معاناة الأهالي والأطفال مستمرة.. والمد ارس في مرمى نيران العائلات ترفض تدخل الأزهر.. ومواصفات خاصة في قتيل الثأر مصدر أمني: أحكام القضاء لا تلبي طموح الثأر في القاتل على طريقة داعش.. اثنان يذبحان مواطنا للثأر منه وشاب يطلق النار على والده اعتراضا على إتمام صلح الانتقام أعمى.. جملة عرفتها الحمكة التاريخية وجهلها بعض أبناء قنا بعدما ولوا وجوههم قبل الثأر منخدعين بأنه يطفئ نار قلوبهم الميتة، فبركة الدماء التي تزداد مساحتها يوما تلو الآخر بين أهالي المحافظة الواقعة على بعد 600 كيلو متر جنوبالقاهرة، لم يتمكن 7 مدراء أمن منذ اندلاع ثورة 25 يناير، من تجفيفها. وشهدت فترة ال5 سنوات الأخيرة بداية من أحداث 25 يناير 2011، ذورة الانتقام الثأري بين عائلات قنا بعدما غابت القوة الأمنية بعد الثورة، ما أدى بدوره إلى انتشار مختلف الأسلحة الثقيلة بكافة أنواعها. "التحرير" تلقي الضوء على معاناة أهالي قنا الذين تحاصرهم خلافات النار بين العائلات بعدما راح ضحيتها المئات دون حد ينهيها ويطوي صفحتها. خريطة الدماء القناوية حالة من الرعب تعيشها قرية الدير الغربي التابعة لمركز قنا فالأهالي في ترقب دائم لرصاصات خلاف ثأري بين عائلتي "علي والعنابرة" يمتد منذ ما يقرب من 4 أعوام، ويعود السبب في ذلك إلى الاختلاف على منصب "العُمودية". العشرات أيضا سقطوا مصابين في قرية الحجيرات التابعة للمركز نفسه، بعدما أطل "الثأر" برأسه بين عائلتي "عبدالمسيع وفراج"، والذي لم ينحٍّ طلاب المدارس جانبا بل وضعهم في مرمى نيرانه خلال فترة الدراسة، وأودت الخلافات إلى مقتل شخص من أحد العائلتين. وفي الحجيرات أيضا توهجت الخلافات الثأرية بين عائلتي "ضاحي وبكري" بناحية نجع "معلا"، بسبب الخلافات على قطعة أرض بينهما منذ قرابة 5 أعوام، وراح ضحيته العشرات من المصابين. وفي قرية أولاد عمرو التابعة لمركز قنا اشتباكات مستمرة بين عائلتي العجاودة" و"الحجرات"، بسبب خلافات قديمة على أرض زراعية والذي راح ضحيتها العشرات من المصابين وشهد الثأر بين عائلتي «العجاودة والحجرات" في قرية أولاد عمرو التابعة لمركز قنا، سقوط 4 قتلى من العائلتين، بسبب خلافات قديمة على أرض زراعية. أما قرية المحروسة التابعة لمركز قنا فالخلافات مستمرة بين عائلتي "العرب والفلاحين" بسبب أمور مادية بينهما منذ 3 أعوام حتى الآن، لتسجل قائمة الضحايا قتيلا و10 مصابين. أما دماء الثأر بين عائلتي "العجاودة والحجرات" في مركز قوص جنوبيقنا والممتدة منذ قرابة عامين بسبب خلافات قديمة على أرض زراعية، فراح ضحيتها 3 قتلى و16 مصابًا، . وفي مركز دشنا شمالي المحافظة ف"بحور الدم" لا تنتهي بين العديد من العائلات أبرزها قبيلتا "العرب والهوارة"، وهناك خلاف ثأري آخر بدأ يشتد بين عائلتي "مدكور وعبدالفتاح" بقرية فاو، والذي كان آخر ضحاياه ذبح مواطن على طريقة "داعش" من قبل شخصين في أثناء جلوسه على أحد المقاهي. وشهدت نفس القرية واقعة مؤسفة راح ضحيتها 3 أشخاص من عائلتي "الطبايخة والعوامر" بالقرية بسبب خلاف بدأت أصداءه منذ عدة أشهر بعد نشر صورة فتاة من القرية على موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك". وأودى الخلاف الثأري بين عائلتي "آل ماضي وآل خليفة" في مركز فرشوط شمالي قنا، مؤخرا إلى قيام عامل بإطلاق الرصاص على والده ما أدى لإصابته بطلق