صبرنا أكثر من اللازم على وقاحة أردوغان، وعلى تآمر حكومته على ثورة مصر، ومساندتها إرهاب الإخوان وحلفائهم. كنا نأمل أن يعود العقل لرجل فقد صوابه حين تصوّر أنه بتحالفه مع الفاشيين الإخوان سيحكم المنطقة وسيجلس على عرش الخلافة العثمانية التى أخّرت العرب والمسلمين مئات من السنين ونشرت الجهل والتخلف والاستبداد باسم الإسلام المفترى عليه!! لكن وقاحة أردوغان جاوزت كل الحدود. لم يكتفِ بالتطاول على مصر ومؤسساتها وشعبها وجيشها وأزهرها الشريف، ولم يقف عند حد احتضان الإرهاب ودعم الإخوان وحلفائهم، بل تصوّر أنه قادر على تأليب الرأى العام الدولى ضدنا، وتوهّم أن التلويح بالمحاكم الدولية يمكن أن يزعج أحدًا فى مصر، خصوصًا حين يجىء هذا التلويح من أيدٍ ملوّثة بالدماء.. لا فرق فى ذلك بين يد أردوغان وأعوانه، وبين أيدى الإخوان والعصابات التى تحالف معها!! يا أهلًا بأى قضاء دولى ليحاكم جماعة إرهابية عاشت على القتل والاغتيال منذ نشأت وحتى الآن، وأخرجت من بطنها الجماعات الإرهابية التى تتاجر بالإسلام وتحترف تكفير الناس وقتلهم. والتى تقود الآن حربها القذرة للانتقام من شعب مصر، لأنه أسقط حكمها الفاشى وكشف خيانتها وتدليسها وكذبها على الله والناس!! ويا أهلًا بأى قضاء دولى يقف فيه أردوغان وهو شريك مع الأمريكان فى قتل مليون عراقى، وفى تدمير سوريا، وفى التآمر على العالم العربى. ويقف فيه هذا المهووس باستعادة العثمانية، ليقول ماذا حدث لربع أبناء شعبه من الأكراد وما تعرّضوا له من مذابح، ولنصفّى معه حسابات احتلال عثمانى منحط نشر الظلام فى بلادنا، وأباد شعوبًا أخرى كما فعل مع الأرمن!! طرد السفير التركى يعيد إلى الأذهان واقعة مماثلة فى عام 1954، حين طردت حكومة ثورة يوليو السفير التركى يومها فى ظروف شبيهة بما يحدث اليوم. لا شىء تغيّر فى الموقف الأساسى لتركيا التى ما زالت كما كانت منذ ستين عامًا مجرد خادم للسياسة الأمريكية فى المنطقة وعميل للتآمر على العرب، ومنفذ لمخططات حصار ثورة مصر ومنع توحد العرب.. مثلها مثل إسرائىل وباقى القوى غير العربية المنفّذة لمخططات واشنطن فى المنطقة. لا شىء تغيّر.. قبل ستين عامًا، وعندما فشلوا فى فرض حلف بغداد، لجأت أمريكا إلى ما يسمى بالإسلام السياسى. أنشؤوا حلفًا عسكريًّا تحت اسم الحلف الإسلامى، ليجمعوا بين باكستانوتركيا وإيران الشاه، لمحاصرة العرب ودعم إسرائيل!! وفى نفس الوقت الذى طردت فيه ثورة يوليو السفير التركى (عام 1954) كان الإخوان يعلنون الحرب على الثورة ويعرضون خدماتهم على الأمريكان ويجددون تحالفهم مع البريطانيين الذين موّلوا نشأتهم، ويرفعون السلاح ضد الدولة ويحاولون اغتيال عبد الناصر. ربما يتغيّر اللاعبون لكن الأدوار لا تتغيّر. ما يفعله أردوغان لا يختلف عما فعله أسلافه.. نفس التآمر على العرب، نفس المحاولة لحصار الثورة الآن كما حاولوا مع ثورة يوليو قبل ستين عامًا. نفس التفانى فى تنفيذ مخططات أمريكا وحلف الأطلنطى فى المنطقة.. ربما كان الفارق أن ثورة يوليو لم تسمح للإخوان بالاستيلاء على الحكم، بينما نجح هذا التنظيم الفاشى فى سرقة الثورة بعد يناير قبل أن يسقطه الشعب فى 30 يونيو، بعد عام أسود سقطت فيه كل الأقنعة عن إرهاب الإخوان وتآمر مَن أوصلوهم إلى الحكم ومَن يحاولون إنقاذهم الآن من نهايتهم المحتومة. طرد السفير التركى ليس نهاية الطريق، لا مع تركيا ولا مع غيرها!! إنه رسالة واضحة بأن مصر لن تسكت بعد اليوم على أى تطاول، ولن تتسامح مع أى تآمر عليها. رسال تقول إننا سوف نستأصل الإرهاب من أرضنا مهما كانت التكلفة، وسنقطع كل يد تمتد بالمساعدة لهذا الإرهاب من الداخل أو من الخارج. رسالة نرجو أن يقرأها الشعب التركى الصديق جيدًا، فيدرك حجم الخطيئة التى يرتكبها أردوغان فى حقّه وحقّنا حين يتحالف مع الإرهاب ويعادى شعب مصر. ونرجو أيضًا أن تقرأها حكومات أخرى (بعضها للأسف ينتمى إلى العرب) قبل أن يلحق سفراؤها بالسفير «العثمانلى» المطرود!!