«مرضى يأنون وأطفال يصرخون وأهل لا حول لهم ولا قوة»...هكذا حال أغلب الأسر المصرية بعد اختفاء عدد من أنواع الأدوية الهامة مثل "الأنسولين والتيتانوس ولبن الأطفال والمحاليل الطبية وغيرها"، وذلك بالتزمن مع القرارات الاقتصادية للحكومة التي تدعى أنها "إصلاحية" مثل: تعويم الجنيه وخفض الدعم الحكومي للوقود في مطلع الشهر الحالي، الأمر الذي تسبب فى ارتفاع أسعار الدواء ونقصه من الأسواق بشكل غير مسبوق. ورغم أن الدستور نص على أن "لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التي تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغراي العادل، وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للصحة لا تقل عن 3 % من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية، وتلتزم الدولة بإقامة نظام تأمين صحي شامل لجميع المصريين يغطي كل الأمراض، وينظم القانون إسهام المواطنين في اشتراكاته أو إعفاءهم منها طبقاً لمعدلات دخولهم، ويجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان في حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة". السلطة مسئولة عن الصحة يقول الدكتور شوقي السيد، أستاذ القانون الدستوري، إن الدستور المصري كفل للمواطنين الحق في الرعاية الصحية الكاملة، لافتًا إلى أن تدهور صحة المرضى بسبب نقص الأدوية يتحمل مسئوليتها السلطة التنفيذية بالكامل، إضافة إلى الجهات المعنية بحقوق الإنسان، لأنها المنوط بها توفير حقوق المواطن الدستورية. وأضاف السيد، في تصريح ل"التحرير" أن الحكومة عليها أن تتعاون مع بعضها البعض من أجل تدبير الحقوق الدستورية للمصريين، مشيرًا إلى أهمية أن تضع الأولويات أولاً والتي يأتي على رأسها حياة المواطنين، لأن الشريعة الإسلامية قدمت النفس البشرية على المال فى الأولويات. البرلمان مسؤول أيضًا يقول الدكتور محمود كبيش، عميد كلية الحقوق سابقًا بجامعة القاهرة، إن تدهور حالة المواطنين نتيجة نقص الأدوية رغم أن الدستور كفل له الحق فى الرعاية الصحية يتحمله السلطة التشريعية "مجلس النواب"، لافتًا إلى أن الدستور يُخاطب البرلمان ويجب أن يصدر تشريعات حاسمة وحازمة للحفاظ على صحة المواطنين، ومخاطبة المسئولين تتم وفقًا للقانون. وأضاف كبيش، في تصريح ل"التحرير" أنه في حالة عدم تنفيذ وتفعيل مواد الدستور سيحدث تدهور لحالات المرضى، وستتم مواجهة البرلمان من قبل الشعب الذي اختارهم، مشيرًا إلى أن الحكومة مسئولة أيضًا عن عدم تطبيق اللوائح الحالية. وأوضح عميد كلية الحقوق سابقًا بجامعة القاهرة، أن المفروض أننا نتعامل على أننا فى دولة مؤسسات، ويجب أن تكون المواجهة من خلال القواعد الدستورية والقانونية الموجودة فى الدولة. الأزمة التي لا تنتهي وافق مجلس النواب فى جلسته المسائية أمس الإثنين، على تشكيل لجنة تقصى حقائق، لبحث أزمة نقص واختفاء الدواء وإبلاغ المجلس بحقيقة الأزمة المثارة حاليا، ويرأس اللجنة الدكتور محمد خليل العماري، وعضوية كل: "أحمد عيد وأيمن أحمد وأيمن أبو العلا ومحمود حمدي ومجدى مرشد وميرفت موسى وإليزابيث شاكر"، وذلك بعد الطلب الذي تقدمت به لجنة الصحة. وقال الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب، إنه عقد اجتماعا مع غرفة صناعة الأدوية بحضور ممثلين من لجنة الصحة بالبرلمان، وعبرت الغرفة عن وجود مشكلات كبيرة في صناعة الأدوية وأبدوا مرونة كبيرة، مؤكدا أنه لن يكون هناك مشكلات في الأدوية حيث سيتم حل الأزمة خلال يوم أو يومين على الأكثر.
الدواء متوفر رغم أنف الواقع بالأسواق فى حين قال النائب محمد سليم، عضو لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب والقيادي بائتلاف دعم مصر، إن الأدوية متوفرة بالأسواق، ويوجد 10 بدئل لكل دواء غير متوفر، لافتًا إلى أن بعض شركات الأدوية الدولية تضغط على الحكومة لرفع سعر الدواء، لكن هذا مرفوض تمامًا. وأضاف سليم، في تصريح ل"التحرير"، أن لجنة الشئون الصحية بالبرلمان طالبت وزير الصحة بتوفير حلول سريعة للأدوية الحيوية غير الموجودة مثل "الأنسولين والمحاليل ولبن الأطفال وغيرها" والتى ليس لها بديل فى السوق، مناشدًا الأطباء بإعطاء المرضى بدائل الدواء الغير موجود فى الوقت الحالى لنتمكن من عبور الأزمة الحالية. وأوضح عضو لجنة الشئون الصحية، أن مسئولية نقص أنواع معينة من الدواء لا تتحملها وزارة الصحة بمفردها، ولكن يتحملها شركات صناعة الدواء التى تعمل فى الأدوية المختفية من السوق، مشيرًا إلى أن قرار مجلس الوزراء بزيادة أسعار الدواء منذ عدة أشهر، لم يكن صحيحًا صدوره بهذه الطريقة الجماعية، ولكن الصحيح أن يتضمن القرار زيادة سعر كل منتج على حده. ولفت سليم، موافقة مجلس النواب على القرار جاء بسبب ارتفاع سعر الدولار وقتها، ومعظم شركات الأدوية كانت لم تغير سعر الدواء منذ أن كان الدولار ب 5 جنيهات، لذلك كان على البرلمان الرجوع خطوة للخلف وإعطاء فرصة للشركات الآن للتنفس. وأكد القيادى بائتلاف دعم مصر أن الدستور كفل بإقامة نظام تأمين صحى شامل لجميع المصريين يغطى كل الأمراض، مطالبًا وزير الصحة بإرسال قانون التأمين الصحى الموحد لتقليل المعانة عن المواطنين فى التعامل مع المستشفيات العامة والخاصة وتوفير الأدوية التى يحتاجها فى الأمراض المزمنة. مستشفيات بلا أدوية بينما قال الدكتور محمد فؤاد، مدير المجلس المصري للحق في الدواء، إنه حذر من أزمة حقيقية في بعض الأصناف الاستراتيجية بالدواء، مشيرًا إلى أنه خاطب مجلس الوزراء بذلك منذ شهر أغسطس الماضي. وأضاف فؤاد، أن المستشفيات الجامعية تستقبل 47% من المترددين على المستشفيات الحكومية، وأكثر من 70 مستشفى منهم تواجه أزمة نقص الأدوية، مشيرًا إلى أن ميزانية المستشفيات الجامعية لا تتعدى 7 مليارات جنيه، واحتياجاتها الفعلية 11 مليار جنيه، لافتًا إلى أن المواطن المصرى أكثر ثقة في المستشفيات الجامعية عن الحكومية.