أثارت أزمة شركة «هاينز» العالمية فرع مصر، والمتخصصة في تصنيع منتجات الطماطم، مثل الكاتشب، ضجة إعلامية كبيرة، وذلك بعد صدور قرار بحبس مدير شركة القاهرة للصناعات الغذائية، لاتهامه باستخدام منتجات منتهية الصلاحية فى عملية الإنتاج. وفردت الإعلامية لميس الحديدي، مساحة لاستعراض الأزمة وجوانبها وتباعتها المحتملة على الاقتصاد المصري، خلال برنامجها «هنا العاصمة»، المذاع على فضائية «سي بي سي»، مساء أمس، وأجرت مداخلات هاتفية مع العديد من الأطراف، منها محامى شركة "هاينز"، ورئيس المجلس المصري للطماطم والذي كان يشغل أيضًا مدير العمليات بالشركة سابقًا، بالإضافة إلى رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، ورئيس جهاز حماية المستهلك، واللافت للنظر أن مناقشة الأزمة لم تشهد تعليق الطرف الآخر "مقدم للبلاغ" ضد الشركة الأمريكية، سواء من خلال الحضور داخل الاستوديو أو المداخلات الهاتفية، لشرح موقفه أو ما استند عليه من معلومات ومستندات دفعته إلى مقاضاة الشركة. وأثار سير الحلقة، العديد من ردود الأفعال على مواقع التواصل الاجتماعى، بعضها جاء غاضبًا، صاحبها تساؤلات حول ما إذا كانت لميس الحديدي عملت على تجميل وجه شركة «هاينز» والدفاع عنها؟ أم أنها تطرقت إلى زوايا أخرى غائبة عن المشهد أو لها صلة بمستقبل الاقتصاد الوطني؟ قلقي على الاستثمار يبدو أن لميس، كانت تدرك الأمر قبل طرح القضية، إذا سبق تعليقها على تناول الأزمة ردود الأفعال، محذرة خلال تقديمها للبرنامج من تأثير أزمة «هاينز» على الاستثمار في مصر، إذا ما ثبت عدم صحة الاتهامات الموجهة إليها. وقالت إن «هاينز» مملوكة لشركة كرافت العالمية خامس أكبر شركة للمنتجات الغذائية في العالم، تنتج مواد غذائية بقيمة 28 مليار دولار، وتعمل في مصر منذ 25 عاما؛ مضيفة: «هاينز مش شركة صغيرة عشان تخزن حاجات بايظة، هذا أمر متروك للتحقيقات، فإذا ثبت صحة هذا الادعاء فهذا خطأ تتحمله الشركة، وإذا ثبت أن ذلك عمل كيدي، سيدفعنا ذلك إلى التساؤل عن الرسالة التي نريد إيصالها إلى المستثمر الأجنبي». وتابعت لميس: «ألم يكن هناك طريق وسط قبل أن نلجأ إلى التقاضي، نحن في وقت نسعى فيه إلى جذب الاستثمار، لذلك نحتاج إلى مزيد من التحقق قبل أن نلقي بتهم على الشركة قبل التأكد منها، لأن من سيتحمل هذه الخطأ هي الدولة كلها». وأوضحت: «ما يقلقني في هذا الأمر هو تأثير ذلك على الاستثمار»، مستشهده بما حدث مع رجل الأعمال صلاح دياب، في أزمة السكر وإحجام بعض رجال الأعمال عن استثمار أموالهم في مصر، وذلك بعد تبرئة دياب من التهم المنسوبة إليه، لافتة: «أنا ما بقولش إنها بريئة أو لا تستخدم مواد غير صالحة للاستخدام، دي حاجة تثبتها التحقيقات». هاينز ممكن تطلع بره مصر وأجرى محامي شركة «هاينز»، محمد حمودة، مداخلة مقدمة برنامج «هنا العاصمة»، انتقد فيها تعامل الأجهزة المعنية مع الأمر، بقوله: «المالك الحقيقي لهذه الشركة الآن هو مجموعة هاينز العالمية، وأنا نفس أعرف ما هي الرسالة اللي عايزين نوصلها للمستثمر؟ هل إنه لو جه مصر إنه هيتفضح وهنسوء سمعته في العالم كله؟»