نارى بالقدم، اعتراضا منه على إتمام والده مراسم القودة لإنهاء "بحور الدماء". وفي قرية الحسينات التابعة لمركز أبوتشت تستمر خلافات ثرية ممتدة ل3 أعوام بين عائلتي "النواصر وآل عيد" بسبب شجار على أسبقية ري أرض زراعية، والتي راح ضحيتها 4 أشخاص وأصيب العشرات من أبناء العائلتين حتى الآن، فيما اشتدت خلافات أخرى بين عائلتي "العفايفة وأولاد محمد"، بقرية العوامر التابعة للمركز، ما أسفر عن مصرع 5 أشخاص وإصابة العشرات من أبناء العائلتين. أما قرية كوم هتيم التابعة لمركز أبوتشت، فيغيب عنها الأمن والأمان بسبب التوتر الأمنى والحوادث الثأرية المتكررة بين عائلتى "الطوايل والغنامة" التى تنشأ بين الحين والآخر، والتى أودت إلى مصرع 6 أشخاص من العائلتين. وبعد محاولات عدة رفضت عائلات الثأر في قنا التحدث عن أسباب الخلافات بينها أو أي خطط لتسوية الأوضاع. قتيل تحت الطلب.. الحروب العائلية في قنا قال عنها "إ. ن" أحد أبناء المحافظة إنها لن تنتهي إلا بقبول الصلح وتقديم أحد طرفيها الكفن، مشيرا إلى أن ضحايا الثأر يتم اختيارهم بعناية بين أفراد العائلة المراد الثأر منها. وأوضح القناوي الذي رفض نشر اسمه، أن قتيل الثأر له مواصفات ترصدها العائلة الثائرة في أفراد خصومها، إذ يبحث القاتل صاحب الثأر عن خصمه ويختار شخصا مشابها لقتيل عائلته، إذ يجب أن يكون متقاربا في العمر، ومماثلًا تمامًا للحالة الاجتماعية في "الزواج والعمل والإنجاب". وعزا أسباب استمرار نزيف الدماء الثأري إلى تعالي العائلات المتخاصمة عن قبول الدية أو الكفن دون الثأر من الطرف الآخر، وأرجع سبب ذلك إلى انتشار عرف بين المجتمع الصعيدي هناك يمثل قتل الثأر بمثابة "الشرف". الشيخ أحمد إبراهيم عضو لجنة المصالحات الثأرية الشعبية بمحافظة قنا قال إن اللجنة تبذل جهودا بالتعاون مع الجهات الأمنية بالمحافظة من أجل حل الخلافات الثأرية. وأضاف عضو اللجنة في تصريحات ل"التحرير" أن اللجنة أعدت بدورها قائمة بتلك الخلافات الثأرية وأسبابها وأرسلتها إلى الأزهر الشريف للتدخل وإنهائها، مستدركا بأن تلك العائلات لم تقبل الصلح حتى الآن، مشيرا إلى أن الجهود مستمرة وذلك من أجل حقن الدماء وإتمام المصالحات الثأرية، وتمنى أن تشهد الأشهر المقبلة إتمام العديد من المصالحات الثأرية. طموح ثأري ونفى مصدر بالمباحث الجنائية في مديرية أمن قنا، أن يكون هناك قصورا أمنيا متسببا في انتشار "سلسال الدم" بين القبائل والعائلات في مدن ومراكز المحافظة، مؤكدا أن الأجهزة الأمنية تحاول بشتى الطرق إتمام المصالحات لكن دون جدوى بين العائلات المتخاصمة حاليا. ونوه المصدر إلى أن المواطنين لا يقبلون بالحلول الأمنية التى يتم تقديمها من قبل الأمن، متابعا: "عائلات القتيل لا تتهم أحدا، وتحريات المباحث تتوصل إلى القتيل، لكن دون بلاغات لا توجد قضية"، واستكمل: "العائلات ترفض اللجوء إلى المحاكم والقضاء بسبب طول فترة التقاضي، إضافة إلى أن الأحكام لا تكفي طموحهم في الثأر من القاتل". جهود إخماد رماد صراعات العائلات كشفها اللواء صلاح الدين حسان، مدير الأمن بقوله إننا مستمرون في استهداف البؤر الإجرامية وإنهاء الخلافات الثأرية وضبط الأسلحة، مشددا على توجيه الحملات لأوكار الجريمة لضبط العناصر الخطرة وتجار الأسلحة والمخدرات وكل ما يروع أمن المواطنين في جميع أتحاء المحافظة.