وهو سألنى عن الوضع في سيناء؟.. وأنا حكيت، كيف أن الوضع فى سيناء مرتبط بالوضع فى القاهرة.. الوضع في سيناء مستمر إلى حين وجود دولة قوية في القاهرة.. وأضفت: أقصد القوة من حيث البنيان السياسى.. دولة سلطاتها متوازنة.. توازن السلطات هو ما يجعل الدولة تتحرك بعقل.. أى خلل فى توازن السلطات ينتج عنه خلل فى عقل الدولة.. أيضا لا يمكن فهم الحرب فى سيناء قبل فهم طبيعة العلاقة بين الشرق والغرب.. القوى الفاعلة فى الشرق الأوسط ظلت تقدم نفسها كوكيل للغرب «وغالبا يدور الصراع بينها على دور الوكالة».. اليوم صار الوكيل المطلوب أمريكيا هو من يقدم نفسه كمحارب شرس ضد الإرهاب.. والدولة «أى دولة» لا يمكن أن تحسم الحرب على الإرهاب والقوى الفاعلة فيها تقدم نفسها كوكيل للغرب «راجع تجربة اليمن».. الدول تهزم الإرهاب حين تكون حقيقية فى مصارعته.. حين تدخل معه الصراع لأنها تعرف وتدرك أن خصمها في الألفية الجديدة هو الإرهاب.. وهنا من المطلوب «بل من الضرورى» أن تدخل فى علاقات شراكة مع العالم في حربه ضد الإرهاب «لكن عليك أن تدير بالك أن علاقات الشراكة غير علاقات الوكالة.. وعليك أن تدير بالك أيضا أن الوكيل حين يفشل.. فإن صاحب التوكيل يستبدل به وكيل آخر أو يتدخل بنفسه».. أعرف أنك تريد أن أحدثك عن التفاصيل فى سيناء.. أنا والله ما عندى تفاصيل «وبعدين تعال هنا: هل تعتقد أن أحدا يجرؤ على الحديث عن التفاصيل فى سيناء؟).. لكن عليك أن تدير بالك أيضا بأنه لا ينقصنى الحد الأدنى من الجرأة، لكننى بطبيعة التكوين فيه أنواع من التفاصيل لا أحبها، ليس لأن الشيطان يكمن فيها، لكن لأنها تفاصيل منحطة. ظل نظام القاهرة يتعامل مع غزة كطبيب ليس لديه سوى مريض واحد «التعبير لخبير سياسى عربى» ومن ثم فالطبيب فى هذه الحالة ظل حريصا أن يبقى مريضه بين الموت والحياة.. بين الموت والحياة هو الوضع الوحيد الذى يُبقى على المريض فى حالة تردد دائم على العيادة.. الموت يمنعه.. والحياة أيضا تمنعه.. بينما الطبيب حريص على التردد فى حد ذاته.. التردد هو ما يبقى على العيادة مفتوحة.. وهو ما يبقى على الطبيب لابسًا الروب الأبيض وحاطًّا السماعات فى أذنيه.. لكن غزة سقطت بسقوط مرسى.. وهنا بحث طبيب القاهرة عن مريض آخر.. سيناء «كما غزة كما القاهرة» فى حالة مرض شديد، لكنها تحتاج إلى طبيب يقدم لها الترياق لا لكى يستبدلها بغزة.. وتبقى وجهة نظرى أن الطبيب فى حالتنا هو دولة فيها توازن سلطات.. وبسبب توازن السلطات هذا قلت لا للمحاكمات العسكرية.. الانحطاط يا سادة، ينتج عن الزيادة بالضبط كما ينتج عن النقص.. ودمتم لى.. أيضا دامت لنا مصر.. ودام لنا جيشها العظيم..