"رافعًا راية الدفاع عن حرية التعبير وكسر القوالب والتابوهات ومواجهة التشدد الديني"، يبرز علي مطهري نائب رئيس مجلس الشورى الإيراني كصوت منفرد يناضل ضد نظام الحكم الديني المتطرف هناك، ما يجعله بين كل فترة وأخرى عرضة لخطر الاستهداف سواء بالقول أو الفعل. مؤخرًا ألغيت محاضرة كان من المفترض أن يلقيها "مطهري" بمدينة مشهد -شمال شرقي البلاد- وذلك بمناسبة ذكرى أربعين الحسين، إلا أنه فوجئ بقرار الادعاء العام في المدينة؛ ما دفعه إلى توجيه رسالة حادة اللهجة للرئيس الإيراني حسن روحاني طالبه فيها بمتابعة الموضوع عن كثب، قائلاً: إنه "في حال لم يتخذ خطوات جدية بحق أصحاب هذه القرارات، فإنّ البرلمان سيستفيد من صلاحياته القانونية". واعتبر "مطهري" في رسالته أن البعض في الداخل يقف في وجه حرية التعبير، ولا سيما حين يتسلّم بعض الإصلاحيين زمام الأمور"، متسائلاً "من هو الحاكم الحقيقي في مشهد؟؛ أليس من المفترض أن يكون المحافظ أو الوالي هو المسؤول الحكومي عن هذه المدينة؟ أم أنه إمام صلاة الجمعة". كأس العالم وذكرى الإمام الحسين لم تكن هذه هي واقعة الصدام الأولى مع "مطهري" - ففي أكتوبر الماضي هاجم "مطهري" رجال الدين المسيطرين على الحكم في الجمهورية الإسلامية، واصفًا إياهم بأنهم "مرجعيات متخلفة وسلوكهم يذكرنا بدور الكنيسة في العصور الوسطى المتخلفة". وجاء الهجوم وقتها ردًا على دعوة محمد يزدي -أحد أكبر المرجعيات الدينية بإيران- منتخب بلاده لكرة القدم لعدم مواجهة كوريا الجنوبية ضمن تصفيات أمم آسيا المؤهلة لكأس العالم في روسيا 2018، حفاظًا على ما اسماه ب"حرمة شهر محرم وذكرى مقتل الإمام الحسين بن علي". وقال نائب رئيس مجلس الشورى الإيراني في رسالة ليزدي "مطالبتكم المنتخب الإيراني لكرة القدم بعدم مواجهة كوريا الجنوبية، مطلب لا يمكن هضمه، ومثل هذه التصريحات بعيدة عن الدين وتسببت بإبعاد الناس عنه"؛ معتبرًا أن فرح وسعادة الإيرانيين في حال فوز منتخبهم على كوريا الجنوبية ليست إهانة لمقتل الإمام الحسين بن علي. التضامن مع نرجس محمدي في نفس الشهر طالب 20 نائبًا إيرانيًا من بينهم "مطهري" رئيس السلطة القضائية بالإفراج عن الناشطة الحقوقية نرجس محمدي التي حكم عليها بالسجن 10 سنوات، والتي تناضل من أجل إلغاء عقوبة الإعدام في إيران كي تعود لرعاية أطفالها، في وقت تعاني فيه الأخيرة شللًا في العضلات". وتعتبر "محمدي" المتحدثة باسم مركز المدافعين عن حقوق الإنسان في إيران، وحصلت في الماضي على ميدالية مدينة باريس لعملها في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان. وقبل نحو عامين؛ بالتحديد في يناير 2015 فجَّر "مطهري" مفاجأة بمجلس الشورى؛ باتهامه السلطات الإيرانية بأنها تخضع في شكل غير شرعي الزعيمين المعارضين مير حسين موسوي ومهدي كروبي لإقامة جبرية، كما دافع عن السماح لأهل السنّة بتشييد مسجد في طهران. وأثار خطابه مشادات كلامية وتدافعًا من نواب معترضين، حاولوا إسكاته ومنعه من إكمال كلمته، ما حدا بمحمد حسن أبو ترابي فرد، نائب رئيس البرلمان الذي رأس الجلسة، إلی إنهائها ووقف بثّها مباشرة، قبل استئنافها بعد 25 دقيقة. وقال "مطهري": "في وقت لا نسمح بإعطاء ترخيص لأهل السنّة لتشييد مسجد في العاصمة، كيف يمكن توقّع الوحدة وهناك تقسيم للاحتفالات بين السنّة الذين يحيون مولد الرسول، والشيعة الذين يحيون مولد الأئمة؟". نجا من الموت بأعجوبة في يوليو من نفس العام؛ تعرض "مطهريط لهجوم تمثل في إلقاء الحجارة والزجاج عليه، وقذفه بالطماطم الفاسدة بمدينة شيراز؛ ليتدفق الدم من رأسه إثر جروح وكدمات أصابتها وأصابت باقي جسده، القائمون على الهجوم كانوا بالعشرات وكان هدفهم منع مطهري من إلقاء خطابه للطلاب الإصلاحيين بجامعة المدينةالإيرانية، لينجو من الموت بأعجوبة. وكشف موقع "إنصاف نيوز" الإخباري، أن المهاجمين كانوا مُلثمين من أصحاب الدراجات النارية"، وذلك في إشارة إلى دوريات قوات الباسيج والحرس الثوري الذين يستقلون عادة الدراجات النارية في مهماتهم. أوباما فرصة لا تتكرر لإيران أثار "مطهري" حالة من الجدل، في أغسطس الماضي، وذلك بعد وصفه للرئيس الأمريكي باراك أوباما بأنه "فرصة لإيران ربما لا تتكرر مرة أخرى"؛ موضحًا أمام حشد من أنصار حكومة روحاني الإصلاحية في محافظة زنجان "لو كان هناك علاقات دبلوماسية بين الولاياتالمتحدةوإيران لتمكنا من حل كثير من المشكلات المصرفية، هناك من يظن أن إيجاد علاقات ديبلوماسية هو نهاية الثورة، وهذا خطأ". معارض لأحمدي نجاد يعد نائب رئيس مجلس الشورى الإيراني من أشد منتقدي الرئيس السابق والمحسوب على رجال المرشد علي خامنئي، محمود أحمدي نجاد، إذ تقدّم خلال انتخابات البرلمان بدورته التاسعة، بلائحة "صوت الشعب"، احتجاجًا على تقديم مناصري تيار نجاد للائحة منفصلة عن بقية المحافظين. وكرّر ذلك خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، في فبراير الماضي، فترأس قائمة "صوت الشعب" التي وصفها بالمعتدلة، وضمّت شخصيات معتدلة وإصلاحية، على حد سواء، كونه يحسب نفسه على خط الوسط، فحصل على ثاني أعلى نسبة من أصوات المقترعين في دائرة العاصمة طهران.