، مستطردًا: «هاينز ممكن تطلع بره مصر ومعاها كمان خمس أو ست شركات.. عايز أعرف العقلية اللي تعاملت مع القضية تعاملت معها من منطلق أي بعد». وأضاف حمودة: «مقدم البلاغ هو أحمد مهران، وهو عضو في جمعية تعمل ضد الفساد، هو منْ رفع قضية ضد جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة لمنعه المنتقبات من دخول الجامعة بالنقاب، وهو رجل له توجه سلفي». وتابع محامي «هاينز» مبديًا استغرابه: «منذ ثلاثة أسابيع قدم بلاغ ضد الشركة، وعندما أخذت عينات من منتجاتها، أظهرت النتائج بأنها سليمة، ثم جاء بعد ذلك البلاغ الأخير الذي حبس مديرها على أساسه». بنضرب نفسنا بنفسنا من جانبه، تحدث أشرف الجزايرلي، رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، خلال الحلقة، عن أن هناك العديد من الشركات والمصانع التي تعرضت لحملات تشوية ممنهجة وابتزاز مالي، متابعًا: «حذرنا الشركات من ذلك مع مطالبة إياها بضرورة اللجوء إلينا عند حدوث ذلك». وأكد الجزايرلي، أن الغرفة تواصلت مع الشركة، ولكن القيود والحدود التي فرضتها إدارة الشركة في أمريكا على فرعها في مصر حتى دراسة الوضع، منعتنا من الحصول على مزيد من المعلومات. وطالب رئيس غرفة الصناعات الغذائية، بعدم الإعلان عن اسم أي شركة متهمة في مثل هذه القضايا إلا بعد انتهاء التحقيقات وصدور حكم نهائي، حتى لا يكون هناك تشهير بهذه الشركات إذا ثبت عكس التهم الموجهة لها. وأوضح أن «هاينز» تصدر لكل البلاد العربية والإفريقية وروسيا وتركيا وبلاد أخرى، كما أن الشركة الأم اختارت مصر لتكون مركزها لتصدر إلى هذه البلاد، مردفًا: «نحن فخورين بوجود هذا المصنع في مصر وهو ينافس مصانع أخرى في المغرب وإسبانيا». واستطرد: «العائدات تقارب 3 مليار دولار، وبهذا المجال يعمل أكثر من 4 ملايين مواطن مصر، إحنا كده بنضرب نفسنا بنفسنا». الكاتشب مطابق للمواصفات العالمية وذكر عبد السلام جمعة، رئيس المجلس المصري للطماطم، والذي كان يشغل منصب مدير عام للعمليات في «هاينز»، أن مكونات الكاتشب الذي تنتجه الشركة مطابق للمواصفات العالمية. ولفت جمعة، إلى أن الفيديوهات المتداولة عن حالة الطماطم المستخدمة داخل «مصنع هاينز»، توضح أنها كانت مرحلتها الأولى إذ يتم أخذ الطماطم مع المزارع ووضعها في أحواض، تمهيدًا لعملية الفرز، أي أن هذه الفيديوهات صورت قبل عمليات الفرز ولم تتطرق للمراحل الأخرى. لسنا ضد الصناعة أو تشويه منتجاتنا وأشار اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك إلى أن جهازي الرقابة الصناعية، ومراقبة الأغذية، هما المسئولين عن التفتيش علي المصانع الغذائية، وساندهم في الحملة التي شنت على مصنع الشركة الأمريكية مباحث التموين. وقال يعقوب: «لسنا ضد الصناعة أو تشويه منتجاتنا، ولكن إذا كان هناك خطورة على الصحة العامة فسيتم اتخاذ قرار، حتى ولو بوقف خطوط الإنتاج حتى تصحيح الأوضاع». الجدير بالذكر أن نيابة ثاني أكتوبر أمرت بحبس «مدحت.م»، مدير شركة القاهرة للصناعات الغذائية المعروفة ب«هاينز»، 4 أيام على ذمة التحقيقات، لاتهامه باستخدام منتجات منتهية الصلاحية فى عملية إنتاج منتجات الطماطم، وطلبت النيابة تحريات المباحث حول الواقعة للوقوف على ظروفها وملابساتها. كانت النيابة قد أمرت بعرض الاسطوانة المقدمة من جانب أحمد مهران مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، والتى تثبت تورط الشركة سالفة الذكر فى استخدام مواد غذائية فاسدة وغير صالحة للاستخدام الآدمى فى عملية تصنيع منتجات الطماطم من صلصلة وكاتشب وخلافه، على فريق مختص لتفريغها وبيان محتواها، وكتابة تقرير وافي عنها، لإرفاقه بملف القضية. واستمعت النيابة لأقوال مهران، والذي أكد خلال التحقيقات، إن مجموعة من حركة «شباب ضد الفساد» قد تمكنت من التقاط مجموعة من الصور داخل شركة القاهرة للصناعات الغذائية المعروفة ب«هاينز»، تصور حجم الفساد والتلاعب بصحة المواطنين، وعدم مراعاتهم شروط الجودة والسلامة، مشيرًا إلى أن الطماطم المستخدمة فى الصناعة، مصابة بأمراض خطيرة من بينها السوس والعفن، وعليها ترسبات طينية، ورائحتها فاسدة، وهو ما يعنى أن مسئولى الشركة غير مبالين بصحة المواطنين.