كتبت - شيماء محمد أتقدم بجزيل الشكر على توجيهاتكم القيمة خلال جلسة درس الفقه، وأعلن أنه امتثالا لتعليمات قائد الثورة الاسلامية المعظم، فليس لدي برنامج لحضور ساحة منافسات الانتخابات الرئاسية المقبلة، وبلطف من الله سبحانه وتعالى، وبكل فخر، سأبقى جنديا صغيرا للثورة الإسلامية وخادمًا للشعب الإيراني".. كانت تلك فحوى رسالة محمود أحمدي نجاد التي أرسلها ل"علي خامنئي"، المرشد الأعلى بإيران، يوم الثلاثاء الماضي، بعد تصريحات الأخير المباشرة يوم الإثنين، أثناء جلسة تدريس علوم الفقه، والتي قال فيها: "لقد أتى فلان لرؤيتي (فى اشارة منه الى نجاد) ونصحته ألا يترشح لصالحه ولصالح البلاد". نجاد زار العديد من المدن بإيران، خلال الأشهر الماضية، وبدأ في الظهور على الساحة السياسية مرة أخرى، وأخذ يلقي الخطابات التي ينتقد فيها أداء حكومة روحاني، ونتائج الاتفاق النووي، وأخذ أنصاره يعيدون تنظيم أنفسهم مرة أخرى، وفي آخر خطاب ألقاه قالها صراحة "أوعد الشعب الإيراني بأن روحاني سيصبح أول رئيس إيراني لولاية رئاسية واحدة" . وفي شهر أغسطس الماضي، وخلال جلسة كان المفترض أنها سرية، التقى نجاد ب"خامنئي"، وكثرت الأقاويل حول الاجتماع، فذكر البعض أن نجاد هو من طلب ذلك اللقاء لأخذ رأي خامنئي في قرار ترشحه من عدمه، وذهب البعض الآخر إلى أن خامنئي هو من طلب لقاء نجاد ليسأله عن سبب زياراته للمدن الإيرانية، وخطاباته وما الهدف من ذلك. لكن وقائع تلك الجلسة تسربت، وكانت وكالة "فارس" التابعة للحرس الثوري أول من نشر تلك التفاصيل، نقلا عن رئيس مكتب خامنئي "محمد محمدى غليايغائي"، وأفادت التقارير أن في تلك الجلسة منع خامنئى نجاد من الترشح للانتخابات منعًا واضحًا. في المقابل، اعترض أنصار نجاد، ورفضوا الأخذ بصحة تلك التقارير، مطالبين خامنئي بالظهور وإعلان الحقيقة،وهذا ما فعله الأخير، وتعتبر تلك من المرات النادرة التي يعلن خامنئى صراحة تدخله في أمر الانتخابات ومسار المرشحين، ولم يسبق له أن نهى مرشحًا بهذا الأسلوب علنية عن الترشح، فعادة الأمر أن المرشحين يسألون خامنئي عن رأيه في لقاءات خاصة، ويحصلون على الجواب وينتهى الأمر بسرية. لكن السؤال الأهم هنا ما الذي جعل خامنئي يتخلى عن نجاد بتلك الصورة، فمن المعروف أنه أكثر رئيس إيراني حظى بدعم مباشر من خامنئي، وكان من أكثر الداعمين له عند إعادة انتخابه عام 2009، لدرجة وصلت إلى اتهام البعض لخامنئي بتزوير نتائج الانتخابات لصالح نجاد، ولم يهتم خامنئي بتلك الاتهامات ولا بموجة التظاهرات التي عقبت فوز نجاد بولاية ثانية. في هذا الأمر، أجاب خامنئي بنفسه وصراحة قائلًا إن خوض نجاد لتلك الانتخابات سيؤدي إلى ما سمَّاه (ثنائية الأقطاب السياسية) داخل إيران، وهذه الثنائية على حد زعمه لن تكون في مصلحة إيران في تلك الفترة، وإن منع نجاد جاء لصالح النظام فقط. ويرجع بعض المهتمين بالشأن الإيراني، أن سبب تخلى خامنئى عن نجاد يرجع إلى أيام عهد ولاية نجاد 2009، وما أعلنه نجاد من عصيان ضد الخامنئى فى كثير من المواقف اهمها كان عندما اراد نجاد تعيين صهره "اسفنديار رحيم مشائى" مساعدا له وذلك الامر رفضه الخامنئى وملاة اخرى عندما قرر نجاد عزل وزير الاستخبارات حينها "حيدر مصلحى" وأعاده الخامنئى الى منصبه بأمر مباشر فتحول الموضوع الى مواجهة علنية ورفض نجاد حينها القيام بمهامه الرئاسية لمدة عشرة أيام. ويذهب البعض الاخر الى ان خامنئى واجه الكثير من الاحتجاجات والمظاهرات فى عام 2009 ودفع ثمنا باهظا لكل ذلك وان بعد منافع الاتفاق النووى التى تبدو الى الان قليلة لكنها مجدية الى حدا ما فان خامنئى ادرك ان زمن نجاد السياسى قد انتهى . وعلى الساحة السياسية جاء قرار منع نجاد من خوض الانتخابات بأثر ايجابى على المعسكر الاصلاحى الذى بدأ فى تنظيم نفسه وحشد قواه لدعم روحانى مرة اخرى ومن جانب اخر بدء فى طرح اسماء قد تكون بديلة لروحانى مثل "على لاريجانى" رئيس البرلمان ومستشار خامنئى فى الشئون الدولية ووزير الخارجية الاسبق "على اكبر ولايتى" ووزير الخارجية الحالى "محمد جواد ظريف" . وعلى الطرف المقابل يبدو ان المعسكر المحافظ تلقى ضربة كبيرة بذلك المنع ومن قبلها اعلان قائد فيلق القدس "قاسم سليمانى" انه لن يخوض معارك الانتخابات وانشغل بالحرب الكلامية مع المعسكر الاصلاحى ولم يوحد صفوفه حتى الان . على ما يبدو ان الانتخابات الرئاسية الايرانية القادمة ستكون مهمة للغاية وحساسة ونقطة فاصلة فى تاريح ايران من بعد الاتفاق النووى والدليل على ذلك اشتعال الجدال حولها من الان وقبل ثمانى اشهر من موعدها فى مايو المقبل . ويتابع الشارع الايرانى كل ذلك الجدال بترقب واهتمام كبير.