لقرارات مجلس الأمن الدولي 1718 و1874"، وقبلها في أبريل من نفس العام، حذَّر المجلس عقب إطلاق صاروخي فاشل لكوريا الشمالية من أنه سيتحرك إذا ما قامت حكومة كوريا الشمالية بأية محاولة إطلاق جديدة". أما في مايو 2009، أعلنت كوريا الشمالية أنها أجرت تجربة نووية جديدة بينما تحدثت معلومات عن إجرائها تجربة إطلاق صاروخ قريب المدى أيضا، وأثارت المعلومات استياءً شديدًا في آسيا ولدى الدول الغربية وعقد مجلس الأمن وقتها اجتماعًا، طالبت فيه الحكومة اليابانية بفرض عقوبات على كوريا الشمالية خلاله. وفي أبريل من نفس العام، فرضت الأممالمتحدة عقوبات على 3 شركات كورية شمالية لمشاركتها في نشاطات باليستية تقوم بها بيونج يانج؛ ردًا على إطلاقها صاروخًا في الخامس من أبريل، ووافقت لجنة العقوبات على هذه الخطوة بعدما أدان مجلس الأمن قبلها أيام كوريا الشمالية لإطلاقها الصاروخ، ونصت العقوبات على منع إبرام صفقات مع الشركتين المتخصصتين بقطاع الدفاع (الشركة الكورية لتجارة تطوير المناجم)، و(شركة ريونبونغ الكورية العامة). أما أكتوبر 2006، اعتمد مجلس الأمن بالإجماع القرار 1718 الذي يعاقب كوريا الشمالية على التجربة النووية التي أجرتها في نف الشهر، وطالب القرار بيونج يانج بالامتناع عن إجراء أي تجربة نووية جديدة أو إطلاق صاروخ باليستي. بينما اعتمد المجلس الأممي بالإجماع القرار 1695 الذي أدان كوريا الشمالية على تجربة إطلاق صواريخ في نفس الشهر، وتَضمّن القرار إجراءات مُلزِمة لبيونج يانج التي أطلقت 7 صواريخ بينها صاروخ قادر على بلوغ الأراضي الأمريكية. وبدأ التاريخ النووي لكوريا الشمالية عام 1993 عندما طالبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتفتيش مواقع يشتبه أنها تحتوي على نفايات نووية، وفي عام 1994 انسحبت كوريا الشمالية من الوكالة الدولية، وفي عام 2005، أعلنت بيونج يانج أنها تمكنت من تطوير أول سلاح نووي، وفي العام التالي أجرت أول تجربة نووية تحت الأرض. وشهد العام 2013 التجربة النووية الثالثة تحت الأرض، وتلاها في عام 2015 إعادة تشغيل المفاعل النووي يونج بيون، أما أحدث النشاطات النووية لكوريا الشمالية، فكانت في بداية يناير 2016 حيث أعلنت عن نجاحها في إجراء تجربة لقنبلة هيدروجينية، وهو الأمر الذي دفع العالم إلى الاستنكار رغم تشكيك واشنطن بحقيقة التجربة.