ضريبة جديدة يطالب البعض بفرضها على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة في مصر، وذلك من منطلق أن تلك المواقع تضم ملايين المستخدمين المصريين ويتم بث إعلانات من خلالها بمليارات الجنيهات، فهي سوق بكر وبدون منافس ويصب ذلك مباشرة لصالح الشركات المالكة لتلك المواقع أو بعض الوسطاء المستفيدين، دون فائدة للدولة أو المستخدم سوى الاستهلاك. حيث أقام المحامي محمد حامد سالم السيد سالم، مؤخرًا دعوى قضائية تطالب بتعليق نشاط مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، وعلى رأسهم "فيسبوك" لإجبارهم على الترخيص داخل مصر وتحصيل ضرائب على إعلاناتهم. وقال سالم في الدعوى التى تقدم بها لنائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محكمة القضاء الإداري، وحملت رقم 79798 لسنة 68 ق القضاء الإداري: "فيسبوك وتويتر يحققان أرباح خيالية بالمليارات من بث الدعاية والإعلانات المصرية والأجنبية، على الموقعين وعرضها على المستخدمين داخل مصر، ولا يتم تحصيل أي نوع من أنواع الضريبة أو الرسوم على الأنشطة التجارية نتيجة نشاطهما الدعائي على الموقعين داخل مصر وهو ما يهدر المليارات على الدولة المصرية والعجيب سماح الدولة لهما بذلك دون ترخيص رسمي منها". وأضاف في دعواه المقامة ضد رئيس مجلس الوزراء، ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ورئيس الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات: "ليس من المنطق أن تترك الجهة الإدارية فيسبوك وتويتر داخل مصر دون ترخيص ودون التحقق من الشخصيات الحقيقية للمستخدمين سواء أفراد أو أشخاص اعتبارية خاصة، لأن تأثيرهما كوسيلة نشر أصبح مثل الفضائيات والصحافة والكتب وجميعهم يخضعون لرقابة الحكومة ولقوانين الصحافة والملكية الفكرية والاستثمار وغيرها". يأتي ذلك في الوقت الذي انتشرت فيه أنباء من مصادر بوزارة المالية تؤكد إجراء دراسات في الوقت الحالي لبيان إمكانية تحصيل الحكومة ضريبة من الشركات التي تعمل في مصر ولها علاقة كبيرة بالمحتوى، وهي الشركات التي تعمل في مجالات بالمليارات ولا تحقق منها الدولة أي استفادة مباشرة أو غير مباشرة . فيما أكدت مصادر بوزارة المالية ل"التحرير" أنه ليس هناك أي علاقة للمواطن بالضريبة التي يتم دراستها بخصوص مواقع التواصل الاجتماعي، وفي حال تطبيق ضريبة جديدة فإنها ستكون على الشركات صاحبة الفائدة وليس المواطن المستهلك، نافيًا إدراج تلك المواقع تحت بند ضريبة القيمة المضافة. فيما قال خالد البرماوي الخبير في الإعلام الرقمي، إن فكرة تحصيل ضريبة على مواقع التواصل الاجتماعي لصالح الدولة من حيث المبدء منطقية، ويجب دراستها من قبل كافة الجهات المعنية، الضرائب أو شركات التكنولوجيا ووزارة الاتصالات، لأن الموضوع فني في الأساس وليس له علاقة بالسياسة . وأضاف البرماوي أن الشركات تحقق أرباح من السوق المصري ومن الطبيعي طالما بتقدم خدمة وبحصل على مقابل سواء كانت إعلانات أو محتوى مدفوع، فمن المنطقي أنها تدفع ضريبة أو رسوم للحكومة المصرية، وهذا يجب أن يكون بالتوافق لأن تلك الشركات الكبيرة تعمل بشكل افتراضي، والحكومة المصرية لا تستطيع التحكم فيها. وطالب الخبير بإجبار الشركات الكبيرة مثل "جوجل" و"فيسبوك" بالإعلان عن حجم أرباحهم في مصر، ومن ثم يتم تشريع قوانين لكي تستطيع الدولة تحصيل ضرائب بها من تلك الشركات . وأشار البرماوي إلى أن مصر ليست الدولة الأولى التي تسير في هذا الاتجاه، حيث فرضت بريطانيا ضرائب على جوجل، كما طالبت إيطاليا جوجل 2.5 مليار يورو، وفرنسا طالبت ب 1.6 مليار يورو مع جوجل، لافتا إلى أن الاتحاد الأوروبي بصدد إصدار تشريع قانوني لإجبار الشركات التي تعمل على البيئات التخيلية أن تعلن عن إيراداتها وأرباحها وعملائها الفعليين. وأكد أن تحصيل الدولة ضريبة من تلك المواقع سوف يحقق فارقا جيدا لصالح الإعلام وصناعته حول العالم خاصة وأن تلك المواقع سببت ضغطا على صناع المحتوى الرقمي في الفترة الأخيرة باستحواذها على حصة كبيرة من الإعلانات التي هي في الأساس نتاج جهد صناع المحتوى . فى وقت سابق من هذا العام شنت المفوضية الأوروبية حملة شركة على جوجل واتهمتها بالاحتكار، وشن الاتحاد الأوروبى الحرب على جوجل بسبب التطبيقات المثبتة مسبقا على هواتف أندرويد، مما دفعها لإجراء تحقيق لمعرفة مدى استغلال جوجل لمكانتها فى عالم الهواتف الذكية بفضل امتلاكها لنظام أندرويد، لتضييق الخناق على المنافسين، وفى حالة إثبات استغلال جوجل لنظام أندرويد، فسيتم فرض غرامة تصل إلى 10% من المبيعات السنوية لعملاق محركات البحث، وهو ما يعنى أنها ستدفع حوالى 7.45 مليون دولار بسبب وصول أرباحها إلى 74.5 مليار دولار خلال العام الماضى. وكانت مداهمة فرنسا لجوجل جعلت هناك رغبة من الدول الأوربية الأخرى للقيام بهذه الخطوة من أجل أن تحصل على حقها الضريبى من عملاق التكنولوجيا، وقامت السلطات الأسبانية بمداهمة مكاتب شركة جوجل فى مدريد فى إطار تحقيق يتعلق بسداد الضرائب، وتم اتباع نفس الإجراءات مع المقرات والتحفظ على أجهزة الشركة. فيما أكد أشرف العربي رئيس مصلحة الضرائب الأسبق وعضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، أن الحكومة بعيدة منذ سنوات طويلة عما يحدث في الفضاء الإلكتروني ولا تدرى شيئًا عن تلك المليارات التي تتحرك داخلها وتُحول إلى الخارج دون أن تملك معلومة واحدة عنها، مشيرا إلى أن دول العالم تتبع أسلوب صارم في التعامل مع شركات التكنولوجيا العملاقة لتحصيل الحقوق الضريبية المستحقة وهو الأمر الذي لا تزال مصر بعيدة عنه. وفي ظل عدم امتلاك مصر آليات لمنع الإعلانات فقط على تلك المواقع أو الضغط على إدارتها للاستجابة لمطالبها، وبالتأكيد عدم وجود رغبة لتلك الشركات العملاقة بالخروج من سوق فيه أكثر 90 مليون مواطن، وما يزيد عن 30 مليون مستخدم لفيسبوك، و45 مليون مستخدم للهواتف الذكية، يبقى السؤال هل تلجأ الحكومة لإغلاق مواقع التواصل الاجتماعي إذا امتنعت تلك المواقع عن سداد ضرائب مقابل عملها في مصر؟.