فشل مرسى فى إدارة مصر كأول رئيس مدنى منتخب ووضع القوى الثورية والمدنية فى مأزق اختيار الرئيس القادم الذى سيواجه شعب نفد صبره، ولن يقبل أعذارا بأن التركة ثقيلة أو نقص الخبرة وعليه التعامل مع ملفات شديدة الحساسية من أول يوم مثل الأمن القومى الذى أصبح مكشوفا بشكل غير مسبوق فى سيناء بوجود جماعات جهادية تريد تحويلها إلى «سيناء ستان»، وعبث حماس بأنفاق بلا حدود سيجعل سيناء أشبه بمنطقة القبائل الباكستانية، مما سيغرى إسرائيل على استباحة حدودنا، ثم حساسية العلاقة مع الجيش، فسيكون أمامه خياران، أحلاهمها مر، إما أن يستوعب أن الجيش رقم صعب فى المعادلة، وأنه ليس مطلق اليد فى التصرف فى شؤونه دون التشاور مع قادته، وهنا سيتهم بالضعف، وإما أن يتهور ويقرر إثبات أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة، ويتخذ قرارات غير مأمونة العواقب، بالإضافة إلى الملف الاقتصادى وتعقيداته المتراكمة من عقود، والتى تحتاج إلى شجاعة ورصيد وقبول عند الناس لمصارحتهم بالحقيقة المؤلمة، وإقناعهم بالصبر على تجرع الدواء المر، والدولة العميقة، وما أدراك بالدولة العميقة التى تستطيع ابتلاع أى رئيس مهما كانت طموحاته وإيقاعه فى دواماتها اللا متناهية. احتواء التيار الإسلامى الذى لن يدعه يعمل بهدوء، وسيحاول بكل ما أوتى من قوة على وضع العراقيل أمامه لإفشاله انتقاما لعزل مرسى، موافقة القوى الدولية والإقليمية على الرئيس القادم، لأن مصر أمام لحظة استثنائية يكون إغواء الوطن أكبر من أى إغواء شخصى أو حزبى أو أيديولوجى.. أدعو حركة تمرد وجبهة الإنقاذ إلى اغتنام الفرصة قبل الآخرين فى طرح ترشيح السيسى كممثل للثورة فى الانتخابات الرئاسية القادمة للنقاش العام، وبذلك سنضعه أمام التزام أخلاقى وسياسى لتحقيق أهداف الثورة، فالرجل لديه كل المؤهلات المطلوبة لهذا المنصب، فهو شخصية وطنية تمتاز بالذكاء الحاد، مؤمن بالدولة المدنية، وله كاريزما وشعبية عند فئات كبيرة تبحث منذ مدة عن قائد وبطل شعبى لثورة يناير، فخلفيتة المخابراتية ستسانده فى محاربة الإرهاب وفرض الحزم والحسم لعودة الأمن وهيبة الدولة واحتواء أزمة الإخوان الحالية وترشيد علاقة الجيش بالسياسة. إن إدارته الجيدة لمنظومة القوات المسلحة الإدارية والاقتصادية تؤكد قدرته على التعامل مع براثن الدولة العميقة والملف الاقتصادى، بالإضافة إلى تدينة المصرى الوسطى هو أقرب للمزاج العام للمصريين وعلى رأسهم السلفيون، خصوصا بعد عزل رئيس إسلامى، مما سيسهم فى مصالحة مستقبلية. السيسى أصبح محط أنظار العالم أجمع، فأنت لست بحاجة إلى تسويق رئيس جديد للعالم، وأعتقد أنه محل اتفاق القوى الدولية المؤثرة على أنه الرجل القوى (بوتين مصر) والاختيار الأفضل حاليا للجميع.. قد يعترض البعض على ترشيح السيسى لأنه سيؤكد الشكوك التى تزعم أن ما حدث انقلاب لا ثورة، وليكن فهو انقلاب على انقلاب الإخوان على أهداف الثورة وتأسيس دولة المرشد، وهى مؤامرة على مؤامرة تفكيك الجيش وسقوط الدولة المصرية، أما الخوف من الردة إلى الحكم العسكرى، أقول إن الأمر مختلف هذه المرة، فنحن لسنا أمام سلطة قهر وبطش تفرض إرادتها على الشعب، ولكن أمام عملية ديمقراطية تنافسية حرة ونزيهة خاضعة للمراقبة الدولية، وهناك أمثلة كثيرة فى ديمقراطيات عريقة على ترشيح عسكريين للرئاسة، مثل ديجول بوش الأب وبوتين، أو التحجج من إعادة النظام القديم، فهذا يتوقف على الدستور القادم وتحديد مهام وصلاحيات الرئيس بدقة والفصل بين السلطات وتقوية المؤسسات التشريعية والرقابية والحياة الحزبية والمجتمع المدنى.. هذا وقت إنكار الذات وإعلاء مصلحة مصر فوق كل اعتبار فهل من مستجيب.. أعتقد أن الأقدار تختار رجالها، والله ثم مصر من وراء القصد.