قبل نحو 65 عاما، وتحديدا يوم 8 ديسمبر عام 1948، أصدر رئيس وزراء مصر آنذاك محمود فهمى النقراشى باشا (من قادة ثورة 1919 البارزين) بصفته وزيرا للداخلية أيضا، أول قرار رسمى بحظر جماعة الإخوان، مستندا إلى مذكرة وافية ضافية، رفعها إليه وكيل وزارة الداخلية عبد الرحمن بك عمار، رصد فيها قائمة مروعة وطويلة من جرائم وعربدات الجماعة، وبعد عشرين يوما فقط من نشر قرار الحل فى الجريدة الرسمية، أضافت العصابة الإخوانية إلى تلال جرائمها جريمة قتل النقراشى باشا نفسه!! فى السطور التالية سوف أنقل إليك عزيزى القارئ مقتطفات من المذكرة سالفة الذكر لتكتشف، ليس فقط عمق جذور التخريب والإرهاب الذى طبع تاريخ هذه الجماعة وجعلها خطرا داهما على المجتمع والدولة وواحدة من أسوأ العقد وأقوى العقبات التى اعترضت مسيرة تطورنا السياسى والاجتماعى، وإنما أيضا ستشعر بأنك تقرأ فى كتاب الحاضر لا الماضى الغابر.. فإلى سطور مذكرة «عمار» بك: «تألفت منذ سنوات جماعة اتخذت لنفسها اسم (الإخوان المسلمون)، وأعلنت على الملأ أن لها أهدافا دينية واجتماعية دون أن تحدد لنفسها هدفا سياسيا معينا، وعلى هذا الأساس نشطت الجماعة وبثت دعاياتها، ولكن ما كادت تجد لها أنصارا حتى أسفر القائمون على أمرها عن أغراضهم الحقيقية، وهى أغراض سياسية ترمى إلى وصولهم إلى الحكم وقلب النظم المقررة فى البلاد.. وقد اتخذت هذه الجماعة فى سبيل الوصول إلى أغراضها طرقا شتى يسودها طابع العنف، فدربت أفرادا من الشباب من الشباب أطلقت عليهم اسم (الجوالة) وأنشأت مراكز رياضية تقوم بتدريبات عسكرية مستترة وراء الرياضة، كما أخذت تجمع الأسلحة والقنابل والمفرقعات وتخزينها لكى تستعملها فى الوقت المناسب (..) متغافلة عن الأغراض الدينية والاجتماعية التى أعلنت الجماعة أنها قامت لتحقيقها، ولا أدل على هذا مما أسفر عنه تحقيق الجناية العسكرية رقم 883 لسنة 1942 قسم الجمرك (الإسكندرية)، إذ قال ممثل النيابة إنه بفحص (الأوراق) والمكاتبات المضبوطة أن منها تقريرا أرسله أعضاء من الجمعية فى طنطا إلى المرشد يطلبون فيه أن تكشف الجمعية للجمهور عن حقيقة مراميها وعن الغرض الأساسى من تكوينها الذى ينصب بالذات على (كونها) جمعية سياسية دينية تنادى بتغيير القوانين والنظم وأساليب الحكم الحالية، ويقترح الأعضاء لبلوغ هذا الهدف (العمل) على إثارة الجمهور بطريقة طَرْق ومخاطبة مشاعره وحساسيته لا عقله وتقديره.. وقد كتب المرشد حسن البنا بخط يده على هذا التقرير أنه مؤمن بما ورد فيه وموافق على ما تضمنه من اقتراحات..»!! وتمضى مذكرة وكيل وزارة الداخلية فتقول: إنه «مما يؤيد هذا الاتجاه ما حدث فى 8 فبراير سنة 1946 بإحدى قرى مركز أجا (دقهلية)، إذ قام طالب يخطب فى الناس حاثا إياهم على الانضمام إلى شعبة الإخوان فى تلك القرية ومحرضا على مقاومة كل من يتعرض لهذه الجماعة من رجال الإدارة وغيرهم ولو أدى ذلك إلى استعمال السلاح». «.. وكان بعض الموظفين قد استهوتهم الأهداف الاجتماعية والدينية التى اتخذتها الجماعة ستارا لأغراضها الحقيقية، فأصبح موقفهم بالغ الحرج، لأن القانون لا يسمح بانتماء الموظفين إلى أحزاب سياسية، كما امتدت الدعوة إلى أوساط الطلبة واجتذبت فريقا منهم، فأفسدت عليهم تعليمهم وجعلت من بينهم من يجاهر بانتمائه إليها ويأتمر بأمرها فيُحدث الشغب ويثير الاضطراب فى معاهد التعليم مما أخل بالنظام فيها إخلالا واضح الأثر..». «لقد تجاوزت الجماعة الأغراض السياسية المشروعة إلى أغراض يُحرمها الدستور وقوانين البلاد، فهدفت إلى تغيير النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية بالقوة والإرهاب، ولقد أمعنت فى نشاطها فاتخذت الإجرام وسيلة لتنفيذ مراميها، وفى ما يلى بعض أمثلة قليلة من هذا النشاط الإجرامى كما سجلته التحقيقات الرسمية فى السنوات الأخيرة.....». و.. ضاق المجال فنكمل غدا القراءة فى تلك المذكرة التاريخية التى أسست لأول مرسوم حظر رسمى تصدره الدولة المصرية ضد «جماعة الشر».