بينما تحتضن تركيا العشرات من العناصر المصرية المطلوبة في قضايا عنف وإرهاب، والأعضاء بجماعة الإخوان التي صنَّفتها الدولة "إرهابية"، إلا أنَّها طالبت الولاياتالمتحدة بتسليم معارضين بداعي ما قالت إنَّه "تورطهم" في محاولة الانقلاب على الرئيس رجب طيب أردوغان، يوم الجمعة الماضية. تركيا - على لسان وزير عدلها - أعلنت إرسال طلب رسمي إلى واشنطن، تطلب فيه تسليم المعارض فتح الله جولن الذي اتهمته منذ اللحظة الأولى بأنَّه المخطط لمحاولة الانقلاب، وكذا طالبت اليونان بتسليم عدد من العسكريين الذين حطت مرحية عسكرية بهم في أثينا صباح اليوم التالي للمحاولة الانقلابية. المطالب التركية بتسليم هذه العناصر، بل واعتبارها أنَّ كل من ينتقد إجراءاتها الحالية هو داعم للعملية الانقلابية، تتناقض بشكل واضح مع موقفها من "العناصر المصرية" التي تحتضنها، والذين صدر ضد أغلبهم أحكام قضائية، في قضايا تتعلق أغلبها ب"العنف والتحريض عليه والإرهاب ودعمه". مطلوبون تحتضنهم تركيا من بين من تحتضن تركيا، محمود عزت نائب المرشد العام لجماعة الإخوان والمحكوم عليه بالإعدام في قضيتي "التخابر" و"اقتحام السجون"، ومحمود حسين الأمين العام للجماعة، وصلاح عبد المقصود، وزير الإعلام في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، ومحمد محسوب نائب رئيس حزب الوسط السابق، وعمرو دراج القيادى بحزب الحرية والعدالة "المنحل"، ومجدي سالم القيادي بحزب البناء والتنمية، وخالد الشريف الناطق باسم حزب البناء والتنمية، ومراد غراب القيادى بحزب الفضيلة. أيضًا تأوي تركيا ممدوح إسماعيل البرلماني السابق عن حزب الأصالة السلفي، والدكتور محمد عبد المقصود الداعية السلفي، وإيهاب شيحة رئيس حزب الأصالة، والمهندس محمود فتحي بدر رئيس حزب الفضيلة السلفي والإعلاميين معتز مطر، ومحمد القدوسي، وباسم خفاجي المالك السابق لقناة "الشرق"، والداعية السلفي المتشدد وجدي غنيم. سيف مصالح السياسة يذبح القانون الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية قال ل"التحرير" إنَّ القانون الدولي حدَّد الأطر القانونية لكيفية استراد وتسليم المتهمين بين الدول. وأضاف أنَّ كافة الدول تغلب مصالحها السياسية على اعتبارات العدالة والقانون فيما يخص تسليم المجرمين حتى وإن صدر حكم نهائي بتسليمه، مستشهدًا بأنَّه قبل ثورة 30 يونيو لم تكن هناك اتفاقية لتسليم المجرمين بين مصر وقطر ورغم ذلك كان هناك تعاون في تسليم المجرمين . وكشف سلامة أنَّ القانون الدولي يحظر في كل الأحوال أن يتم تسليم المطلوبين للدول في حالة ارتكابهم جرائم سياسية وهو السبب وراء المشكلات حول توصيف ماهية "المشكلات السياسية". وأشار إلى أنَّ أشهر قرارات مجلس الأمن بشأن اتخاذ إجراءات محددة لمكافحة الإرهاب القرار رقم 1373 الذي صدر في 28 سبتمبر 2001 عقب "أحداث 11 سبتمبر"، ويلزم الدول بالتعاون لمكافحة الإرهاب عن طريق عدة طرق، أبرزها تجفيف مصادر التمويل المالي للجماعات الإرهابية، وتبادل المعلومات والبيانات عن الجماعات الإرهابية، وحظر استخدام الدول لإقليمها لاحتضان الجماعات والتنظيمات الإرهابية والتعاون بين الدول في استرداد وتسليم العناصر الإرهابية. أوباما وأردوغان على التليفون وأمس الثلاثاء، أعلن البيت الأبيض أنَّ الرئيس الأمريكي باراك أوباما بحث في مكالمة هاتفية مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، قضية تسليم "فتح الله جولن" الذي تتهم السلطات التركية بالضلوع وراء "المحاولة الانقلابية". وذكرت مصادر في الرئاسة التركية أنَّ أوباما أعرب لأردوغان، خلال الاتصال، وقوف بلاده إلى جانب "الديمقراطية" في تركيا، مجدِّدًا إدانته لمحاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا، الجمعة الماضي. تسليم جولن وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست - في الموجز الصحفي اليومي من واشنطن - إنَّ الإدارة الأمريكية تلقت طلبًا تركيًّا رسميًّا لتسليم جولن. وأضاف أنَّ أوباما أعرب - خلال مكالمته الهاتفية مع أردوغان - عن التزام الولاياتالمتحدة القوي بدعم الحكومة المدنية المنتخبة في تركيا، متعهدًا بتقديم أي مساعدة إلى أنقرة التي تتولى التحقيق لمعرفة تفاصيل ما حدث بالضبط. وكشف إرنست أنَّ الإدراة الأمريكية كانت قد تلقت طلبًا رسميًّا من الحكومة التركية لتسليم جولن بحسب اتفاقية تبادل المطلوبين بين البلدين والتي تمَّ توقيعها قبل 30 سنة من قبل حكومتي البلدين في ذلك الوقت. ولفت إلى أنَّ أوباما شدَّد لأردوغان على أنَّ "الولاياتالمتحدة لا تدعم الإرهابيين، أو الأفراد الذين يتآمرون من أجل إسقاط الحكومات المنتخبة ديمقراطيًّا". وبحسب إرنست، فإنَّ موظفين في وزارتي الخارجية والعدل يدرسون ويراجعون الوثائق التي قدمتها تركيا لاتخاذ قرار يتلاءم مع بنود الاتفاقية الموقعة بين البلدين والمتعلقة بهذا الأمر. انقلاب واتهام وكانت محاولة انقلاب فاشلة قادها عدد من قوات الجيش التركي، حيث أعلن بيانٌ لهم -أذاعوه على التليفزيون الحكومي التركي بقوة السلاح- السيطرة على حكم البلاد، وظهر بعد ذلك أردوغان على إحدى القنوات الفضائية -عبر سكايب- يدعو الشعب للنزول للشارع لمواجهة "الانقلابيين"، وهو ما نجح وأسفر عن استعادة الحكومة المنتخبة السيطرة على الأمور، واعتقال الآلاف من المتورطين في "الانقلاب الفاشل". وتصف السلطات التركية منظمة "فتح الله جولن" - المقيم في الولاياتالمتحدة الأميركية منذ عام 1998- ب "الكيان الموازي"، وتتهمها بالتغلغل في أجهزة الدولة، لا سيَّما في الشرطة والقضاء والجيش.