«الإنجاز» الوحيد لجماعة الشر الإخوانية أنها استطاعت خلال عام واحد من حكمها الفاشى، أن توحد الشعب كله فى مواجهتها. ولعل المشهد البائس للرئيس المعزول مرسى فى أيامه الأخيرة وهو يقف فى الصالة المغطاة باستاد القاهرة وليس معه من أطياف الأمة إلا بعض عواجيز الإرهاب ودعاة الفتنة، هو المشهد الكاشف لما جرى.. حيث تحول الرئيس الذى تم انتخابه ليكون رئيسا لكل المصريين، إلى مجرد واجهة لهذه العصابة الإرهابية التى تريد الهيمنة على مصر وتغيير هويتها، والتى تقف وحدها فى مواجهة شعب بأكمله كان خروجه فى 30 يونيو بهذه الصورة العبقرية هو التجسيد الحقيقى للشرعية فى أعظم صورها، حين تكون تعبيرا عن إرادة الملايين. وإذا كان «الإنجاز» الوحيد لجماعة الإخوان وحكمها الفاشى هو توحيد الشعب فى مواجهتها، فإن مهمتنا الآن هى الحفاظ على هذه الوحدة حتى نمر من هذه الفترة الصعبة، خصوصا أن جماعة الشر ما زالت ترفض الخضوع لإرادة الشعب، وأنها تريد باستخدام الإرهاب والعنف أن تعطل المسيرة، وتتوهم أنها قادرة على استحضار النموذج السورى وإغراق البلاد فى حمامات الدم، وتراهن على دعم أمريكى وإسرائيلى أوصلها يوما إلى الحكم، وتريده الآن أن يعيدها إليه رغم إرادة الشعب. نثق تماما بأن شعبنا قادر على دحر المؤامرة، وأن الملايين التى خرجت لتسقط الفاشية وتستعيد الثورة، قادرة على المضى فى طريقها وتجاوز هذه الفترة الصعبة. وهنا ينبغى أن ينتبه الجميع إلى أن الأخطاء التى وقعت بعد ثورة يناير لا ينبغى مطلقا أن تتكرر، وأن كثيرا من المحاذير ينبغى أن تكون أمامنا ونحن نتعامل مع ظروف بالغة الدقة والتعقيد. ■ إن ما ظهر من ارتباك فى إدارة الأمور كما شاهدنا فى الإعلان الدستورى أو تشكيل الحكومة ينبغى أن يتوقف. إن الحسم مطلوب، والمهام الموكولة للحكومة المؤقتة واضحة، والترتيبات الدستورية للعملية الانتقالية ليس عليها خلاف. وإذا كان غياب الرؤية السياسية الواضحة وراء ما وقع من ارتباك، فلعل تعيين نائب الرئيس وتشكيل الحكومة يكون بداية لمعالجة هذا الخلل. ■ مع كل التقدير للجميع.. فلا معنى لأن يبقى فى الصورة «بأى شكل من الأشكال» من ورطونا بعد ثورة يناير فى المسار الكارثى الذى انقدنا إليه، ومن باعوا الثورة للإخوان ومكنوهم من الحكم. ■ على كل الفرقاء السياسيين أن يدركوا أن الشعب هو الذى استعاد ثورته، وهو الذى أنقذ الوطن وأسقط حكم الإخوان الفاشى. وعلى الجميع أن يتصرفوا بمسؤولية وبعيدا عن الصراعات الصغيرة. فالخطر ما زال كبيرا، ومهمة الإنقاذ تستدعى التضحية من الجميع. ■ لا يعنى ذلك مطلقا أن نخضع لابتزاز فريق أو لفرض شروط. ولكنه يعنى أن يدرك الجميع أن الخلاف فى الرؤى سيظل موجودا، ولكن المهم أن نتوافق على برنامج وطنى لتحقيق أهداف الثورة، وأن نكون مستعدين للتفاهم والوصول إلى حلول مقبولة لما نختلف عليه، وأن يستوعب الجميع الدرس مما فعله حكم الإخوان حين وضع مصلحة الجماعة فوق مصلحة الوطن.. فكان سقوطه المحتوم هو السبيل لإنقاذ الوطن. ■ المصالحة الوطنية هدف عظيم.. ولكنها لا يمكن أن تشمل من يمارس الإرهاب ضد الشعب، ومن يسعى للحرب الأهلية -ومن يهددنا بمصير سوريا- ومن يتآمر ضد جيش مصر الوطنى لأنه انحاز لإرادة الشعب، ومن يرتكب جريمة الخيانة العظمى باستدعاء التدخل الأجنبى ويحاول التمهيد له بإهدار دماء المصريين. محاسبة هؤلاء على جرائمهم هى وحدها التى تفتح الباب للمصالحة الحقيقية. وأظن أن شباب «الإخوان» هم أول من يدرك هذه الحقيقة ومن يسعى للعودة لأحضان الوطن!